الفنانة التشكيلية المغربية ندى العراقي

للفنانة التشكيلية المغربية ندى العراقي مشاركات كثيرة في العديد من المعارض الجماعية في مدن مختلفة: الصويرة، مراكش ، سطات ، أكادير … وآخرها المعرض الدولي ” الأيادي التي تبصر” المنظم من قبل جمعية “إبداع وتواصل”،  مؤخرا بمدينة الدار البيضاء تكريما لذاكرة الفنان الراحل أحمد الشرقاوي. والفنانة ندى العراقي منذ طفولتها لامست عن قرب اللون والبياض ، ورسمت خربشات طفولية ظلت شاهدة على مخيال فنانة آتية من الفن نحو الفن. وتعتبر ندى العراقي الفنانة العصامية الموهوبة، من الفنانات اللواتي يحملن مشروعا ورؤية واضحتين في الزمان وفي المكان، وأيضا في التصور وفي الفكر. لقد استطاعت هذه الفنان الهادئة أن تخطط لمسارها الفني هدفا، يحمل رسائل جمالية يجب التقاطها بلغة عميقة تساهم في الحفاظ على موروثنا الثقافي والحضاري والانساني، وصيانته من الانقراض والغياب. وهكذا اتجهت الى القفطان والحلي واللباس التقليدي احتفاء بذاكرتنا المشتركة، إيمانا منها أن الفن التشكيلي رسالة غير مشفرة، واضحة من أجل الاقتراب من حضارتنا الغنية والتي أصبحنا نبتعد عنها شيئا فشيئا، وحان الوقت لكي نحصنها فنيا وثقافيا، ونمد من خلالها جسور التواصل بين الأجيال عبر الفن الراقي والجميل.
 إبداعات ندى العراقي قريبة  الى الفنانين المهووسين بسحر اللون وملكة البوح في مصالحة مع الذات والآخر. كل عمل فني بمثابة سجل تعبيري، يصوغ مرآته  الكبرى  بصخب الألوان وشفافيتها، حاملا معه فتنة الترحال في الأزمنة الساحقة وسخاء الإقامة وعبق الذاكرة والتاريخ. إنها ترسم انطلاقا من المتخيل بحكاياه ومعانيه الظاهرة والباطنة، فهي تنسج على غرار الرواة المتجولين في عوالمنا الأليفة التي أصبحت مهددة بالنسيان والمحو على إثر الزحف المدني المتوحش. الفنانة ندى العراقي مقتنعة تمام الاقتناع بأن الإبداع ذاكرة الإنسان وعالمه وحياته. إبداعها المقيم في متخيلنا الجماعي صادم تركيباته الافقية والعمودية التي توازي بين الواقعي والسحري. هكذا، تحتضن كل لوحة فيضا متواليا من الأزمنة / أزمنتنا المشتركة التي تثير إحساسنا ووعينا الجماليين وتلغي الحدود الفاصلة بين الماضي والحاضر، بين الاصالة والمعاصرة. في أعمال الفنانة ندى العراقي البصري ، تصبح اللوحة محيطا شاسع الضفاف ورحب الاعماق  ، فهي تخاطب حسنا المشترك وتؤسس للغة تعبيرية ذات بلاغة تسجيلية رائعة ، تنهض اثارها المشهدية كمتاهة رمزية في أزمنتنا المفقودة وتذكرنا بتقاليدنا العريقة التي يجب احتضانها بدفيء دواخلنا وحرصها من النسيان ومن المحو.
الفنانة ندى العراقي  ترسم  بعين القلب الذي يحرر عوالم لوحاتها التصويرية من فوضى الواقع وعبث معانيه واندحار قيمه . إنها صادقة في عملها ،  تشتغل على الموروث الثقافي المشترك ، وترسم من أجل أن يظل هذا الفن والجمال قائمين دون نسيان حضارتنا العميقة والانسانية.

بقلم: حميد بن العربي

Related posts

Top