نظم الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM)، أول أمس الثلاثاء، في الرباط منتدى المقاولات الصغرى والمتوسطة الإفريقية، على هامش فعاليات المنتدى الأفريقي للاستثمار -أيام السوق، الحدث البارز الذي ينظمه البنك الإفريقي للتنمية (BAD).
يندرج هذا المنتدى في سياق استمرارية حوار هيئات رجال الأعمال الأفارقة، الذي عُقد في الدار البيضاء في أكتوبر 2022. ويهدف المنتدى إلى تعزيز الاندماج الاقتصادي للقارة، من خلال تقديم حلول مبتكرة ومستدامة لتسريع وتيرة التصنيع الإفريقي، مع استغلال الفرص التي توفرها منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF). وقد جمع المنتدى وفودًا من المقاولات الصغرى والمتوسطة من حوالي عشرين دولة إفريقية، بالإضافة إلى شركاء استراتيجيين من القطاع العام ومن الممولين، حيث عبر جميعهم عن التزامهم بتنمية واندماج الاقتصادات الإفريقية.
تميزت الجلسة الافتتاحية للمنتدى بمداخلات لكل من: يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات بالمغرب، شكيب العلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، سولومون كوينور، نائب رئيس البنك الإفريقي للتنمية المكلف بالقطاع الخاص والبنية التحتية والتصنيع، وماتيو باتروني، نائب رئيس قطاع البنوك في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (BERD).
تلت هذه المداخلات جلسة عامة بعنوان “الابتكار والتصنيع المشترك: بناء سلاسل قيمة تكاملية”، جمعت شخصيات بارزة من القطاع الخاص الإفريقي وممثلين عن مؤسسات مالية كالبنك الإفريقي للتنمية (BAD)ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، إلى جانب رؤساء فدراليات قطاعية التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، ويتعلق الأمر بفدرالية صناعة السيارات، الفيدرالية الوطنية للكهرباء والإلكترونيات والطاقات المتجددة (FENELEC)، الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة (AMITH)، والفدرالية الوطنية للصناعات الغذائية (FENAGRI).
في كلمته له خلال المنتدى، صرح شكيب العلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب: ” وجودنا هنا يعكس طموحنا المشترك لقارة إفريقية مزدهرة، ذات سيادة قادرة على الاندماج الفعّال في سلاسل القيمة العالمية. قارة قادرة على تحويل مواردها الهائلة إلى روافع للتنمية المستدامة. رغم ذلك، لا تساهم إفريقيا اليوم سوى بنسبة 1,9% من الإنتاج الصناعي العالمي. كما أن التجارة البينية الإفريقية لا تمثل سوى حوالي 15% من حجم المبادلات التجارية للقارة، وهو رقم بعيد كل البعد عن نظيره في آسيا (58%) أو أوروبا (68%)”.
وأضاف العلج: “إن تحقيق التنمية الاقتصادية لإفريقيا لا ينفصل عن التزام جماعي ورؤية مشتركة. ويشكل هذا المنتدى فرصة فريدة لتعبئة طاقاتنا، وتعزيز شراكاتنا بين القطاعين العام والخاص، وبين القطاع الخاص والممولين، من أجل إفريقيا ليست متفرجة على العالم، بل فاعلة رئيسية في رسم مصيرها. وفي هذا الإطار، يُعد المغرب، بفضل موقعه الاستراتيجي والإنجازات الاستثنائية التي تحققت خلال الخمسة وعشرين عامًا الماضية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، منصة مثالية لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة من مختلف أنحاء القارة”.
وقد شهد المنتدى تقديم نتائج دراسة مهمة أنجزها الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بالتعاون مع البنك الإفريقي للتنمية، وقدمها عبدو ديوب، رئيس لجنة إفريقيا التابعة للاتحاد.
قدمت الدراسة تحليلا عميقا حول أشكال التكامل بين سلاسل القيمة في الدول الإفريقية، مركزة على قطاعات رئيسية مثل: السيارات، النسيج، الصناعات الغذائية، الكهربائية، والإلكترونية. كما حددت الروافع اللازمة لتفعيل وأجرأة مشاريع صناعية تكاملية، مع التأكيد على الدور الحيوي للحكومات، القطاع الخاص، والممولين. ومن أبرز هذه الروافع:
- تقوية سلاسل القيمة الإفريقية، من خلال دمج المقاولات الصغرى والمتوسطة ضمن منظومات إقليمية.
- الترويج لمنتجات “صنع في إفريقيا”، بحيث تكون تنافسية ومبتكرة تلبي متطلبات واحتياجات الأسواق المحلية والدولية.
- تطوير البنية التحتية اللوجستيكية والطاقية، التي تمكن من تيسير المبادلات بين الدول الإفريقية وتعزيز تنافسية المقاولات.
- إيجاد أدوات تمويل مبتكرة ومتاحة تلبي احتياجات المقاولات الصغرى والمتوسطة. وجدير بالذكر أن الجهات الممولة، مثل البنك الإفريقي للتنمية (BAD)، البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (BERD)، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، قد التزمت، من خلال مداخلاتها، بتعبئة موارد مالية وتقنية لمواكبة هذه المقاولات الإفريقية، بهدف ظهور أبطال اقتصاديين على المستوى القاري، وبتقوية الاندماج الاقتصادي والصناعي للقارة.
- الاستثمار في تكوين الكفاءات لتزويد الشباب الإفريقي بالكفاءات اللازمة للتعامل مع الاقتصاد المستقبلي.
- ملائمة التشريعات وتسهيل الوصول إلى المعلومات لتوفير بيئة أكثر ملاءمة للمبادلات التجارية والصناعية.
تميز الحدث أيضا بعقد جلسات قطاعية استراتيجية شملت مجالات السيارات، الصناعات الغذائية، الكهرباء، الإلكترونيات، والنسيج. وخلال هذه الجلسات، تمت مناقشة الفرص الفعلية التي كشفتها الدراسة، في أفق بناء مشاريع صناعية مندمجة في هذه القطاعات.
لقد شكل منتدى المقاولات الصغرى والمتوسطة الإفريقية فرصة فريدة لتعزيز الشراكات بين مكونات القطاع الخاص، وبين القطاعين العام والخاص، وأيضا بين المقاولات والممولين، من أجل التقدم نحو مستقبل يشكّل فيه كل من: التكامل الصناعي واللوجستيكي، التجارة البينية الإفريقية، الابتكار، والاستدامة، محركات لازدهار القارة.