تكريم استثنائي للمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ بالمهرجان الدولي للسينما بمراكش

تسلم، أول أمس الاثنين، المخرج وكاتب السيناريو والمنتج الكندي ديفيد كروننبرغ، «النجمة الذهبية» للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في حفل التكريم الذي خصص له أمام حضور الدورة 21 للمهرجان، الذي ينظم من 29 نونبر إلى 7 دجنبر 2024.
ووجه ديفيد كروننبرغ الشكر لجلالة الملك محمد السادس، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وميليتا توسكان دي بلانتيي مديرة مؤسسة المهرجان ومستشارة الرئيس، على هذا التكريم الذي اعتبره قيمة إضافية في مساره الفني.
وقال كروننبرغ في كلمة مقتضبة له أمام الجمهور: «لطالما سمعت لعدة سنوات عن مدى روعة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، والآن، وأخيرا، وافق النجم السعيد هلال حظي، وها أنا متواجد اليوم بمراكش، ليس فقط لأعيش تجربة المهرجان بل لأتسلم جائزة النجمة الذهبية، هذه الجائزة المرموقة والجميلة التي حصلت عليها تقديرا لنصف قرن من العمل».
وعبر المخرج الكندي عن سعادته بهذا التتويج الرمزي، معتبرا إياه شرفا عظيما ومبهرا للغاية، مضيفا: «إنه لشعور مفعم بالتواضع والشرف أن أكون من بين كل أولئك الذين حاولوا من خلال فنهم السينمائي، أن يمنحوا معنى لهذا العالم ولوجودنا المترابط، شكرا على كرم الضيافة وحسن الاستقبال في هذا البلد».

                                                               كروننبرغ يتسلم ذرع التكريم من كروجر

وأبرز ديفيد كروننبرغ أن كل أعماله تستحضر الوجود الإنساني، ذلك «أنني أحاول صياغة حياة صغيرة للكون، وأستحضر الحب دائما، فمن منا لم يسقط في شراك الحب» على حد تعبيره.
وسلمت الممثلة الألمانية-الفرنسية ديان كروجر «النجمة الذهبية» لديفيد كروننبرغ، بعد كلمة مقتضبة لها، مشيرة إلى أنه يغمرها شعور رائع وهي قادمة للمهرجان من أجل حضور تكريم «رجل ومخرج طالما أعجبت به معظم حياتي، وكانت معجزة أن حالفني الحظ بالعمل معه».
وقالت ديان كروجر: «إن كل أعمال ديفيد تركت بصمة في عالم السينما، حيث رسمت ملامح حقبة تتشابك فيها الغرائبية مع العمق الإنساني، لأنها تجعلنا نعيد النظر في تصوراتنا عن الواقع والهوية».
وأتت كروجر على ذكر قائمة أفلام كروننبرغ من بينها: «اصطدام»، و«العنكبوت»، و«تاريخ من العنف»، و»المدينة العالمية»، و«خرائط النجوم»، و«جرائم المستقبل»، و«الأكفان»، مؤكدة أن كل أفلامه تحاول استكشاف الجسد الإنساني بشكل مثير للرعب، التي رغم ذلك، تركز على العمق العاطفي.
وكشفت الممثلة وعارضة الأزياء الألمانية، أن طريقة معالجة المخرج الكندي للمواضيع العامة في أفلامه، تتسم بالتعقيد والعمق، وهو ما يخلق تجربة مغايرة في المشاهدة، «لاسيما أنها تطرح تساؤلات عن هوية وطبيعة الإنسان».
وأوضحت المتحدثة ذاتها، أن المتأمل في فيلم «الذبابة»، سيجد أن ديفيد كروننبرغ، يعالج قصة حب وسط جو مأساوي ومروع، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على المتلقي للعمل.
أما فيلم «تاريخ من العنف»، فإنه بحسب ديان كروجر، يقدم سردا يتعلق بالهوية الشخصية، والجانب الخفي والمظلم داخل الإنسان، ونفس الأمر يتعلق بفيلم «الأكفان» الذي خلق خوفا بداخلها «أمضيت ليال عديدة دون نوم، أتأمل في الفناء، ومعنى الحب، والشهوة والعلاقات».
وترى كروجر أنه وسط كل الرعب الذي يصوره ديفيد، تبقى الفكاهة حاضرة في أفلامه، «إن لحظات من الفكاهة السوداء تتخلل حكاياته كاشفة عن عبثية الوضع الإنساني، فكروننبرغ يحاول المزج بين السخرية والحقيقة والخيال أحيانا».
واستطاع الفنان السينمائي المكرم في المهرجان الدولي للسينما بمراكش، أن يؤثر بتصوره في مختلف الأجيال من صناع السينما، «نظرا لدقة تمييزه بين حدود الصنف الفيلمي والحكاية السردية، أي ضبطه الجيد لصنعة الفن السابع» تقول المتحدثة.
وتجمع الأفلام السينمائية لديفيد كروننبرغ بين الرعب، والدراما السوداء، والتراجيديا، والخيال العلمي، والرومانسية، تقول ديان كروجر، التي شددت على أنه بتكريم ديفيد كروننبرغ، يكون العالم قد احتفل اليوم «بإرثه كمخرج وكاتب سيناريو مذهل استحوذ على عقولنا وعواطفنا، مثيرا رغبتنا في التأمل والمناقشة بطرق لا يتقنها إلا عدد قليل من صناع الأفلام».
وأوضحت كروجر في كلمتها أن أعمال كروننبرغ ما زال صداها «يتردد في كل الأماكن، مذكرا إيانا بمدى تعقد وجودنا»، مؤكدة في الأخير، على أن هذا التكريم بمثابة حلم لها، لأنها تعتبر نفسها جزءا صغيرا من إرثه «أعتز دائما بالوقت الذي قضيناه معا ونحن متشوقون لرؤية ما ستنجزه مستقبلا».
وتحظى أفلام ديفيد كروننبرغ باستحسان من لدن النقاد، وباعتراف على الصعيد الدولي، ففي سنة 1991، تم اختيار فيلمه «الغذاء العاري» للمشاركة في مهرجان برلين، وفي سنة 1999، فاز «إكزیستنز» بجائزة الدب الفضي.

                                                               جانب من حضور حفل التكريم

ومن جهة أخرى، شاركت أفلامه «اصطدام»، و«العنكبوت»، و«تاريخ من العنف»، و«المدينة العالمية»، و«خرائط النجوم»، و«جرائم المستقبل»، و«الأكفان» في المسابقة الرسمية لمهرجان كان، حيث فاز «اصطدام» بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.
وفي سنة 2006، منح من قبل فقرة «أسبوعي المخرجين» بمهرجان كان، جائزة «العربة الذهبية» تقديرا لمساره السينمائي المتميز، كما خصه مهرجان البندقية السينمائي الدولي بجائزة الأسد الذهبي عن مجمل أعماله خلال 2018.
وحظي، سنة 2024، من مهرجان تورونتو السينمائي الدولي بجائزة نورمان جويسون عن كامل مساره المهني، اعترافا بإسهاماته المتميزة في الفن والثقافة، ووشح ديفيد كروننبرغ بوسام كندا من رتبة رفيق، ووسام جوقة الشرف الفرنسي.

مبعوثا بيان اليوم إلى مراكش:
 متابعة: يوسف الخيدر
 تصوير: أحمد عقيل مكاو

Top