الرئيس العراقي يدعو إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة للخروج من الأزمة

اعتبر الرئيس العراقي برهم صالح الثلاثاء أن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة “يمثل مخرجا  للأزمة” في بلاده التي شهدت اشتباكات دامية بين أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وفصائل موالية لإيران خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقال صالح في خطاب متلفز بعد ساعات من انتهاء المواجهات التي خلفت 30 قتيلا في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية إن “إجراء انتخابات جديدة م بكرة وفق تفاهم  وطني، يمثل مخرجا  للأزمة الخانقة في البلاد عوضا من السجال السياسي أو التصادم والتناحر”.
وأشار إلى أنها “تضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي وتستجيب لتطلعات العراقيين”، بدون أن يحدد موعدها.
ويتعين حل البرلمان أولا  قبل تنظيم الانتخابات التشريعية. ولا يمكن حل مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، وفق ا للدستور. ويمكن أن يتم بناء على طلب ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.
جاء خطاب برهم صالح بعد ساعات من انتهاء الاشتباكات الدامية التي وقعت في بغداد بين “سرايا السلام” التابعة لمقتدى الصدر من جهة وقوى أمنية وفصائل من الحشد الشعبي موالية لإيران تشكل جزءا من القوات العراقية الرسمية.
بدوره أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن السلطات باشرت التحقيق في أعمال العنف الأخيرة، مهددا بالاستقالة إذا استمر التأزم السياسي في البلاد.
وقال الكاظمي في خطاب “أحذر من أنهم إذا أرادوا الاستمرار في إثارة الفوضى، والصراع، والخلاف، والتناحر، وعدم الاستماع لصوت العقل، فسأقوم بخطوتي الأخلاقية والوطنية بإعلان خلو المنصب في الوقت المناسب، حسب المادة 81 من الدستور، وتحميلهم المسؤولية أمام العراقيين، وأمام التاريخ”.
وقتل ثلاثون من أنصار الصدر بالرصاص في الاشتباكات التي انتهت عندما أمر الزعيم الديني والسياسي أنصاره بالانسحاب من المنطقة الخضراء في العاصمة التي تضم المؤسسات الرسمية والسفارات وتعتبر محصنة أمنيا.
وشكلت هذه الاشتباكات ذروة الأزمة التي يمر بها العراق منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021 التي فاز بها مقتدى الصدر.
وفور بدء الانسحاب، أعلن الجيش رفع حظر التجول الذي أعلنه الاثنين في البلاد الغارقة في أزمة حادة سياسية واقتصادية منذ الانتخابات النيابية التي جرت في 21 أكتوبر 2021.
بدأت المواجهات التي استخدمت فيها الأسلحة الآلية والقذائف الصاروخية الاثنين بعد نزول أنصار الصدر إلى الشوارع غاضبين، إثر إعلانه اعتزاله السياسة “نهائيا”. وتلت ذلك فوضى عارمة تطورت إلى اشتباكات.

وقال الصدر في مؤتمر صحافي عقده في النجف “إذا لم ينسحب كل أعضاء التيار الصدري خلال ستين دقيقة من كل مكان، حتى من الاعتصام، أنا أبرأ منهم … بغض النظر من كان البادىء، أمشي مطأطأ الرأس وأعتذر للشعب العراقي الذي هو المتضرر الوحيد مما يحدث”.
وأضاف “أنا أنتقد ثورة التيار الصدري. … بئس الثورة هذه… بغض النظر عمن هو البادىء. هذه الثورة ما دام شابها العنف، ليست بثورة”.
فور انتهاء ندائه، بدأ أنصاره ينسحبون من المنطقة الخضراء في العاصمة التي تضم المؤسسات الرسمية والسفارات وتعتبر محصنة أمنيا. وسكت صوت السلاح.
ودعا الإطار التنسيقي، القوة الثانية في البرلمان بعد التيار الصدري والذي يضم ممثلين عن فصائل في الحشد الشعبي وأحزاب أخرى بينها ائتلاف “دولة القانون” برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، “مجلس النواب وباقي المؤسسات الدستورية  للعودة  إلى ممارسة  مهامها الدستورية”، وذلك بعد تنديده بـ”مهاجمة عناوين الدولة المختلفة”.
ورحبت السفارة الأميركية في بغداد بانتهاء الاشتباكات و”حثت جميع المواطنين على السماح لمؤسسات الحكومة العراقية بمواصلة عملها لدعم أمن العراق وسيادته واستقراره”.
يشهد العراق أزمة سياسية حادة منذ انتخابات 2021 بعد فشل أقطاب السياسة العراقية في الاتفاق على اسم رئيس جديد للحكومة، كما فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد.
ويلتقي مقتدى الصدر والإطار التنسيقي على أن حل الأزمة يكمن في تنظيم انتخابات جديدة. لكن الصدر يريد حل البرلمان قبل كل شيء، في حين يريد خصومه تشكيل حكومة أولا.
وتصدر التيار الصدري نتائج الانتخابات الأخيرة ليشغل 73 مقعدا (من 329 هو مجموع مقاعد البرلمان)، لكن لم تكن لديه غالبية تمكنه من تشكيل حكومة. وبسبب الفشل في الاتفاق على صيغة حكومية، أعلن الصدر في يونيو استقالة نوابه من البرلمان.
ومنذ قرابة الشهر، كان أنصاره يعتصمون قرب البرلمان مطالبين بحل  مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق الإصلاحات.
ويدعو الصدر إلى “إصلاح” أوضاع العراق من أعلى هرم السلطة إلى أسفله وإنهاء “الفساد” الذي تعاني منه مؤسسات البلاد.
وغالبا ما يعلن الصدر الذي يتمتع بنفوذ كبير في العراق مواقف مفاجئة يعود ويتراجع عنها أحيانا. وهو لم يتوقف عن التصعيد في الأسابيع الأخيرة؛ فقد خيم أنصاره خارج البرلمان وأغلقوا لفترة وجيزة المنافذ إلى مجلس القضاء الأعلى.
وقال الصدر في بيان مقتضب الاثنين “إنني الآن أعلن الاعتزال النهائي” للعمل السياسي. كما أعلن إغلاق كافة المؤسسات المرتبطة بالتيار الصدري “باستثناء المرقد الشريف (لوالده محمد الصدر المتوفى عام 1999)، والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر”.
وردا على سؤال طرح عليه خلال المؤتمر الصحافي الثلاثاء عما سيحصل لاحقا، رفض الصدر الرد قائلا إنه “لا يتعاطى السياسة”.
وتشوب علاقة الصدر بإيران التي تتمتع بنفوذ كبير في العراق، الضبابية. فهو عاش لفترة طويلة في إيران، لكنه يتمسك في الوقت نفسه بشيء من الاستقلالية على الصعيد الوطني الداخلي.

أ.ف.ب

Related posts

Top