التعافي التدريجي من كورونا يرفع قروض الاستهلاك في المغرب

ساهم التعافي التدريجي لمعظم القطاعات الاقتصادية في استفادة شركات التمويل المدرجة في البورصة المغربية من انتعاش الطلب على قروض الاستهلاك خلال النصف الأول من هذا العام بعد التراجع الكبير الذي سجل العام الماضي بسبب تداعيات فايروس كورونا على الاقتصاد.
وأثرت الجائحة بشكل مباشر على قطاع التمويلات الموجهة إلى المنتجات الاستهلاكية، والتي تسببت في تباطؤ وتيرة سلاسل الإنتاج والخدمات والصناعة منذ مارس 2020، لكنها حافظت على القدرة الشرائية لمعظم العاملين في القطاع الخاص، إلى جانب موظفي القطاع العام الذين لم تتأثر رواتبهم بالانعكاسات السلبية للأزمة الصحية.
وخففت البنوك المحلية من شروط الحصول على قروض الإسكان والقروض الاستهلاكية خلال الربع الثاني من 2021، ليرتفع الطلب على القروض الاستهلاكية بينما استقر في ما يتعلق بقروض الإسكان.
وتزايد إقبال الأسر المغربية على قروض الاستهلاك قصيرة المدى في الآونة الأخيرة، بينما شهد سوق القروض بالبلاد تأرجحا في إيقاع النمو حسب القروض الممنوحة في الوقت الذي تشهد فيه قروض التجهيز تراجعا.
وتشير الأرقام الرسمية لبنك المغرب المركزي إلى أن حجم القروض بلغ في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري حوالي 961.3 مليار درهم “107.8 مليار دولار” بارتفاع بنحو 1.6 في المائة على أساس سنوي.
وتؤكد إحصائيات أيضا أن توزيع القروض الممنوحة للقطاع غير المالي يشير إلى تسجيل ارتفاع في تسهيلات الخزينة بنسبة 9.7 في المائة بعد أن كانت عند 6.1 في المائة.
وأوضح المركزي في مذكرة حول المؤشرات الرئيسية للإحصائيات النقدية لشهر يونيو الماضي أن هذا التطور يعكس ارتفاعاً في القروض الممنوحة للأسر بنسبة 5.8 في المائة.
وكشفت البيانات المالية نصف السنوية الخاصة بشركة سلفين التابعة لمجموعة بنك أفريقيا عن زيادة قياسية في مستوى قروض الاستهلاك الخاصة بالأفراد بنحو 234 في المائة خلال الربع الثاني من هذا العام بعد أن استقرت في حدود 159.3 مليون درهم “17.8 مليون دولار”.
وأكد الخبير الاقتصادي عمر الكتاني أن المؤسسات التمويلية من شركات ومصارف باتت تعرف فترات الذروة بالنسبة إلى القروض فتقدم أفضل العروض، وتتنافس في إغراء المواطنين وتعرض عليهم تسهيلات كثيرة للحصول على قروض قصيرة المدى.
ومن المتوقع أن يشهد شهرا سبتمبر وأكتوبر القادم ارتفاعا مماثلا للإقبال على قروض الاستهلاك حتى تتمكن الأسر المغربية من توفير حاجيات الدخول المدرسي من رسوم التسجيل وكتب وأدوات مدرسية وملابس.
ويؤكد خبراء أن كلفة الدخول المدرسي بالمغرب قد سجلت ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، ذلك أن طفلا في سن الابتدائي قد يكلف الأسرة أكثر من ثلاثة آلاف درهم “340 دولارا” فقط خلال مرحلة الدخول المدرسي.
وأظهرت دراسة قامت بها الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك حول نسبة مديونية المغاربة في مجال الاستهلاك أن نحو 33 في المئة من المستهلكين يجدون أنفسهم مضطرين للاقتراض أو استعمال مدخراتهم بهدف مواجهة المصاريف الشهرية.
ويقول رئيس الجامعة محمد بنقدور إن الأشخاص يقترضون عندما لا يستطيعون الحصول على موارد عبر وسيلة أخرى، أو يكونون مجبرين على مواجهة متطلبات طارئة، أو عندما يريدون القيام بعملية شراء مهمة.
وتوصلت الدراسة الأخيرة للجامعة إلى أنه كلما كانت مداخيل المستهلكين ضعيفة كلما تعاظم اللجوء إلى الاقتراض من أجل الاستجابة لحاجيات يومية أو طارئة.
وسجلت الدراسة أن 25 في المئة من المواطنين طلبوا قروضا من أجل شراء سيارات، و19 في المئة من أجل اقتناء تجهيزات منزلية، و17 في المئة بهدف تمويل دراسة الأبناء، و7 في المئة بغية الإنفاق على الحفلات والعلاجات الطبية، و31 في المئة لجأوا للاقتراض من أجل سداد قرض سابق.
وانخفضت معدلات الفائدة على القروض الجديدة الممنوحة للأسر من أجل شراء السكن بواقع 7 نقاط أساس إلى 4.26 في المئة، فيما ارتفعت تلك المطبقة على القروض الاستهلاك بنحو 14 نقطة أساس لتصل إلى 6.64 في المئة.
وانتعشت أنشطة مؤسسات التمويل خلال الربع الأول من السنة الجارية نتيجة ارتفاع حجم القروض الموجهة إلى الاستهلاك، خاصة تلك المتعلقة بعمليات تمويل شراء السيارات بنسبة 157 في المئة عقب استقرارها في مستوى 134 مليون درهم “15 مليون دولار”.
وأعلنت شركة إيكدوم عن انتعاش أدائها في النصف الأول من هذا العام بنسبة 48 في المئة مقارنة مع المستوى المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي.
وجاء هذا الارتفاع بسبب الزيادة الكبيرة في الطلب على القروض الاستهلاكية الخاصة باقتناء السيارات والتي تجاوزت 86 في المئة في الفترة الممتدة ما بين يناير ويونيو الماضيين.
وشهدت القروض الاستهلاكية التي سلمتها سلفين في النصف الأول من العام الجاري زيادة قياسية بلغت 28 في المئة ما انعكس إيجابا على إيرادات الشركة في الفترة نفسها والتي بلغت 283 مليون درهم “31.7 مليون دولار”.
وتقول الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك إنه كلما كان مبلغ القرض مرتفعا كلما كانت مدة السداد طويلة، وهو ما يعزى إما إلى احترام مؤسسة قروض الاستهلاك للمعدل القانوني المحدد في 40 في المئة من الراتب أو لتخفيف المبلغ الواجب سداده شهريا.
وتجدر الإشارة إلى أن شخصا من بين كل ثلاثة يتبقى لهم على الأقل 25 في المئة من الراتب بعد سداد القروض.

Related posts

Top