المحاكم على رأس لائحة القطاعات التي لازالت تتأثر خدماتها بالرشوة

مرة أخرى، تربعت المحاكم على رأس لائحة القطاعات التي لازالت تتأثر خدماتها بالرشوة، إلى جانب الشرطة والصحة والمصالح التي لها علاقة بالخدمات لدى الإدارات، حيث عبر 49 في المائة من الأشخاص المستجوبين في إطار الإعداد للتقرير السنوي لمنظمة ترانسبرانسي الدولية الخاص بمؤشر الفساد العالمي لسنة 2016، في الشق المتعلق بالمغرب، عن اضطرارهم تقديم رشوة، فيما وصلت النسبة إلى 39 بالنسبة للشرطة، و38 فيما يتعلق بقطاع الصحة، ونسبة 33 بالنسبة للإدارات التي تقدم خدمات للمواطنين.
وأظهرت المعطيات التي تضمنها التقرير الذي حمل هذه السنة عنوان “الناس والفساد” دراسة مسحية، همت بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقي، على أن نحو 48 في المائة من مجموع الأشخاص المستجوبين في علاقتهم مع المصالح المعنية السالف ذكرها، أعلنوا دفعهم لرشاوى على الأقل في واحد من القطاعات التي شملها التحقيق المتعلق بمؤشر الفساد.
وقال عز الدين أقصبي عضو المكتب التنفيذي لترانسبرانسي المغرب، في ندوة صحفية نظمتها زوال الثلاثاء الماضي بمقرها بالرباط، “إن النتائج الخاصة بالمغرب في التقرير العالمي لمؤشر الفساد، أظهر أن الرشوة لازالت تمس القطاعات الرئيسية في البلاد، وهي النتيجة التي بدت على مدى الاستطلاعات الخمس التي قامت بها المنظمة منذ 2006″، مضيفا أن نسبة تصل إلى 64 في المائة من الأشخاص المستجوبين اعتبروا أن تدبير محاربة الرشوة  يتم بشكل “سيء” أو سيء جدا “، معلقا على هذا المعطى بتعبير متشائم” إن هذا القصور في الفعل والإرادة يستمر عبر الزمن منذ التحقيق الأول الذي تم إجراؤه سنة 2006″.
وأوضح أن نسبة 10 في المائة من الأشخاص المستجوبين، صرحوا أو شجبوا حالات الرشوة المرصودة، منبها إلى ضعف انخراط الناس في مواجهة الفساد، والذي مرده، حسب المتحدث، إلى “عدم توفر الظروف المواتية لحماية فعلية للشهود والمبلغين، حيث لم يتم إقرار بعض الآليات الآمنة والفعالة التي تمكن من تشجيع وتسهيل مشاركة المواطنين في هذا المجال، حيث صرح عدد من المستجوبين عن اعتقادهم”أن لاشيء يمكن أن يقع” أو يتخوفون من العواقب في حال تبليغهم عن حالات الرشوة”.
لكن سرعان ما يستطرد أقصبي بالإشارة أن الوضع في المغرب لايشكل استثناء، وأن الوضع مقلق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا برمتها، حيث اعتبرت نسبة تصل إلى 61 في المائة من الأشخاص من المستجوبين أن الرشوة ازداد ارتفاعها منذ السنة الماضية، إذ صرح شخص واحد من ثلاثة أشخاص المستجوبين أنهم قد دفعوا رشوة، وهو ما يعني أن الرشوة منتشرة، حسب واضعي التقرير، الذي يقدر أن ما يقارب 50 مليون شخص بالمنطقة اضطروا لدفع رشاوي خلال العام الماضي من أجل الوصول إلى الخدمات الأساسية التي يحتاجونها.
وكشفت المعطيات التي تضمنها التقرير بشأن الفساد في المنطقة برمتها، حيث شملت 9 دول هي، الجزائر، مصر، الأردن، لبنان، المغرب، فلسطين، السودان، تونس واليمن، أن شخصا واحدا من بين أربعة تعاملوا مع الشرطة دفعوا رشوة، بالنظر للترهيب الذي يتعرض له ضحايا التبليغ عن الرشوة ، فإن شخصا واحدا فقط من بين خمسة أشخاص من دافعي الرشوة هو الذي بلغ عن حالة فساد، فيما 30 في المائة من الأشخاص الذين شملهم البحث أبدوا تخوفهم من الردود الانتقامية إذا تحدثوا علنا عن الفساد، فضلا عن أن نسبة تبلغ 68 في المائة من المواطنين وصفوا أداء حكوماتهم في محاربة الفساد بالسيء، وهو ما يعني فشلها في ذلك، يشير التقرير، فيما نسبة لا تفوق 26 في المائة هي التي وصفت أداء الحكومات بالجيد.
وعلقت منظمة تراسبرانسي العالمية في تقريرها على هذا الوضع “أنه بالرغم من مرور نحو خمس سنوات على اندلاع الاحتجاجات ما يسمى بالربيع العربي”، فإن استياء عاما لازال منتشرا من جهود الحكومات لكبح الابتزاز المالي في القطاع العام، وأن الأمر قد يدعو للكثير من القلق بالنظر أن غالبية المواطنين في المنطقة (نسبة 61 في المائة) يرون أن الفساد قد ارتفع مؤخرا، فيما يعتقد الكثيرون منهم أن نسبة الفساد لدى المسؤولين الحكوميين وأعضاء البرلمان عالية جدا.
هذا وأبدى نحو 85 في المائة من المواطنين أنهم يشكلون عاملا أساسيا في التغيير والمساعدة في محاربة الفساد، وأفاد الشباب في هذا الصدد أنهم أكثر قدرة واستعدادا على إحداث التغيير، كما تشعر النساء بأنهن أكثر قدرة على المساعدة في هذا المجال.
وأوصت ترانسبرانسي حكومات بلدان المنطقة، بتفعيل جهود محاربة الفساد، وذلك عبر ملاحقة ما سمته بالفساد الكبير وتقديمه للقضاء، مهما كان مستوى المسؤول الحكومي، وتعديل القوانين التي تقيد حرية الصحافة والمجتمع المدني والأفراد، وتأسيس هيئات مستقلة سياسيا لمكافحة الفساد، بحيث تتمتع بموارد كافية ويناط بها قيادة محاربة الفساد، على أن يتم في المقابل سن عدم الإفلات من العقاب بضمان الملاحقة القانونية للمتورطين في الفساد في القطاع العام، وتنفيذ العقوبات في حقهم، والعمل في ذات الوقت على  إدماج المواطنين في محاربة الفساد وتطوير آليات الإبلاغ عنه.

فنن العفاني

Top