المسألة الاجتماعية

زمن الجائحة أكد حدة الأوضاع الاجتماعية والمعيشية التي تعاني منها فئات عديدة من شعبنا، وصارت اليوم مهن وقطاعات بكاملها، علاوة على الكثير من الأوساط الفقيرة والمعدمة، بل وحتى المتوسطة، تواجه صعوبات ومعاناة حقيقية لتأمين شروط عيش عادية لها ولأسرها، وهذا الواقع كان معروفا حتى قبل الجائحة، نتيجة اختلالات جوهرية في واقعنا الاقتصادي والاجتماعي، وعلى مستوى الاختيارات الكبرى التي اعتمدت منذ عقود، وهو ما عمق الفوارق الطبقية والاجتماعية والمجالية في بلادنا، وطرح مشكلة ضعف العدالة الاجتماعية، وجعل المسألة الاجتماعية تمثل اليوم أولوية الأولويات لدى شعبنا.
وتبعا لهذا، فإن القرار الملكي الهام بتعميم الحماية الاجتماعية، يعتبر خطوة إستراتيجية كبرى، من شأن النجاح فيها تحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين، وحفظ كرامة شعبنا، وحماية الطبقات الهشة.
الحكومة الحالية لم تنجح، بالرغم من ذلك، في جعل قانون المالية لهذه السنة يندرج ضمن هذا الأفق الإصلاحي الإستراتيجي، أو يخلق الاطمئنان والثقة لدى المغاربة، وإنما خيب الآمال التي كانت معقودة عليها، وتواصل إحساس شعبنا بالخيبة وضعف الثقة في المستقبل.
نفهم كون المشروع الإستراتيجي الكبير المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية يعتبر أكبر من قانون المالية ويتحاوزه، ولكن السياسات الحكومية، مع ذلك، يجب أن تنسجم مع التطلع التنموي الإستراتيجي، وتندرج ضمن صيرورته الإصلاحية والهيكلية، وأن تعكس الطموح الذي جسده الإعلان الملكي المتصل بتعميم الحماية الاجتماعية.
الآن، وقد اكتملت المصادقة على الميزانية واستوت الحكومة في مقاعدها، يجب أن تباشر الإصلاحات التي وعدت بها، وأن تقدم للمغاربة منجزات عملية، ذلك أن الناس تتطلع إلى برامج وتدابير ومبادرات تنعكس على حياتهم اليومية، ويكون لها الأثر الملموس والمباشر على عيشهم اليومي.
وهنا يجب أن نستحضر واقع الفئات والمهن والقطاعات التي تضررت جراء الجائحة وتداعياتها، وهذه مسؤولية الحكومة لمساندتها، ولتمكينها من الحد الأدنى من العيش الكريم والدعم والمواكبة، كما يجب أن نفكر في ضعف المساواة على صعيد الشغل ومختلف الخدمات الأخرى وواقع النساء والشباب، وأيضا في الفوارق المجالية والترابية بين الجهات والمناطق، وفي النظام الجبائي، الذي يقتضي إصلاحا حقيقيا وشجاعا، وبما يكفل الإنصاف، ويحقق الاستقرار…
الحكومة مسؤولة اليوم على تحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية لشعبنا، وهناك أيضا دور الفئات الميسورة، والتي من واجبها الوعي بقيمة وأهمية التضامن، ومسؤوليتها على تنمية البلاد وصيانة استقرارها، وتحسين شروط عيش شعبنا.
ينتظر شعبنا من الحكومة الوفاء لالتزاماتها الانتخابية، وإبداع الأفكار والحلول والمخارج للمعضلات التي ترزح تحتها فئات عديدة، وأن تقدم إصلاحات وبرامج ملموسة لتحسين واقع حياة المغاربة.
المسألة الاجتماعية رهان جوهري واستراتيجي في بلادنا اليوم، وهنا عمق ودلالة «الدولة الاجتماعية».

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top