إفريقيا ليست قاصر

هل وصل صمود نادي الوداد في  دفاعه عن حقه المسلوب إلى الباب المسدود؟ وهل استنفدت إدارته كل مراحل التقاضي؟ وهل مازال أمامه باب لم يطرقه أملا في الإنصاف؟ إيمانا بمقولة ما ضاع حق من ورائه طالب، وهل هناك من معنى أن تواصل الوداد مطاردة السحاب، في ظل واقع لا يرتفع، كرس بوضوح لمن يريد أن يفهم أن هناك فسادا مستشريا لا يمكن محاربته بسهولة عن طريق  رفع الشعارات العريضة، وإلقاء الخطب الرنانة وتوزيع المتمنيات الواسعة.
أسئلة وغيرها كثير،  تخطر على بال كل متتبع احترق قلبه على ما تعرضت الوداد من ظلم فادح أمام الترجي  ذهابا وإيابا، وهو النادي التونسي الذي يتباهى مسؤولوه أنهم يتحكمون في شؤون كرة القدم الإفريقية، ويسخرون كل شيء من أجل خدمة ناديهم.
القرار الأخير للجنة الاستئناف التابعة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم والقاضي بتأييد حكم لجنة الانضباط، ورفض مطلب الوداد الذي كان يأمل باسترجاع حق ضائع، ذهب في اتجاه تكريس واقع الفساد، قرار أخلف موعدا مع التاريخ كان من الممكن أن يشكل سابقة على الصعيد الدولي، برفض أمر فرض بقوة فوق أرضية الملعب، واتخاذ قرار منصف يحفظ للرياضة هدفها النبيل والأسمى.
فالوداد طالب بحلين لا ثالث لهما، أما صدور قرار بإعادة مباراة الإياب بملعب محايد، كما أقر ذلك المكتب التنفيذي للكاف، وهو مجرد حل وسط، يمكن القبول به على مضض،  أو منحها اللقب بناء على مجموعة من المعطيات، تؤكد بالملموس أن الوداد تعرضت لظلم فادح، إلا أن القرار جاء غير منصف تماما، بل صادما إلى أبعد الحدود.
ما أجمعت عليه لجان الكاف التي يقال أنها مستقلة من قرار، عارض جملة وتفصيلا ما صدر عن المكتب التنفيذي، ليتأكد أن لوبي الفساد أقوى من جماعة أحمد أحمد، حيث تم فرض الأمر الواقع، ليتأكد بالملموس والدلائل الدامغة، أن اجتفاف بؤر الفساد داخل القارة  لا زال هدفا بعيد المنال، يتطلب سنوات من التعبئة والحرب الضروس قصد القضاء عليه، بدعم ومساندة من شرفاء القارة وضمائرها الحية.
انتهت الحكاية إذن بمنح اللقب للترجي،  واعتبار الوداد منسحبا، كما جاء في رواية الحكم الغامبي غاساما، وما يؤكد أن القرار غير مكتمل، هو تفادي إصدار عقوبة التوقيف في حق الوداد، فأي فريق يتأكد انه بالفعل منسحبا من الملعب، يتم توقيفه مباشرة على الأقل سنتين، فلماذا لم يتم اتخاذ مثل هذا القرار، إذا كان كانت اللجان القضائية بريئة وعادلة في أحكامها.
وتماما كما جاء على لسان رئيس الفيفا ايفانتينو أن هدف وليد الكرتي صحيح 100%، وتسبب في مشاكل للكرة الإفريقية حتى إن بطل إفريقيا لم يعرف لحد الآن، والترجي لا يستحق أن يمثل إفريقيا في مونديال الأندية بتتويجه بتلك الطريقة، فهل هناك من شهادة أبلغ مما جاء على لسان رئيس الفيفا نفسه؟
الآن يمكن أن يفهم لماذا قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم، فرض وصاية على جهاز الكاف، ولماذا قرر الإشراف المباشر على تصفيات كأس العالم بالقارة الإفريقية، بعدما كان يمنح صلاحية الإشراف عليها للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، خوفا كما قال إنفانتيو، من حدوث مشاكل جديدة تضر بسمعة الاتحاد الدولي أو الكاف.
ومع ذلك لابد من القول أن إفريقيا ليست قاصر كما يعتقد الكثيرون، بل هناك  الجهات من داخلها لا زالت تدفع في تقديم نماذج عن أفارقة للأسف من بقايا الاستعمار ، صحيح أن الوداد أدت الثمن غاليا، لكنها أكدت للعالم أن رفض الظلم من شيم الأحرار،  مهما كانت ضريبة هذا الرفض مكلفة.

الروحلي محمد

Related posts

Top