الحب المتعدد

 أحد الطلبة هو من طرح هذا السؤال الشائك خلال درس عن المغرب:

ــ سيدي، لماذا يتم النظر إلى الزواج المتعدد باعتباره تخلفا في حين أن الحب المتعدد يعتبر نزوة ومظهرا من مظاهر الأناقة والحداثة؟ 

عفوا؟

 لم أفهم شيئا من سؤاله. فسره لي بهدوء: 

هناك حاليا مطلب جديد في المجتمع الهولندي؛ لأولئك الذين لا يعيشون علاقة ازدواجية بل ثلاثية: رجل وامرأتان، امرأة ورجلان، ثلاث نساء، ثلاثة رجال (“… في باخرة”، أقول في قرارة نفسي وأنا أتذكر الرواية الصغيرة الرائعة للكاتب جيروم ك جيروم).

  أخفيت دهشتي بصعوبة (الأستاذ يميل غالبا إلى تصنع معرفة كل شيء..).

   ثم تذكرت أن الكاتب أرتير جابان، جاري، يعيش علاقة ثلاثية. لكنني أعتقد أنها غباء، حالة انفرادية، مثل الذئب الأبيض أو الأسد العاشب.         

 ــ لا إطلاقا، أعلن الطالب، دعاة التثليث يتضاعفون، يتنظمون، يقومون بالتصعيد، يشرعون في ممارسة ضغطهم على الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام.

   ــ لكن بم يصرحون؟

ــ حسنا، على سبيل المثال، إذا حملت واحدة من بين هؤلاء الثلاث..

ــ نأمل أن تكون امرأة.

ــ .. إذن العناصر الثلاثة من الزواج الثلاثي..

ــ هذا حشو جميل في الكلام.

 ــ … يريدون النظر إليهم باعتبارهم آباء.  

 أعتقد أنني متفتح الذهن بما يكفي، متسامح، لأجل الأمن الأسري سواء كان الزواج مضطربا أو حتى ثلاثيا، لكن ينبغي علي الاعتراف بأنني كنت بالأحرى غبيا، لأن دراستي القديمة لمادة الرياضيات علمتني شيئا واحدا على الأقل، وهو أن الحساب شيء يقيني: بعد 3 تأتي 4 ثم 5، إلى آخره.

 إذا أسندنا الاسم الجميل للأبوة لكل عنصر من الزواج الثلاثي، كيف يتم رفضه للأقطاب الأربعة للزواج المربع، في نادي الخمسة، في قبيلة السبعة، إلى آخره؟ 

 “نحتاج إلى قرية بكاملها لأجل تربية طفل” تقول الحكمة الأفريقية. 

هنا، ستكون الحكمة كالتالي: “نحتاج إلى مدينة بكاملها لصنع رضيع”.

تابع الطالب:

ــ إنهم يبررون طلبهم باسم الحب المتعدد.

ــ أي الأم المتعددة؟

ــ لا، الحب المتعدد، الحق في حب أكثر من شخص في آن واحد.  

     تم طي النقاش. الطلبة على العموم كانوا عبارة عن حالمين لطفاء يشتغلون على منوال: “وماذا إذن؟” و”لماذا لا؟”، أغلبيتهم مع الرأي الذي يمجد “الزواج الثلاثي” والحب المتعدد، والحصول على ما يريدونه.

 مع ذلك فإن الطالب الذي أثار القضية لم ينسحب: لماذا هذه النزوة الجديدة تم النظر إليها باعتبارها ترفا، قضية حيوية ومعاصرة، في حين أن الزواج المتعدد، أف، عيب، العجب، إنه تدبير المسلمين، السود، العرب، فوضى ينبغي منعها في الحين؟             

سأعترف لكم بشيء، أصدقائي القراء:

 لا أملك الجواب. وأنتم؟

بقلم: فؤاد العروي

ترجمة: عبد العالي بركات

الوسوم ,

Related posts

Top