يفتتح يومه الخميس 10 مارس على الساعة السادسة مساء برواق «ضفاف» بالرباط معرض تشكيلي للفنانة المغربية / الفرنسية أسماء الورياشي بعنوان «أحلام نساء» بمبادرة من مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج.. ويستمر هذا المعرض، الذي يصادف الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة، إلى غاية 11 من أبريل القادم..
وأسماء الورياشي، ذات الأصول الريفية، حيث ولدت في منطقة بني سيدال في أعالي جبال الريف، فنانة وأستاذة في الفنون التشكيلية استقرت في مدينة نانسي الفرنسية منذ سنة 2008. وعرضت أعمالها الفنية في إطار معارض فردية أو جماعية في العديد من الدول من بينها تونس والجزائر وفرنسا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ وألمانيا والمغرب …
يعكس معرض «أحلام نساء» المسيرة الذاتية والموضوعية للفنانة أسماء الورياشي، ويتوزع على ثلاث مستويات: «نساء بالحيك»، «صور ظلية» و»المرأة الحرة».
فالمعرض إذن معد أساسا وحصريا عن النساء وأحلامهن.. عن قضاياهن ومعاناتهن، سواء حقيقة أو مجازا.. من خلال التعاطي مع الجسد، والظل، وقيمة الحرية.. والحق في التعبير بالكلمة والصورة.. هو عمل أو مجموعة أعمال اختارتها الفنانة الورياشي للبوح بما يخالجها وما عاشته هي والنساء اللواتي يشبهنها.. سواء في الواقع أو في الحلم والأفق، أو في الخصوصيات والتميز والحق في الوجود والحق في المناصفة والمساواة بين سائر البشر…. فالجسد، يقول الكاتب رحيم فائق، يظل رمزًا يساعد على تحصيل هاته المساواة من خلال رؤية الآخر، ولذلك فالسبيل الأنسب لبلوغ هذا المراد هو التعبير عن طريق الفن.. هو أسلوب صامت لا محالة، لكنه جد واضح.. ويضيف رحيم فائق بخصوص التوزيع الموضوعاتي للوحات في ورقة أعدها لهذا المعرض، مركزا على ثلاثة محاور:
المحور الأول يتعلق بالحايك، ذاك الزي التقليدي الذي اشتهر عند نساء الشرق، زي مرصع بالجواهر البربرية والذي يعتبر مرجعا لطفولتهن الريفية إلى غاية ظهور ما يسمى بالملابس الناعمة.
أما المحور الثاني فهو إبداع تجريبي مستوحى من أجساد نسائية تستحضر المرأة الوجدية بلباسها، الحايك. هذا التركيب يجمع ثلة من الصور الظلية والخيطية المعلقة. مستشهدا بتصريح للفنانة أسماء: «لقد خلقتها فاتنة، مثيرة، ومرتدية لأشياء تقليدية ومجوهرات تزينت بها النساء الحسناوات والحسيات».
أما المحور الثالث فهو الحرية، إذ أثار إنجازها الأخير رغبة جلية في «التمرد على التقاليد من خلال نهج أسلوب حرية التعبير باتباع عملها وكفاحها كامرأة وفنانة» يؤكد الكاتب رحيم فائق..
إذن، يضيف ذات الكاتب، «نكتشف من خلال هذا العمل وجود خصوصية معينة، نظرة تائهة إلى ما لا نهاية، تظهر لنا منحنى ظهر عارية كإشارة تعبيرية عما بين الكلمات… في هذه السلسلة المكونة من 12 لوحة تنخر «أحلام نساء» فكرة بناء نوعية جديدة من المجتمع، نفهم حينها مدى إمكانية انتقال أسماء من الخيال إلى الواقع».
ويختم رحيم فائق ورقته بالتأكيد على أن «رسالة الفنان ليست واضحة المعالم، إبداعه التشكيلي يمحي القراءة المبسطة أو خمول المتلقي. عكس ذلك فهي رسالة تزيد من القيمة التخمينية للفنان وتعزز جهوده المبذولة من أجل نشر الوعي».
ومن جانبها، وفي حديثها عن منجزها التشكيلي، تعتبر الفنانة أسماء الورياشي أنه يصعب عليها تصنيف تجربتها ضمن أسلوب خاص بها، أو تيار فني معين، نظرا لكون التجربة متواصلة في الزمن وغير متوقفة.. وتخضع للتطور يوما بعد يوم.. وأضافت في حوار أجرته معها الأستاذة فتيحة أملوك القيمة على المعرض، بأن مسألة التصنيف وإن كانت موكولة للنقد وللبحث الأكاديمي، فإن سياق الفن المعاصر هو العنوان الأبرز لتجربتها الفنية..
«فالأشكال الخارجة عن المعهود التقليدي توجه اختياراتي» تقول الفنانة الورياشي،. ومع ذلك، تضيف، فأنا جزء من هذا الجيل الذي يطلق العنان لخياله ليبني بإيماءة تلو الأخرى سيمفونية من الألوان والأشكال لتحقيق إنجاز ملتزم. دائمًا ما تلتقط رحلتي الفنية والمفاهيمية، الماضي والاضطرابات التي عرفها». كما «ساهم النفي الاختياري أيضًا في بناء أنماط جديدة للاستكشاف»…
وبخصوص علاقتها بالمرأة والجسد واختياراتها الفنية التي تنتصر في عمومها للأنثى، تقول الورياشي: يحاول عملي أن يظهر أن المرأة قد تطورت في جميع المجالات وأنها لم تعد قادرة على أن تكون (وراء كل رجل مشهور…) بل إلى جانبه لتتحمل بعض المسؤوليات… أنا أؤمن بشدة بوعي عام وتغيير في العقليات في العقود القادمة».
وبارتباط مع تيمة الجسد وقيمة التعري تؤكذ الفنانة الورياشي أن المرأة من خلال العمل الفني و»من خلال هذا التعري هي سيدة جسدها، وأنني سيدة جسدي». مبرزة أنه «تعبير فني حالم لتحقيق الحرية الرمزية».. ولعل هذا النهج «مرتبط بتطور إبداعاتي».
وفيما يشبه صرخة البوح، تقول الفنانة المتمردة: «اليوم أجرؤ على زعزعة التقاليد من خلال إظهار أجساد عارية، ناعمة بالتأكيد.. ولكن آمل أن يتم في يوم من الأيام رؤية المرأة وتقديرها كإنسان حر تفتخر باكتساب حقوقها».
الحسين الشعبي