الزعتر امتداد متوسطي لجغرافية وثقافة المتوسط؛ وهو عراب موائد “السوبر فود” على مر الزمان؛ حيث تشكلت حوله عدة معتقدات؛ منها أن النبتة تضمن العبور الآمن إلى الحياة الآخرة!
الكثير من خبراء التغذية والصحة يصنفون الزعتر ضمن “السوبر فود” أو “الأطعمة الخارقة” نظرا لفوائده الصحية ولقيمته وخصوصيته الغذائية، مما دفع الكثير من الشعوب إلى جعل هذه النبتة ومستخلصاتها عنصرا أساسيا في العديد من الوجبات والأطباق، وكذا مزيجا من التوابل والبهارات، وبالخصوص في دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
كلما حلت ذكرى إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلا ولاح في الأفق مساهمتها في تقليص العديد من مؤشرات الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر مختلف برامجها وبالخصوص عبر الاقتصاد التضامني والاجتماعي الذي تبقى لبنته الأساسية هي التعاونيات.
ومن التعاونيات التي حققت الريادة الاقتصادية والاجتماعية بجبال الريف؛ تطوان؛ شفشاون… نجد تعاونيات الأعشاب الطبية والعطرية، ومنها التعاونيات المنتجة لمختلف مستخلصات وزيوت الزعتر، أو التي تعتمد على هذه النبتة كقاعدة ومكون أساس لمنتوجات أخرى مثل العسل وخلطات الشاي أو التوابل.
هذه التعاونيات كانت سبيلا لتمكين العديد من نساء وشباب هذه الجبال من مصادر الدخل وتحسينه، وإدماجهم في سوق الشغل، وبالتالي المساهمة في تحقيق تنمية مستدامة لمناطقهم والجبلية، والتي كانت تصنف إلى وقت قريب بأنها مناطق مهمشة وخارج النسق التنموي للوطن.
ينمو الزعتر بأغلب الدول المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط وفي الدول ذات الخصائص المناخية المماثلة، فهو امتداد لجغرافية وثقافة والمتوسط واعتبر منذ القدم من النباتات المفيدة وأصبح اليوم عراب موائد “السوبر فود” أو “الأطعمة الخارقة”.
الحسيمة واحدة من المناطق التي حباها الله بهذه النبتة “المقدسة” التي تشكلت حولها الكثير من المعتقدات وترمز إلى التحدي، الثبات، الشجاعة، الاستمرارية، الخصوبة، الخلاص…
زعتر شقران وعسله أصبح بمثابة علامة مجالية لفضاء ترابي واسع من إقليم الحسيمة، وغدا أملا لجبال ترنو إلى تنمية تفوح عبق النباتات الأصيلة، ورغم الخطر الذي يهدد هذا “الذهب الأرجواني” بالريف فشقران لازالت تحلم بالعبور إلى “الكالوستيان“.
كثيرة هي الأعشاب التي يكثر استعمالها ويقبل عليها المغاربة خلال فصل الربيع وفي غيرها من الفصول، والسبب ليس، فقط، هو الرغبة في إضافة النكهات والألوان المميزة إلى الأطباق والمشروبات، ولكن أيضا لما تحظى به من قيمة غذائية، ويعتبر الزعتر من أهم هذه الأعشاب المغذية والهامة، والذي تفضل الكثير من الأسر استعماله لتحضير مختلف أنواع الشاي والمشروبات، وكذلك لتنسيم الأطباق والسلطات بأوراقه الجافة أو لصناعة أصناف من المخللات الشهية والصحية.
فنبتة الزعتر تحظى بالاهتمام والإقبال الكثيف، سواء في الأسواق الشعبية أو في المحلات الصغيرة أو المتاجر الكبرى، وهو ما يشكل مناسبة للفلاحين الصغار وتعاونيات الأعشاب الطبية والعطرية لبيع منتوجهم وتحقيق نصيب مهم من المداخيل والأرباح، ولعل هذا الإقبال يجد جانب من التفسير في ارتباط الزعتر، كغيره من المنتوجات المجالية، بالعادات والتقاليد الغذائية المغربية وكذلك لأهميته وفوائده الصحية التي أصبحت تشكل اهتماما متزايدا وواضحا لدى المستهلك العالمي والمغربي.
إن الإقبال الذي أضحى للمستهلك المغربي على الزعتر ليس مرده موجة استهلاك عابرة، أو طفا إلى السطح نتيجة المعارك والحملات القوية للإشهار والتسويق، بل هو إقبال نابع من فنون العيش لدى المغاربة وحنين إلى الماضي بالعودة إلى الطبيعة والأذواق الأصيلة لأنه كان دائم الحضور في عاداتهم وتقاليدهم الغذائية، كما أن هذا الإقبال نابع من الدراسات العلمية والطبية التي تهتم بعالم الصحة والتغذية، وأملاه شعور الإنسان بالانتماء إلى محيطه البيئي والاجتماعي مهما بلغت به مستويات ودرجات التقدم الحضاري.
الزعتر امتداد لجغرافية وثقافة ومعتقدات المتوسط
يقال إن الموطن الأصلي للزعتر هو “أوراسيا” وينمو بكثرة بدول البحر الأبيض المتوسط وهو نبات معروف ينتمي إلى الفصيلة الشفوية Lamiaceae وتطلق عليه أسماء مختلفة، وتعتبر هذه النبتة معمرة عطرية كثيرة الفروع ودائمة الخضرة تعلو عن الأرض بحوالي 30 سنتمترا أو أكثر بقليل لها أوراق صغيرة بسيطةً بيضاويّة الشّكل، ومرتّبة بشكل معاكسٍ لبعضها البعض وتزهر باللون الأرجواني أو الوردي نهاية فصل الربيع وبداية الصيف ويتميز برائحة عطرية زكية ونفاذة وذو طعم حار نوعا ما.
وعلاوة على الخصائص الغذائية والصحية لنبات الزعتر فهو حاضر بقوة في ثقافة ومعتقدات شعوب المتوسط بحيث يعتبر لدى الفلسطنيين رمزا للتحدي والثبات وكناية على الأرض فهذه النبتة تعد بالنسبة لهم من أبرز الرموز الوطنية على مستوى الغذاء والتراث والثقافة وواحدة من عناصر تشكيل هويتهم، وقديما اعتبره اليونانيون القدماء مصدر الشجاعة وكانوا يستعملونه كبخور في المعابد، ولفوائده العظيمة كان خلال القرون الوسطى يزرع في حدائق الأعشاب الخاصة بالرهبان.
أما الرومان فكانوا يعتقدون أنه يضمن العبور الآمن إلى الحياة الآخرة وكانوا يضعونه في التوابيت أثناء الجنائز، وبالنسبة لليهود فالزعتر يرمز إلى الخلاص لأبناء إسرائيل من العبودية بمصر ومن أجل ألا يلمس الموت أبناءهم كانوا يستعملونه في وسم منازلهم بدماء أضحية الخروف كما جاء في قصة الخروج وهو الحدث الذي يتم الاحتفال به ابتداء من 15 أبريل من كل سنة: كما يعتبر الزعتر في الكثير من الثقافات رمزا للخصوبة والحياة والاستمرار وكانت العرائس تقلد أكاليل وتيجان من هذه النبتة.
الزعتر عراب موائد “السوبر فود”
الكثير من خبراء التغذية والصحة يصنفون الزعتر ضمن “السوبر فود” أو “الأطعمة الخارقة” نظرا لفوائده الصحية ولقيمته وخصوصيته الغذائية، مما دفع الكثير من الشعوب إلى جعل هذه النبتة ومستخلصاتها عنصرا أساسيا في العديد من الوجبات والأطباق، وكذا مزيجا من التوابل والبهارات، وبالخصوص في دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
الفوائد الصحية لهذه النبتة لا يمكن عدها، فالزعتر في فصل الشتاء، مثلا، يعتبر بحق “وصفة خارقة” ويقدم بالخصوص ليلا كمشروب أساسي بعد العشاء، فشاي الزعتر أو نقيعه يستعمل أساسا لعلاج الكثير من الأمراض المرتبطة بهذا الفصلن وأهمها التهاب الحلق، ونزلة البرد، والأنفلونزا، كما ينصح به للعديد من اضطرابات المعدة والغثيان ومغص البطن، وهو فعال جدا للسعال بحيث يساهم في تهدئة المسالك التنفسية وتوسيع الشعب الهوائية…
فوائد الزعتر أو “الصعتر” ومنافعه الصحية ذكرت كثيرا في كتب الطب والطبخ حيث ورد الحديث عنه في كتاب “الطبيخ” لأبي محمد المظفر بن نصر بن سيّار الورّاق وهو الكتاب الذي يعتبر الأقدم عربيا في عالم الطبخ حيث يعود تأريخ تأليفه إلى منتصف القرن العاشر الميلادي (940م) والذي سبق أن عثر عليه بجامعة هلسنكبي وقام بتحقيق مخطوط منه المستشرق الفنلندي “كاي أورنبري” بمعية اللبناني سحبان مروة.
أما كتب الطب فقد فصلت وأفاضت منذ قديم الزمان في ذكر فوائد وخوارق نبتة الزعتر وأتت على توضيح كيفية استعماله في وصفات الأكل والعلاج، حيث تحدث عنه الطبيب أبوعلي الحسين بن عبد الله بن علي بن سينا المتوفى سنة 1037م وكذلك العالم النباتي والعشاب المالقي ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن البيطار المتوفى 1248م
وتشير المعطيات المستمدة دائما من عالم الطب والصيدلة أن الزعتر يحتوي على العديد من المركبات والمكونات من أهمها “الثيمول” وهي عبارة عن بلورات عديمة اللون تعطي له الرائحة المميزة، ومن فوائدها أنها قاتلة للميكروبات وطاردة للطفيليات من المعدة، هذا إلى جانب العديد من المعادن (الكالسيوم الحديد والمنغنيز) وكذلك الفيتامينات، (فيتامين A وفيتامين B6 وفيتامينC ) بالإضافة إلى مادة “الكارفكرول” التي تعتبر مسكنة ومطهرة وطاردة للبلغم ومضادة للسموم.
زعتر شقران وعسله: الاسم يكفي…
لا يمكن الحديث عن عالم النباتات والأعشاب الطبية والعطرية بالمغرب دون ذكر منطقة “شقران” بأعالي جبال الريف، إقليم الحسيمة، فذكر هذه المنطقة يكفي وحده ليحيلك على نبات الزعتر وعسله، فهذا المجال الترابي الواسع مكسو بالزعتر البري أو “مفرح الجبال” كما يطلق عليه في العديد من البلدان التي يكثر فيها تواجده وبالخصوص في المناطق المعتدلة المناخ ذات التربة الصخرية والمشمسة كحوض البحر الأبيض المتوسط.
العوامل المناخية، الجيولوجية والإيكولوجية كان لها الفضل لأن تساهم في صنع تميز وجودة “زعتر شقران” وأن تحيله إلى “علامة” لمجال جغرافي واسع يمتد حاليا من تراب جماعة أربعاء تاوريرت إلى غاية جماعة بني عمارت وجماعة زاوية سيدي عبد القادر، وهي الجودة التي كانت عنصرا أساسيا في دفع فلاحي المنطقة إلى استثمار هذه النبتة كمرعى لتربية النحل وإنتاج العسل، خاصة وأنها تنمو بكثرة في هذه البراري الجبلية.
والزعتر أو “زُّوي” بالريفية و”إزوف” بالعبرية يلائم تقريبا مختلف الظروف الطبيعية والتغيرات المناخية، فهو يتحمل ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، كما يتحمل الدرجات الحرارية المنخفضة أو الدنيا في فصل الشتاء إلى حد الصقيع، كما له القدرة على مقاومة الجفاف لوجود الزغب على أوراقه إلى جانب مقاومة الرياح الشديدة لنموه قريبا من سطح الأرض ومن هنا استمد ربما رمزيته في المقاومة والتحدي وأصيح شعارا لهما
بالحسيمة وكغيرها من المناطق الريفية الجبلية، كان الزعتر يحظى “بطقوس خاصة” من طرف الساكنة، سواء من ناحية الاهتمام به في المرعى وحمايته أو أثناء موسم قطفه وجنيه وتخزينه واستعماله، بل كان بمثابة النبتة “المقدسة” وقلما تجد بيتا لا تخزن رباته كمية مهمة من الزعتر المجفف، وإذ ما اقتضى الأمر دنو استهلاك هذا المخزون والحول لم يمضي بعد، فلابد من الاحتفاظ ولو بالقليل منه، تحسبا لطلب قد يأتي على عجل من قريب مريض يسكن خارج هذا المجال الجغرافي، أو هدية ضيف حل بينهم من مدينة بعيدة أو من خارج الوطن.
بهذه الجبال يحظى الزعتر بمكانة متميزة في إعداد المنقوع، الشاي والأطباق، وبالخصوص مزجه ضمن التوابل الخاصة بأطباق السمك، كما يستعمل بشكل أوسع في إعداد شربة الشعير أو ما يعرف محليا (بإوزان إمامز) حيث يغلى الماء في قدر ويضاف إليه سميد الشعير الخشن وبعض فصوص الثوم وبعد دقائق من الطهي يقدم للضيوف أو الأهل بعد إضافة أوراق الزعتر المجفف وزيت الزيتون.
زعتر شقران وعسله أصبحا عابرين للحدود والقارات، تجدهما في فرانكفورت، باريس، اوتريخت، دينهاخ، مدريد، نيويورك وغيرها من المدن والعواصم العالمية، عبرا الحدود مع المهاجرين المغاربة المنحدرين من الريف، فالزعتر بالنسبة لهؤلاء المهاجرين ليس مجرد “تذكار العودة” من بلد النشأة وأجواء العطلة الصيفية واحتفلاتها ومواسمها التقليدية، وإنما هو أريج الوطن وعبقه، ونسمة حنين مشبعة بالشوق إليه، فرشفة كأس شاي منه كافية لان تملأ النفس حنينا ولوعة اتجاه الوطن.
الحسيمة.. مناطق خلفية تأمل تنمية بعبق الزعتر
ارتباطا بالإقبال المتزايد على الزعتر ومختلف المنتوجات المجالية، أصبح الكل يجمع على دوره الأساس في إمكانية تحقيق التنمية المستدامة للمناطق الخلفية للحسيمة والتي كانت تصنف إلى حدود الأمس بأنها مناطق هامشية، أو على الأقل لم يتاح لها القدر الكافي من فرص الاندماج في محيطها التنموي والاقتصادي، كما أن عائده المالي والرواج الاقتصادي الذي يحظى به من شأنه أن يساهم في تحسين الوضع المالي والاجتماعي للكثير من الأسر في العالم القروي والتي يظل هذا النوع من الإنتاج مصدر رزقها الوحيد وتعتمد عليه كثيرا لكسب قوتها اليومي.
المناطق الخلفية للحسيمة واحدة من المناطق المغربية التي حباها الله بزعتر غاية في الجودة والتميز وذلك بفضل موقعها الجغرافي وتنوع نظمها الايكولوجية؛ حيث يعتبر هذا النبات علامة مميزة لهذا الجزء الشمالي من الوطن؛ مما ساهم في إدراج الحسيمة ضمن المناطق التي استفادت من برامج مهمة في مجال تثمين المنتوجات المجالية.
برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهذا الإقليم كانت بمثابة البلسم الذي داوى جراح العديد من المنتجين والفلاحين البسطاء الذين يشتغلون في مجال الأعشاب الطبية والعطرية، تربية النحل وإنتاج العسل وغيرها من المنتوجات المحلية، وعملت على قيادتهم نحو بر الأمان لسنوات اتسمت فيها المناطق الجبلية عموما بندرة المياه وبالكثير من التقلبات المناخية ساهمت في تراجع النشاط الفلاحي والزراعي.
طموح هؤلاء الفلاحين في تطوير منتوج الزعتر كان دافعا لخلق المزيد من التعاونيات والتنظيمات المهنية لعقلنة استغلال هذه النبتة، خاصة وأنها تشكل “علامة مجالية” لفضاء يشمل العديد من الجماعات القروية بالحسيمة، نفس الطموح والاهتمام تعبر عنه اليوم الدوائر الوصية عن القطاع التعاوني والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وذلك برعاية ومواكبة من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
فهدف تأهيل وتثمين المنتجات المجالية للمنطقة ظل دائما ضمن دائرة الانشغالات الأساسية لبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي كانت بمثابة النبراس الذي ألهم الكثير من التعاونيات والمقاولات على التحفيز ووجهتهم نحو التكتل والتنظيم، وأنارت لهم سبل التكوين والتأطير المعرفي والتوجيه المهني، وهو النهج الذي سارت عليه أيضا مختلف المصالح الخارجية لوزارة الفلاحة لتشجيع المنتجين الصغار على تجويد الإنتاج والتسويق والعمل على إكساب هذه المنتجات ميزات تنافسية تستطيع من خلالها إعادة التموقع في السوق المحلية، الوطنية والدولية.
خطر الاجتثاث يهدد “الذهب الأرجواني” بالريف
نظرا لإقبال المستهلك المغربي على الزعتر بشكل كبير، فقد التجأت “أيادي الدمار” إلى الاستغلال العشوائي لهذه النبتة، وتشكلت “مافيا” منظمة للاتجار فيها وجمعها من الفلاحين والساكنة المحلية بطريقة بشعة مستغلة فقر الساكنة، ولا تراعي البعد البيئي والأضرار التي ستلحق بالتوان الايكولوجي، وبمستقبل المئات من مربي النحل الذين يعتمدون على أزهار هذا النبات كغداء ورحيق لإنتاج العسل الممتاز، لأن المراعي ستصبح جرداء إذ ما استمر اقتلاع واجتثاث النبتة من جذورها.
وكانت العديد من المنظمات البيئية المحلية وتعاونيات تربية النحل ومعها ساكنة الحسيمة قد عبرت عن استيائها العميق من الإتلاف والتدمير الذي أصبح يتعرض له الزعتر خلال السنوات الأخيرة حيث أضحت هدفا للاجتثاث غير المعقلن والاستغلال المفرط من طرف ما أصبح يطلق عليهم “مافيا الذهب الأرجواني” وهي الظاهرة التي طفت خلال السنوات الأخيرة إلى السطح بقوة، وتحاول أن تحصل على الزعتر ولو بطرق عشوائية وغير قانونية.
واقع استنفر العشرات من الجمعيات والتعاونيات والمهتمين بالمجال البيئي لمطالبة الجهات المسؤولة بتشديد المراقبة والحماية لشجيرة الزعتر، أولا لدورها الأساس في التوازن الإيكولوجي، وثانيا لأهميتها الاقتصادية التي يمكن أن تساهم في تنمية المنطقة بشكل فعال في حالة اعتماد الاستغلال الآمن والمعقلن وتطويره عبر صناعات تحويلية تراعي البعد البيئي وتعتمد على البحث العلمي لإنتاج بهارات صحية، خلطات شاي، نقيع بنكهات الزعتر، مقطرات وزيوت أساسية.
زعتر شقران وحلم العبور إلى الكالوستيان
جودة وتفرد “زعتر شقران” دفعت العديد من الاختصاصيين والمهتمين والذواقة -الذين اطلعوا على هذه الجودة- إلى الاهتمام بوصفات الأطباق وخلطات التوابل ومستحضرات الشاي التي يكون أساسها هذا النبات، وذلك في محاولة للتعريف بجودته وأصالته، وعلى أمل مساعدة تعاونيات وفلاحي المنطقة في إنتاج توابل محلية أصيلة من “زعتر شقران” تستطيع “العبور” إلى شارع ليكسينغتون بمانهاتن، مدينة نيويورك، حيث يوجد واجد من أشهر وأكبر متاجر التوابل في العالم.
إنه “كالوستيان” الذي يعتبر أكبر متجر عالمي للتوابل والبهارات حيث يحتوي على أزيد من 10.000 منتج غذائي مجالي -من بينها العشرات من أصناف الزعتر- مستورد من 80 دولة أو أكثر، وبالخصوص من الهند، الشرق الأوسط، تركيا، أرمينيا…فهذا المتجر يعتبر أحد المزارات الأساسية للسياح الوافدين على نيويورك وبالخصوص للمولعين بالأذواق الأصيلة للبهارات والراغبين في اكتشاف فنون العيش لدول وشعوب ودول أسيا، شمال إفريقيا، أوروبا…
أمينة يعقوب -التي تقيم بإسبانيا، وواحدة من المختصات في الأطباق الاصيلة التي يكون أساسها الزعتر وممثلة إحدى العلامات التجارية المغربية التي تهتم بتسويق المنتوجات المحلية الطبيعية- تشتغل اليوم بجد من أجل أن يصل زعتر شقران إلى هذا المتجر العالمي، وتقول إنها متيقنة من جودة هذا النوع من النبات والتي تضاهي زعتر الشرق الأوسط ودول الشام العربي، وأنه بفضل مجهودات بسيطة من طرف كافة الفاعلين والمهتمين، نستطيع أن نوفر جانب مهم جدا من فرص المنافسة والتسويق لهذا النوع من الزعتر.
شغف أمينة بالزعتر وبالأطباق والمشروبات التي تحضرها من حوض البحر الأبيض المتوسط جعلها ترفع هذا التحدي وتعمل منذ سنوات على تركيب خلطات التوابل المشكلة من زعتر شقران وتقوم بعرضها على خبراء التغذية والذوق والمهتمين بمجال الطبخ لأخذ ملاحظاته ونصائحهم على أمل ابتكار خلطة وعلامة تسويقية للمنطقة غايتها تثمين المنتوج المحلي الأصيل للمساهمة في تنمية العالم القروي، وتمكين النساء به من مصدر عيش منظم ومهيكل.
الحسيمة: الغبزوري السكناوي