المؤتمر الدولي لشجر أركان يسجل إنجازا جديدا بالإعلان عن سبقين علميين

تواصل شجرة أركان فرض شخصيتها المعنوية باقتدار. لم يعد استخدام ثمارها تقليديا، بل طرق أبواب أخرى ومجالات أرحب، بفضل اعتكاف الباحثين والعلماء في مختبراتهم وحقول التجارب، وكذا مخططات واستراتيجيات الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان منذ تأسيسها، والأبحاث الرائدة للمعهد الوطني للبحث الزراعي والجامعات المغربية. حصيلة علمية وازنة، واكتشافات معرفية مثيرة يشهدها قطاع هذه الشجرة المباركة. كل سنة تنضاف رؤى جديدة واكتشافات علمية مدهشة، منذ انعقاد أول مؤتمر دولي لشجر أركان وصولا إلى الدورة السابعة للمؤتمر المنعقد في الفترة من 10 إلى 12 ماي الجاري بمدينة الصويرة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس.

انطلقت فعاليات المؤتمر الدولي لشجرة أركان، بإجراء مراسيم احتفالية بالذكرى الرابعة لليوم العالمي لشجرة أركان الذي أعلن من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 2021. وتنظيم، موازاة مع ذلك، المعرض الدولي لشجر أركان بالتحفة المعمارية “لاميدينا” أكادير.

وتبقى إشكالية تغير المناخ مؤرقة وتأثيراتها على المجال ضاغطة، في حين تظل شجرة أركان صامدة ومتأقلمة مع النظام البيئي وبالمجتمعات المحلية القروية. تدافع هو إذن بين شراسة تغير المناخ والمواكبة العلمية الحثيثة والمبدعة لمؤسسات البحث، بغية تخفيف الضغط على هذا المورد الطبيعي الاستثنائي سواء بفعل آثار تغير المناخ أوالتدخل البشري، وإيجاد بدائل مستدامة للتكيف وتعزيز قدرات المواجهة.

مؤتمر هذه السنة كان قبلة حج إليها ما يناهز 210 مشاركا. تمكن المشاركون من تدارس التحديات والفرص للحفاظ على شجرة أركان وتعزيزها لمواجهة تغير المناخ. وشكل المؤتمر فرصة مهمة لتعزيز التعاون وتعبئة الجهود لضمان استدامة هذه الشجرة الفريدة ومجالها الحيوي وقطاعها الاقتصادي. تميز ملتقى هذه السنة بتقديم 60 مداخلة شفهية و45 ملصقا علميا و 110 ملخصا موسعا. توزعت العروض العلمية المقدمة إلى 12  جلسة متوازية، غطت مجموعة متنوعة من المواضيع المتعلقة بشجرة أركان ومجالاتها الواسعة. وصنفت ضمن أربع محاور رئيسية تجلت حفظ في النظام الإيكولوجي لمجال شجر أركان واستدامته. والتكنولوجيا الحيوية، وعلم الوراثة لتطوير أصناف أركان، ثم تثمين منتجات أركان والتنمية الاجتماعية وتثمين التراث، كما نظمت ثلاث موائد علمية حول مواضيع محددة من أجل تعميق النقاش وتشجيع التبادل بين الباحثين والمهنيين وصانعي القرار.

واستعرضت عدة بحوث جديدة ونوعية من حيث القدرات والقياس الكمي لإمكانات عزل الكربون بواسطة شجرة أركان والبصمة الكربونية للسلسلة. وتم تقاسم المستجدات وأوجه التقدم في التدبير التقني والزراعي لشجر أركان الفلاحي وخاصة في مجال التحسين الجيني واستنباط الأصناف الجديدة.

وأصبحت زراعة أركان الآن في قلب التنمية المستدامة وساهم في دعمها عدد من المؤسسات المعنية من خلال الاستراتيجيات الوطنية، وعقود برامج، ومشاريع بحثية. ويذكر أن هذه المائدة العلمية شكلت فرصة لتقييم الإنجازات البحثية لتدبير زراعة الأشجار ونظام الزراعية الغابوية، ومساهمتها في الجهود المبذولة للتكيف مع آثار تغير المناخ والتخفيف من آثارها، فضلا الدروس المستفادة من حيث المقاربة ومشاركة الجهات المعنية وتحقيق بعد الاستدامة. وبدا جليا أن أفاق واستدامة زراعة أشجار أركان تعد خيارا استراتيجيا للتكيف مع تغير المناخ.

وافتتح الدكتور فوزي بكاوي المدير العام للمعهد الوطني للبحث الزراعي المؤتمر، خلال الاحتفال باليوم العالمي بشجر أركان، بعرض علمي دقيق حول “تأثير تغير المناخ على شجرة أركان والنظام الإيكولوجي لأركان: الأدلة العلمية والآثار الاستراتيجية”، كشف من خلاله عن سبق علمي هم مجالين مهمين حول إمكانية وقدرات عزل الكربون بواسطة شجر أركان للتخفيف من آثار تغير المناخ في المناطق شبه القاحلة والبصمة الكربونية للسلسلة. واكتشاف أنواع جديدة من شجر أركان. واستعرض خلال مداخلته آثار تغير المناخ على نمو شجرة الأركان وتوزيعها الجغرافي واستدامتها، بالإضافة إلى استراتيجيات التكيف والمحافظة على هذه الشجرة.

 وتدارس المشاركون في الجلسة الأولى المحور المتعلق بـ”هيكل وإدارة والحفاظ على النظام البيئي لشجر أركان”.  تم تقديم ستة متحدثين عدة مواضيع مختلفة، ركز أربعة منهم على الأبحاث التي أجريت على النظام البيئي الطبيعي لشجرة أركان واثنين حول زرعها أو تدجينها خارج محمية المحيط الحيوي لشجر أركان. وعرضت المداخلة الاولى الوضع الحالي للنبات بالمنتزه الوطني لسوس ماسة وأهمية دراسة ديناميكياتها في فهم عمل النظم البيئية من أجل استخلاص إجراءات لتهيئتها مع تسليط الضوء على التأثير الضار للزراعة المكثفة التي تجري هناك وكل العواقب المترتبة على ذلك.

 أما المداخلة الثانية فقد ركزت على تأثير الرعي والاستجابة الفسيولوجية لشجرة أركان، مما يدل على التأثير المحفز للرعي ويشجع على إجراء المزيد من البحث في هذا الاتجاه من أجل تحديد العتبات المسموح بها للرعي وكذلك تأثير الظروف الوراثية والجينية وراء هذه الاستجابات الفسيولوجية.

 وتناولت المداخلة الثالثة سبقا علميا تمثل في مساهمة النظام البيئي لشجر أركان في عزل الكربون والبصمة البيئية المرتبطة بسلسلة القيمة لقطاع أركان. الدراسة التي أجراها فريق بحث تناولت جوانب مختلفة تتجه نحو نفس الهدف. وكان البعض مهتما بالكتلة الحيوية فوق او تحت سطح الأرض، والبعض الآخر بالتربة وآخرون بعموم السلسلة. وأظهرت النتائج أهمية وتنوع إمكانية عزل الكربون وفقا للظروف البيئية السائدة، وتبعا للعمر المناسب لزراعة أركان.

 وركزت المجموعة الثانية من الأعمال العلمية المقدمة على تطوير تقنيات زراعة شجر أركان من خلال دراسة وتقييم معدل انتعاش النباتات المزروعة وفقا لمعالجات التربة المختلفة (المياه والمواد المغذية) وحجم الشجرة وموسم الزرع. أما المداخلتين الأخيرتين فقد ركزتا على تدجين شجرة أركان حول نواحي منطقة الخميسات. وكذا تدجين شجرة أركان كبديل استراتيجي في مواجهة التغير المناخي خاصة خارج منطقة محمية المحيط الحيوي لشجر أركان.

 وعالج المشاركون في الجلسة الثانية المحور الثاني المتعلق بـ” زراعة أركان والتقنيات الحيوية والتحسين الوراثي”. والمجهودات المبذولة من أجل دراسة وتجميع الصفات الوراثية ذات الأهمية عن طريق التزاوج واختبارات الأجيال حيث ثم انتقاء وتوصيف مجموعة مختارة لستة أصناف من أركان. وهذا سبق علمي جدير بالمتابعة من قبل الباحثين. وتناقش المشاركون كذلك حول المساهمة في دراسة فطريات التربة المتعايشة مع بذور شجر أركان وتنوعها ودورها في دعم قدرات تأقلم هذه الشجرة. ثم تطوير قاعدة بيانات “التسلسل البسيط المتكرر”(SSR) على مستوى الجينوم في شجر أركان لتوصيف المواد الوراثية.

وتناولت الجلسة الثالثة للمحور الثالث حول “تثمين منتجات أركان: الصحة والتغذية والكيمياء والتقنيات” مع  الخصائص الغذائية والعلاجية، والدور المحتمل لمركبات زيت أركان الرئيسية كمنظمين للعامل النووي لإنتاج الخلايا الحمراء (NRF2) وتأثيراتها المضادة للأكسدة.

 وثم عرض دراسة مختبرية عن نشاط مضادات الأكسدة ومضادات السكري والالتحام الجزيئي لزيت أركان في شرق المغر،. والتأثيرات المضادة للأكسدة لزيت أركان وزيت الزيتون ضد الإجهاد التأكسدي الناجم عن الحديد من خلال مقاربة مخبرية. ثم تابع المشاركون عرضا حول التأثيرات العلاجية لاستهلاك زيت أركان على أمراض الأمعاء الالتهابية المزمنة، والاستخدام التقليدي والقيمة الغذائية لشجر أركان في منطقة الأطلس الصغير غرب المغرب. ثم استعرضت دراسة مثيرة وجديدة تتعلق باستخدام بقايا ما بعد استخلاص الزيت من لوز شجر أركان –تزكموت بالامازيغية – كمادة مضافة لتحسين جودة الخبز، وإنتاج خبز غني بالبروتين. لأن هذه الكعكة غنية جدا بالبروتين. إنها طريقة جديدة لتثمين بقايا عملية استخراج زيت أركان.

وشهد المؤتمر عقد ثلاث موائد علمية حول ثلاث محاور دقيقة تهم كل من موضوع “الابتكار وتثمين نتائج الأبحاث حول شجر أركان وكيفية تعزيز البحوث والتعاونيات والشراكة الصناعية أدارها السيد عدلوني أحمد، ونشطها كل من السيدة نبيلة بوهلال والسادة سعيد غربي ومصطفى وهدي وحميد الصابر.

ومكن هذا الملتقى الجانبي من تدارس سبل المساهمة في تعزيز تحويل نتائج البحوث إلى حلول عملية ومستدامة، حيث سلط المتحدثون الضوء على بعض نتائج الأبحاث البارزة ذات الأهمية الاقتصادية الحقيقية. وأكدوا أن شجرة أركان، تواجه تحديات متزايدة بسبب تغير المناخ. من هنا يصبح الابتكار التكنولوجي في مجال البحث والتطوير حاسما لتطوير استراتيجيات فعالة للتكيف والمواجهة عبر تثمين فعال وإدماج حقيقي لنتائج البحث العلمي.

وتباحث المشاركون في المائدة العلمية الثانية، التي أدارها محمد صابر ونشطها كل من الباحثة نعيمة آيت عابد والباحثين عبد العزيز ميموني وجمال حلام و كحمو أمصمود ورشيد منتاك، سبل مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ، ونهج زراعة أركان كأداة للتكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ في محمية المحيط الحيوي لشجر أركان. وأكد المشاركون أن تأثير تغير المناخ على إنتاج ثمرة الأركان أصبح حقيقة واقعة. وللحد من هذه الآثار، تم تنفيذ برنامج طموح لزراعة أركان الفلاحي على مساحة 10 آلاف هكتار في أفق بلوغ 50.000 ألف هكتار في سنة 2030. وتم رفع الاكراهات المرتبطة بانخراط المستفيدين وتمكن المشروع من النجاح. ولعب البحث العلمي دورا هاما في نجاح برنامج زراعة الأشجار من خلال مشروع ” DARED ” . وتمت دراسة المسار التقني من إنتاج النباتات والحرث والري والتسميد والتقليم.

وشكل محور الندوة العلمية الثالثة حول “تراث مجال أركان والقدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ”- الذي افتتحه مستشار جلالة الملك أندري أزولاي، وأداره عبد الرحمان آيت الحاج ونشطه كل من عبد السلام أمرير ومحمد الزيادي ومحمد بنيدي-، فرصة لإعادة التدقيق في مفاهيم البعد التراثي لمجال شجر أركان، ذلك أن محمية المحيط الحيوي لشجر أركان تعد منطقة تحوي تراثا ثقافيا وطبيعيا غنيا بشكل استثنائي. ويعد رافعة مهمة لتنويع بدائل لدعم قدرات المجال والساكنة للتأقلم مع تغير المناخ.

وتشمل هذه الثروة مشاهد طبيعية فريدة وممارسات زراعية بارعة ومعرفة تقليدية في تدبير الموارد الطبيعية وتطور المنتجات الزراعية وجمالية الهندسة المعمارية. تشكل هذه العناصر دعامة للهوية الجهوية وتلعب أيضا دورا حاسما في استدامة النظام البيئي بأكمله. ومواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ. كما يحمل هذا التراث دروسا تمثل موردا أساسيا لتعزيز النظم البيئية والساكنة المحلية ببعديهما السوسيولوجي والانثروبولوجي.

وعرض منشطو الندوة بعض مكونات تراث منطقة وحقول أركان ومحيطه الاجتماعي، ووصف تأثيرات تغير المناخ على هذا التراث والاستفادة من التجارب لتعزيز القدرة على الصمود.  وناقشوا مختلف المكونات التي تشكل تراث مجال أركان بوضوح، مع التأكيد على أهميتها الإيكولوجية والاقتصادية والثقافية. وتدارس الآليات التي يمكن من خلالها للتراث تعزيز التكيف والاستدامة.  ثم تم تحديد الإجراءات والمبادرات اللازمة للحفاظ على تراث محمية المحيط الحيوي لشجر أركان وقدمت توصيات لتعزيز دوره في دعم الصمود المجتمعي والبيئي.

 

الحد من آثار تغير المناخ

وتلعب زراعة أركان دورا مهما في الحد من آثار تغير المناخ من خلال عزل الكربون في الكتلة الحيوية لشجرة الأركان وفي التربة. وتعمل زراعة الأشجار من خلال إعادة الغطاء النباتي على تحسين المناظر الطبيعية ولها تأثير إيجابي على التنوع البيولوجي. وأضاف المشاركون أن الأعمال البحثية العديدة المتعلقة بشجرة أركان وحقوله على المستوى الوطني والدولي ارتفعت بشكل ملحوظ منذ التنظيم الأول لمؤتمر أركان الدولي سنة 2011. وقد لعب المؤتمر دورا هاما في جمع باحثين من مختلف المؤسسات المغربية والأجنبية (أوروبا وأمريكا وآسيا)

وأوصى المؤتمرون بوجوب تشجيع الابتكار وتطوير الأعمال في القطاعات المرتبطة بشجر أركان، فضلا عن تثمين نتائج البحوث لتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية. والاستفادة من الأبحاث في مجالات الصحة والتغذية المتعلقة بشجر أركان، من أجل فهم فوائدها لصحة الإنسان بشكل أفضل. وطالبوا بتعزيز التواصل بشأن منتجات أركان للترويج لاستهلاكها وفوائدها. وتعزيز البحث حول موضوعات مثل التربة والتنوع البيولوجي والحيوانات والنباتات في حقول أركان، مع تشجيع إنشاء شبكات بحثية وتوحيد الفرق لتعزيز التعاون والتبادل العلمي. وإنشاء آليات تمويل خاصة بأبحاث أركان لدعم المشاريع المبتكرة. وتنظيم فعاليات علمية أخرى في مواضيع وتخصصات مختلفة لتنويع التبادلات والمعرفة. وتطوير وتبادل قواعد البيانات والمعرفة حول شجرة أركان لتسهيل الوصول إلى المعلومات والأبحاث. و تعزيز تبادل النتائج والمعرفة مع المهنيين وغيرهم من المعنيين المشاركين في تدبير وتطوير شجرة أركان من خلال المركز الدولي لأركان.

وأوصى المشاركون في الجلسات المتعلقة بالمحاور الأربعة للمؤتمر بعدة تطلعات من قبيل الاستفادة من البحوث والنتائج وتعزيزها والتي تدعم استعادة النظام البيئي ومكوناته وذلك وفق محور”هيكلة وتدبير والحفاظ على النظام البيئي لشجر أركان”، وكذا تطوير وتعزيز البحوث المتعلقة بالنظام البيئي (الاقتصاد البيئي) لتوجيه مشاريع إعادة التأهيل والحفاظ على النظام البيئي لحقول أركان. ثم تنفيذ تدابير ملموسة لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ على النظام البيئي، استنادا إلى نتائج البحوث. وتشجيع التعاون متعدد التخصصات بين مختلف الجهات الفاعلة المشاركة في الحفاظ على النظام البيئي لأركان وتدبيره، مع رفع مستوى الوعي وتثقيف السكان المحليين حول أهمية الحفاظ على النظام البيئي لشجر أركان والممارسات الجيدة التي يجب اعتمادها. وطالب المشاركون بتعزيز قدرات أصحاب المصلحة المحليين من أجل تدبيرأفضل والحفاظ على النظام البيئي لشجر أركان. فضلا عن تشجيع تنفيذ الممارسات الزراعية المستدامة للحفاظ على التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية للنظام البيئي لشجر أركان. وتطوير وتعزيز استخدام التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والمؤشرات الحيوية للإدارة وصنع القرار.

التثمين عن طريق التكنولوجيا الحيوية والتحسين الوراثي

أما المحور الثاني المتمثل في” زراعة أركان والتكنولوجيا الحيوية والتحسين الوراثي” دعا المشاركون إلى تطوير البحوث حول شجرة الأركان وتحسين تقنيات التكاثر وضمان توفر النباتات. ووضع برامج لإدارة وحفظ التنوع الوراثي لشجرة أركان لضمان صمودها في مواجهة التغيرات البيئية.وتعزيز الدراسات حول “جينوم” أركان لدعم برامج الاختيار والتحسين الوراثي. وتطوير تقنيات توصيف متقدمة لفهم وراثة شجر أركان بشكل أفضل ..مع المزيد من البحث و دراسة التفاعل بين شجرأركان وبيئتها، خصوصا دور الفطريات، لفهم آليات تطور الشجرة بشكل أفضل وتحسين زراعتها.

ومن جانب محور ” تثمين منتجات شجر أركان في مجالات الصحة والتغذية والكيمياء والتكنولوجيا، ألح المشاركون على تطوير الأبحاث حول تثمين المنتجات الأخرى المشتقة من شجرة أركان للاستفادة الكاملة من فوائدها، فضلا عن زيوتها. وتعزيز البحوث الطبية والدراسات السريرية لتسليط الضوء على المركبات النشطة بيولوجيا لزيت أركان للتطبيقات العلاجية. ومراجعة معايير البحث الأساسية لضمان جودة ووثوقية الدراسات التي أجريت على شجرة أركان ومنتجاتها المشتقة. وتشجيع الأبحاث حول تنويع منتجات أركان المشتركة على المستوى الدولي، خاصة من خلال إثراء المنتجات المشتقة لتطوير تطبيقات جديدة.

أما المشاركون في جلسة المحور “الاقتصاد الاجتماعي والتنمية المستدامة لمحمية المحيط الحيوي لشجر أركان”، فطالبوا بوجوب الترويج لإصدار شهادات منتجات أركان لضمان جودتها وإمكانية تتبعها، مما قد يزيد من قيمتها في السوق. وإنشاء برامج توعوية وتدريب للمزارعين لمساعدتهم على إدارة مزارعهم بشكل أفضل والترويج لمنتجات أركان. وتشجيع الأبحاث حول تقنيات عزل ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بزراعة أركان،  من خلال تشجيع زراعة أشجار أركان وغيرها من الأنواع التي تتكيف مع احتجاز الكربون. و تعزيز آليات تعويض الكربون المعتمدة على شجرة أركان، ودمجها في سياسات مكافحة تغير المناخ. ثم إجراء دراسات السوق لفهم توقعات المستهلكين بشكل أفضل وتكييف عرض منتج أركان مع اختياراتهم. والترويج لمنتجاته من خلال تسليط الضوء على صفاتها الغذائية وفوائدها الصحية وأصلها الطبيعي. ثم دعم البحوث حول التراث الثقافي والطبيعي المرتبط بشجرة أركان لتعزيز المعرفة التقليدية وتعزيز التنمية المحلية. وتشجيع المبادرات الرامية إلى تعزيز تراث أركان لأهداف السياحية والاقتصادية، وتسليط الضوء على دوره في التنمية الجهوية وخلق فرص العمل.

وشهد المؤتمر خرجة استطلاعية لمواقع زراعة أركان الفلاحي. ووقف المشاركون على نتائج المبادرة البديلة لمواجهة تأثير تغير المناخ على الوسط الطبيعي لغابة أركان. وعبر ساكنة المحلية بالمناطق المستفيدة عن أواصر التواصل والتعاضد بين الأطراف المؤسساتية والبحثية المشرفة على المشروع. وطالبو المزيد من المبادرات التي تفسح المجال لمزيد من موارد الدخل، وأثنوا على  عملية زراعة مادة “الكبار” كنظام “زراعي غابوي” بالموازاة مع شتلات شجر أركان حيث مكنت من توفير مورد دخل آني يعزز انتظار نضج الشتلات أركان وكبرها والاستفادة من ثمارها.

يشار أنه منذ الدورة الأولى للمؤتمر الدولي لشجر أركان تم التوجه نحو تعزيز ودعم تطوير القطاع والتدبير المستدام للمنظومة البيئية والاقتصادية، ليتبين، تبعا لذلك، أن نتائج الأبحاث المقدمة أثرت إيجابا على القطاع. ولاح في الأفق بوادر الانعكاس الايجابي لنتائج البحوث المقدمة واستثمار ديناميتها وكذا نوعية أسئلتها من قبل المهنيين. من هنا سيلعب المركز الدولي لأركان، الذي يتطلع لانطلاقه جل الفاعلين، دور التنشيط والتثمين وتأهيل القطاع ودور الالتقائية بين مختلف الأطراف المتدخلة في القطاع.

                                                      *****************

ارتسامات بعض المشاركين الأجانب

 ينبغي زيادة الدراسات السريرية في مجالات مثل خفض نسبة الكوليسترول

 

                                                                                                                                                                                                              الباحث الكندي الدكتور “لاري هولبروك”   ( Larry Holbrook)

أعرب الدكتور “لاري هولبروك” ”  ( Larry Holbrook) عن سروره بالمشارك في المؤتمر وقال أن مستوى التنظيم جيد للغاية، غطى العديد من جوانب البحث والاستخدامات العملية لزيوت أركان، مضيفا “يجب دراسة زيوت أركان بشكل أكبر للاستخدامات الطبية خارج مستحضرات التجميل والمواد الغذائية، بعد زيارة إحدى التعاونيات بنواحي الصويرة، من الواضح أن الأطعمة الفريدة التي تحتوي على المكسرات وزيت أركان أصبحت متاحة على المستوى الدولي بشكل أكبر، وستكون ذات قيمة كبيرة. أعتقد أن زيت أركان معروف في الغالب بمستحضرات التجميل في كندا فقط. و للمزيد من الاستخدامات الطبية، ينبغي زيادة الدراسات السريرية في مجالات مثل خفض نسبة الكوليسترول، لتقليل استخدام العقاقير المخفضة للكوليسترول. يمكن دراسة الدراسات في “اضطرابات التمثيل الغذائي ( Metabolic Disorders) بشكل عام.” وأضاف: “يمكن دراسة الأبحاث المتعلقة بالاضطرابات الأيضية بشكل عام. وأنا أتفق أيضا مع الدكتور بكاوي في أن تطوير الجينوم الحركي وزراعة الأنسجة يمكن أن يكون ذا قيمة في المستقبل”. كما أن  “الأبحاث المقدمة في المؤتمر متطورة، فالعديد من الباحثين الشباب يبحثون في التقنيات الجديدة. إنهم يدركون تماما تأثيرات المناخ والحاجة إلى زيادة الأمن المائي. أنا أؤمن بوجود العديد من الجهود الجارية لقياس احتجاز الكربون، وأن هناك مناقشات حاسمة حول المنهجية وإعداد التقارير، لذلك أقترح الاهتمام ببعض الاستنتاجات المهمة “.

 

التدهور المستمر لغابات أركان بين «حقوق الطبيعة» ووضع الشخصية القانونية

                                                                                                                             الباحث الألماني الدكتور “بيرترام تورنر (Bertram Turner) 

قال “بيرترام تورنر” عن معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا الاجتماعية، قسم القانون والأنثروبولوجيا بألمانيا:  “يجتمع باحثون من جميع أنحاء العالم لمشاركة نتائج أبحاثهم حول هذا النظام البيئي الفريد للغابات في جميع أنحاء العالم، شجر أركان. وفي الوقت نفسه، وهو حدث أكاديمي دولي راسخ، يوفر الفرصة لمواكبة أحدث التطورات ويدعو إلى التبادل الأكاديمي عبر الحدود وهو أمر لا غنى عنه لبحثي الخاص حول الإطار القانوني للمحيط الحيوي لشجر أركان، من الحفاظ على الطبيعة إلى التعددية القانونية لسلسلة تزويد أركان ومن اللوائح العرفية إلى تسميات اليونسكو. بالنسبة لبحثي الاجتماعي والقانوني الخاص بالتأثير المعياري للعلم التكنولوجي على هذا العالم القانوني المعقد سيكون مستحيلا دون الاطلاع على أحدث التطورات في العلوم الطبيعية في  أركان، سواء كانت أبحاثا في التنوع البيولوجي أو التكنولوجيا الحيوية أو علم الوراثة”.

 وأفاد كذلك أن ” الأبحاث الصيدلانية حول أركان على وجه الخصوص تثير أسئلة جديدة حول كيفية حماية المعرفة المحلية والنظام البيئي والحفاظ عليهما بشكل قانوني. كان الموضوع الرئيسي هذه المرة هو التحديات التي يطرحها تغير المناخ على النظام البيئي لأركان. إن الجدية التي يتعامل بها الباحثون الشباب على وجه الخصوص مع هذه التحديات تبعث على الأمل في رؤيتهم مستعدين للكفاح من أجل مستقبل واعد لغابات الأركان. المؤتمر هو المكان المناسب للقاء الأصدقاء والزملاء القدامى مرة أخرى وتكوين صداقات جديدة في أجواء تتميز بكرم الضيافة المذهل وتنظيم يتسم بالمهنية. كان من دواعي سروري أن أشارك. نتطلع من الآن إلى اللقاء بالأوساط البحثية حول أركان مرة أخرى في غضون العامين القادمين”.

يذكر أن الدكتور “بيرترام تورنر” تقدم بعرض أنثروبولوجي من زاوية قانونية في المؤتمر متحدثا عن التدهور المستمر لغابات أركان ومتسائلا: “هل تقدم «حقوق الطبيعة» ووضع الشخصية القانونية مسارات جديدة للحفاظ على الطبيعة في غابات أركان في مواجهة تغير المناخ؟”، ليجيب أن رغم الإطار القانوني متعدد الطبقات للحفاظ على الطبيعة وإجراءات إعادة التشجير المكثفة، فإن القانون فشل في حماية البيئة بشكل فعال وواضح. وهنا تظهر اتجاهات جديدة في الخطاب القانوني الذي يتم مناقشته حاليا في جميع أنحاء العالم في مواجهة تحديات حقبة التأثير البشري (Anthropocene).

وفي ضوء مناقشة الحالات الملموسة التي منحت فيها الأنظمة البيئية مثل الغابات وضع الشخصية القانونية، يستفسر الدكتور تورنر عما إذا كانت “حقوق الطبيعة” قد توفر وسيلة لتحسين الوضع في غابات أركان. ويتم إثراء النقاش حول حقوق الطبيعة من خلال تحليل البيانات الإثنوغرافية التي تعكسها المعرفة والحكمة المحلية بشأن العلاقات بين الأنواع المتعددة، والمعيارية أكثر من البشرية في شجر أركان. لقد تبين أنه في أفكار السكان الأصليين، تتخذ فكرة الشخصية المشتركة شكلا محددا يتضمن المساءلة المتبادلة ورعاية بعضنا البعض، يضيف الدكتور تورنر.

يشار أن الدكتور تورنر هو عالم أنثروبولوجيا وباحث كبير في قسم القانون والأنثروبولوجيا في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا الاجتماعية في هاله، ألمانيا. وقد أجرى أبحاثا ميدانية موسعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والاتحاد الأوروبي وكندا. وهو عضو في الهيئة التنفيذية للجنة التعددية القانونية ومحرر مشارك في مجلة التعددية القانونية.

  • محمد التفراوتي
Top