كشفت دراسة حديثة، أن ما يقارب اثنين من كل خمسة موظفين في أوروبا يعانون من مخاطر ضعف الصحة النفسية، ما يسلط الضوء على تحديات متزايدة تواجه القوى العاملة في القارة. ووجدت أيضا أنه من العوامل المساهمة في ذلك، الجنس والعمر والحالة الاجتماعية والاقتصادية، فكيف ذلك؟
تثير الدراسة التي نشرتها شركة “تيلوس هيلث” (TELUS Health) عن الصحة النفسية للموظفين في ست دول أوروبية تساؤلات حول المسؤولية المتعلقة بالحفاظ على الصحة النفسية في بيئة العمل.
فبينما يعتبر البعض، أن الموظف هو المسؤول عن صحته النفسية، يرى آخرون أن هناك دورا كبيرا للجهات المشغلة في توفير بيئة عمل صحية تدعم رفاهية الموظفين.
وتظهر نتائج الدراسة، أن العديد من الموظفين في دول مثل إسبانيا وبولندا وإيطاليا يعانون من مخاطر متزايدة على صحتهم النفسية، حيث سجلت هذه الدول نسبا مرتفعة من الموظفين المعرضين للخطر.
في المقابل، سجلت هولندا أقل نسبة من الموظفين المعرضين لهذه المخاطر، ما يثير تساؤلات عن الفروق في السياسات والإجراءات المعتمدة من قبل الشركات في تلك البلدان.
العوامل التي تحدد حالة الصحة النفسية
هناك ثلاثة عوامل رئيسية تحدث فرقا بالفعل. العامل الأول هو في الأساس حالة البلاد. وأشارت بولا ألين، القائدة العالمية ونائبة رئيس قسم الأبحاث والرؤى في “تيلوس هيلث” في حديثها مع “يورونيوز” إلى تأثير القرب الجغرافي لبولندا من أوكرانيا التي تخوض حربا مع روسيا.
كما يمكن للاختلافات في الثقافة والبنية التحتية أن تلعب دورا في هذا الموضوع، بالإضافة إلى الجنس والعمر والوضع الاجتماعي والاقتصادي. إذ سجلت النساء مثلا درجات في الصحة النفسية أقل من الرجال بأكثر من خمس نقاط.
وأشارت ألين إلى الفوارق بين الجنسين من حيث الموارد المالية والتوظيف وتقسيم العمل. وأضافت: “نحن نعلم الآن بوضوح شديد أن هناك اختلافا شديدا في الطريقة التي يستجيب بها النظام الصحي للرجال والنساء. وأشارت إلى أن النساء أكثر عرضة للتجارب السلبية مع مقدمي الرعاية الصحية، وإلى عدم الاعتراف بالمشاكل الصحية التي تعاني منها النساء مثل بطانة الرحم المهاجرة (نمو النسيج المبطن للرحم خارج الرحم) وانقطاع الطمث.
الصحة البدنية والسلامة المالية.. عاملان يؤثران على الصحة النفسية
وجدت الدراسة الاستقصائية،أن الموظفات اللاتي قلن إنهن يمارسن الرياضة غالبا ما كانت صحتهن النفسية أفضل.
ومع ذلك، لم يشارك أكثر من موظف واحد من أصل 10 موظفين في أي نشاط بدني، مما أدى إلى خسارة ما يقرب من ثلاثة أيام عمل إضافية سنويا. وكانت درجات صحتهم العقلية أقل بنحو 10 نقاط. وارتبط الجلوس أو الخمول لمدة ست ساعات أو أكثر في اليوم الواحد بضعف الصحة النفسية.
وتوصي منظمة الصحة العالمية (WHO) حاليا بممارسة نشاط معتدل القوة لمدة ساعتين ونصف الساعة إلى 5 ساعات أسبوعيا.
كما كان العاملون الذين لا يملكون مدخرات طارئة أكثر عرضة للإصابة بالقلق أو الاكتئاب بمقدار ثلاثة أضعاف.
هل تتحمل الشركات مسؤولية؟
أكدت ألين على الدور الهام الذي يلعبه أصحاب العمل في دعم رفاهية الموظفين، مشيرة إلى أن الخدمات التي يقدمونها يمكن أن تؤثر بشكل واضح. وبينت أن على الشركات تصميم بيئة عمل تتماشى مع إرشادات الصحة والسلامة المهنية لتقليل المخاطر التي يتعرض لها الموظفون على الصحة البدنية والعقلية على حد سواء.
كما يمكنهم أيضا اتخاذ خطوات لتعزيز الصحة البدنية والعقلية للموظفين من خلال مبادرات مثل برامج التدريب، والإرشاد الصحي وإدخال ذلك في ثقافة الشركة.