اضطر رئيس الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أول أمس الاثنين، إلى مواصلة النظر في ملف “ناصر الزفزافي ورفاقه” مع التأكيد على إبلاغهم بما راج في أطوار الجلسات عن طريق كتابة الضبط، بعد أن رفض المتهمون المتابعون في الملف باستثناء الصحافي المهداوي، المثول أمام المحكمة، إلى حين جلوسهم في المقاعد المخصصة للمتهمين، عوض مكوثهم بالقفص الزجاجي.
وكان رئيس الهيئة القضائية، قد أصدر قرارا بإحضارهم بالقوة العمومية من السجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء، عقب مقاطعتهم للجلسة، إلا أن المتهمين رفضوا الامتثال للقرار، باستثناء الصحافي حميد المهداوي، مدير موقع “بديل” المتوقف عن الصدور، المتابع في هذا الملف.
وعرفت الجلسة تقدم المحامي الحبيب حاجي، دفاع الصحافي حميد المهداوي، بملتمس السراح المؤقت لموكله، إلا أن الهيئة قررت تأجيل البت فيه إلى غاية يومه الأربعاء، بينما تم إرجاء الملف إلى غاية يوم الجمعة القادم بعد طلب دفاع المتهمين تأجيل الجلسة.
وكان بلاغ صادر عن أعضاء هيئة الدفاع المنتصبة في ملف معتقلي حراك الريف الرائج أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قد اتهم رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية بالخروج عن الحياد المفروض فيه، متهمين إياه بـ “منع هيئة الدفاع من أخذ الكلمة دون مبرر قانوني ودون التداول في القرار مع بقية أعضاء الهيئة القضائية وبمقاطعة هيئة الدفاع والتدخل في مرافعاتها وعدم تمكين المحامين من بسط ما يرونه مناسبا بكل أريحية وبما هو واجب لممارسة الحق في الدفاع”.
وعبر أعضاء هيئة الدفاع المنتصبة في ملف معتقلي حراك الريف، عن أسفهم من سلوكات رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية أثناء نظره في الملف بعدة جلسات سابقة، مشيرين أن الرئيس يعبر عن رأيه الخاص أمام المحامين وبعض المتهمين، وذلك عبر تصريحه بأن محاكمة المتهمين محاكمة غير سياسية، مبرزين أنه صرح بذلك “دون الرجوع للمسطرة القانونية، علما بأن تحديد طبيعة المحاكمة هل هي سياسية أم غير سياسية لا يدخل ضمن سلطة الرئيس التقديرية بل هو أمر قانوني يعود لرأي المحكمة بكل أعضائها يعبرون عنه وهم بالمداولة”.
وسجل البلاغ أنه بمناسبة جلسة 7 يناير 2019، تجاوز رئيس الهيئة كل أعراف وقواعد تسيير الجلسات بالحياد والاحترام الواجب للدفاع، مشيرا أنه بعد نهاية ندائه على المتهمين، استعمل سلطته بشكل تحكمي ومنع الدفاع من تناول الكلمة عن طريق مغادرة القاعة ورفع الجلسة بسرعة وباستعجال، مضيفا أنه أعلن خلال جلسة 5 دجنبر 2018، عن قرار المحكمة ضم ملف المعتقل الصحفي حميد المهداوي لملف باقي المعتقلين دون منح الكلمة لا للدفاع ولا للنيابة ولا إخبارهم بوجود ملف ممكن أن يضم للآخر في خرق سافر للمسطرة الجنائية، وغادر القاعة بشكل غير مناسب دون تمكين الدفاع من تقديم طلب السراح الذي يسمح به القانون في كل وقت وحين.
وشدد البلاغ على أنه “إذا كان القانون يمنح لرئيس الهيئة صلاحيات تسيير الجلسة ومنح الكلمة للأطراف وحتى منعها عنهم، فإن ذلك يتم بشكل قانوني وبقرار يسجل في محضر الجلسة ويُشهد عليه وعلى مبرراته المشروعة إن توفرت، وليس بإهانة نساء ورجال الدفاع بالوقوف ومغادرة القاعة دون الاكثرات لطلب الكلمة الموجه إليه منهم، في الوقت الذي كان تصرف المحامين معه ومع الهيئة تصرفا يطبعه الاحترام المعهود واللباقة والتقدير التي هي مخصصة للقضاء”.
ووصف بلاغ أعضاء هيئة الدفاع المنتصبة في ملف معتقلي حراك الريف، سلوك رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية بالبيضاء، بأنه سلوك غير سليم ويهدد الأمن القانوني والقضائي للمتهمين، مشددا على أن تصرف رئيس الهيئة المذكورة هو تصرف مرفوض ويهدد المحاكمة أصلا ويعطي صورة عنها لا تليق أمام الرأي العام وطنيا ودوليا، مبرزا أن المحاميات والمحامين يؤدون واجبهم طبقا لما تمليه عليهم مسؤولياتهم وما تفرضه أصول المحاماة ووازع الضمير واليقظة المهنية، من أجل ضمان شروط محاكمة عادلة لمؤازريهم طبقا لقواعد الدستور والشرعية الدولية لحقوق الإنسان.
حسن عربي