وقعت الحكومة السودانية وقادة حركات متمردة أول أمس السبت، على وقع قرع الطبول والغناء والرقص، على اتفاق سلام تاريخي يهدف إلى إنهاء عقود من الحرب التي قتل فيها مئات الآلاف.
ورافقت هتافات الفرح ممثلي الحكومة الانتقالية والمتمردين مع توقيعهم النص الذي وقعوه بالأحرف الأولى في جوبا أيضا نهاية غشت الماضي، على ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.
وجرت مراسم التوقيع في جوبا عاصمة جنوب السودان، البلد الذي حارب زعماؤه لثلاثة عقود قوات الخرطوم قبل أن يحصلوا على الاستقلال في العام 2011 بنهاية حرب أسفرت عن مقتل مليوني شخص ونزوح 4 ملايين. وباتت اليوم العلاقات هادئة، لا بل ودية، بين الطرفين.
وقدم فنانون من جنوب السودان والسودان عروضا أمام الضيوف الذين كانوا ينتظرون بدء المراسم فيما سار أعضاء الجماعات المتمردة من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وهم ينشدون أغاني الفرح ويرفعون لافتات تحمل صور قادة أحزابهم.
وكان إنهاء النزاعات الداخلية في السودان أولوية قصوى للحكومة الانتقالية التي تتولى السلطة منذ إطاحة الدكتاتور عمر البشير العام الماضي وسط انتفاضة شعبية مؤيدة للديموقراطية.
وقع الاتفاق باسم الخرطوم نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
وكان إلى جانبه رئيس المجلس السيادي الانتقالي الجنرال عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك.
وقال حمدوك في بيان فور وصوله إن “السلام سيفتح آفاقا رحبة للتنمية والتقدم والازدهار”.
لكنه أقر بأن المستقبل لن يكون سهلا.
وأضاف “عملية السلام لا تخلو من المطبات والعثرات”، مشيرا إلى أن “السلام تحقق بالصبر والمثابرة والحكمة والدور الكبير الذي لعبته الوساطة في تقريب وجهات النظر”.
من جانب المتمردين، وقع ممثل عن الجبهة الثورية السودانية وآخرون من المجموعات المكونة للائتلاف الاتفاق. وتتألف الجبهة من جماعات متمردة من منطقة دارفور غربي البلاد التي مزقتها الحرب، بالإضافة إلى ولايتي النيل الأزرق في الجنوب وجنوب كردفان.
وأثار ميني أركوي ميناوي زعيم حركة تحرير السودان إحدى الحركات الرئيسية في دارفور، أيضا وجود بعض التحديات. وقال “من الواضح أن التحدي الاقتصادي في السودان هو من أبرز التحديات. كما أن الوضع السياسي الهش يمثل أحد التحديات أيضا لكنني متأكد من أننا سنحقق السلام الذي نريد… هناك حاجة إلى التسامح”.
كذلك، وضع الضامنون للصفقة من تشاد وقطر ومصر والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة توقيعاتهم على الاتفاق.
وقال اسماعيل جلاب المسؤول في حركة تحرير السودان لفرانس برس “سيسمح لنا هذا التوقيع بأن نضع الحرب خلفنا. سيسهم في جلب الديموقراطية والعدالة والحرية إلى السودان. نحن سعداء جدا. هذه نهاية الحرب واقتصاد السودان سينطلق من جديد”.
ويعيش السودان وضعا اقتصاديا كارثيا ، مع بلوغ التضخم السنوي نسبة 170% في غشت، يضاف إليه نقص الوقود والغذاء والأدوية وسلع النظافة. وزاد سعر الغذاء ثلاثة اضعاف خلال عام وفق الأمم المتحدة.
وأعلن رئيس جنوب السودان سالفا كير “ليس لدينا أوهام بأن تطبيق الاتفاق الذي نحتفل فيه اليوم لن يكون مهمة سهلة، لا سيما بسبب الواقع الاقتصادي الذي يشهده السودان حاليا “.
ويواجه السودان أزمة اقتصادية حادة، وحرم من نحو ثلاثة أرباع احتياطاته النفطية منذ استقلال جنوب السودان. وهو أيضا خاضع لعقوبات أميركية.
ويتكون الاتفاق من ثمانية بروتوكولات تتعلق بقضايا ملكية الأرض والعدالة الانتقالية والتعويضات وتطوير قطاع الرحل والرعوي وتقاسم الثروة وتقاسم السلطة وعودة اللاجئين والنازحين، إضافة إلى البروتوكول الأمني والخاص بدمج مقاتلي الحركات في الجيش الحكومي ليصبح جيشا يمثل كل مكونات الشعب السوداني.
أسفرت حرب دارفور التي بدأت العام 2003، عن مقتل 300 ألف شخص على الأقل، ونزوح 2.5 مليون بحسب الأمم المتحدة.
ورفضت حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور في دافور التوقيع. ويتهمها الجيش بشن هجوم على مواقعه الاثنين. ووقعت مجموعة أخرى هي الحركة الشعبية لتحرير السودان-الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو وقف إطلاق نار منفصل، يسمح للمتمردين بالحفاظ على أسلحتهم من أجل “ضمان حماية أنفسهم”، إلى حين تعديل الدستور السوداني بما يضمن فصل الدولة عن الدين.
ويضم جنوب كردفان وبمستوى أقل النيل الأزرق، أقليات مسيحية قاومت لعقود محاولات فرض الشريعة الإسلامية في البلاد.
> أ.ف.ب