المغرب يتقاسم تجربته مع الدول الإفريقية ويدعو إلى تضافر الجهود من أجل تحقيق الأمن الغذائي

دعا وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، أول أمس السبت بالرباط، إلى تضافر الجهود والتعاون الجماعي من أجل رفع التحديات المعقدة التي تواجه القارة الإفريقية، بما فيها الأمن الغذائي والاستدامة البيئية والتنمية القروية. وأكد صديقي، في ختام الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة لأفريقيا، أنه “من خلال العمل معا، بإمكاننا إحراز تقدم هائل ومستدام لمستقبل الفلاحة الأفريقية”. وبهذه المناسبة، تطرق صديقي للمناقشات المعمقة والمثمرة التي جرت خلال المؤتمر، مشيرا إلى أن مساهماتها كانت حيوية لتنفيذ القرارات المعتمدة وتحفيز التغيير الضروري في الأنظمة الفلاحية والزراعية لإفريقيا. وأشار إلى أن هذا المؤتمر رفيع المستوى، الذي ترأسه المغرب، شكل خطوة حاسمة في التعاون جنوب-جنوب، وألقى الضوء على التزام القارة الإفريقية بتحويل النظم الغذائية لمواجهة التحديات المناخية المتفاقمة. وقد ركزت المناقشات، التي عرفت مشاركة 40 وزيرا ووفدا، على استراتيجيات تعزيز قدرة الفلاحين على الصمود والتكيف مع التغيرات البيئية. وأوضح الوزير أن الاستراتيجية المغربية “الجيل الأخضر 2020-2030” كانت في صلب هذه المناقشات، مبرزا المبادرات المتمحورة حول الحفاظ على الموارد الطبيعية، على رأسها المياه، فضلا عن تحسين خصوبة التربة. كما شكلت التداعيات ذات الصلة بتدبير المياه محور الاهتمامات، مع التركيز بصفة خاصة على البرامج الرامية إلى الاقتصاد في استعمال هذا المورد الحيوي وتعبئته. وعلاوة على ذلك، تدارس المشاركون عن قرب ممارسات الإنتاج الحيواني والنباتي، بحثا منهم عن طرق لتحسين كفاءتها مع تقليل بصمتها البيئية. وخلص إلى أن هذه المناقشات مكنت من بلورة خارطة طريق دقيقة للسنتين المقبلتين، مبرزا أهمية استمرار التعاون بين الدول الأفريقية لرفع هذه التحديات المشتركة.

فرصة لاستكشاف الشراكات ومناقشة الفرص

وكانت أشغال الدورة الـ33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لإفريقيا، قد انطلقت يوم الخميس الماضي تحت رئاسة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش. وشكل هذا المؤتمر، المنظم تحت رعاية المملكة المغربية، مناسبة هامة للدول الإفريقية لمناقشة الحلول العملية والملموسة للأمن الغذائي وتحسين الإنتاج الزراعي، وكذا تحديد الأولويات مع منظمة الأغذية والزراعة للسنتين المقبلتين، بهدف تحقيق تغيير مستدام في النظم الغذائية والزراعية في جميع أنحاء القارة. كما مكن المؤتمر، المنعقد تحت شعار “نظم غذائية وزراعية مرنة وتحولات قروية شاملة”، الأعضاء والجهات الفاعلة الأخرى من تبادل أفضل الممارسات واستكشاف الشراكات ومناقشة الفرص، فضلا عن تقديم توجيهات إقليمية حول تحويل النظم الزراعية والغذائية بإفريقيا. وتضمن برنامج هذا الحدث الهام موائد وزارية مستديرة، وإطلاق إصدارات جديدة لمنظمة الأغذية والزراعة، وتنظيم فعاليات خاصة حول عدد من المواضيع، على غرار تحفيز استثمارات القطاعين العام والخاص عن طريق تمويل النظم الغذائية والزراعية المرنة، والتحول الأزرق في إفريقيا، وإمكانات الأغذية المائية، إضافة إلى المحركات والمحفزات المؤدية لتحويل النظم الغذائية والزراعية في إفريقيا.

المغرب.. جهود تحقيق الأمن الغذائي المستدام

واستعرض وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، يوم الخميس الماضي، أمام المشاركين في الدورة الـ33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة لإفريقيا، تجربة المغرب في ما يتعلق بصمود نظامه الفلاحي لتحقيق أمن غذائي مستدام.

وأبرز صديقي، في كلمة بالمناسبة، التدابير التي اتخذتها المملكة في القطاع الفلاحي، والتي مكنتها من مواجهة سياق يتسم بأزمات متعددة. وفي هذا الصدد، أشار الوزير إلى مخطط “المغرب الأخضر” الذي تم إطلاقه سنة 2008، والذي أرسى أسس السياسة الفلاحية للمغرب في إطار رؤية طويلة المدى تهدف إلى تعزيز السيادة والأمن الغذائي. وأضاف أن المملكة اعتمدت استراتيجية “الجيل الأخضر” في سنة 2020 على أساس نتائج مخطط “المغرب الأخضر”، بهدف وضع الإنسان في صلب الاستراتيجية الفلاحية، وتطوير فلاحة مستدامة وقادرة على الصمود. وأشار الصديقي إلى أن “البلدان الأفريقية مدعوة، بفعل تأثير تغير المناخ، إلى إنتاج أكبر بموارد أقل، لا سيما في مجال المياه”، مستشهدا بسياسة المغرب المائية في هذا الإطار. من جهة أخرى، تطرق الوزير إلى قطاع الصيد البحري الذي يساهم أيضا في الأمن الغذائي من خلال تنفيذ استراتيجية “هاليوتيس”، مشيرا إلى أن المغرب يعد من البلدان الإفريقية الرائدة في مجال الإنتاج السمكي. من جانبه، ركز مدير المعهد الوطني للبحث الفلاحي، فوزي بكاوي، على الدور الكبير للبحث العلمي في تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ. واستعرض الجهود التي بذلها المعهد من أجل صمود القطاع الفلاحي المغربي في مواجهة التغيرات المناخية، لاسيما من خلال المقاربة التي تربط بين “الماء والطاقة والغذاء”، والتي تهدف إلى ضمان الولوج إلى المياه والطاقة والغذاء على المدى الطويل، عبر والفلاحة الدقيقة وبنك الجينات. من جهته، أكد مدير الري وإعداد المجال الفلاحي بالوزارة، أحمد البواري، أن الفلاحة السقوية، التي تلعب دورا رئيسيا في الأمن الغذائي وتحسين مستوى المعيشة واستقرار الساكنة القروية، تشكل أولوية بالنسبة للسياسات العمومية. وأشار إلى أن المغرب فقد 30 في المائة من موارده المائية بسبب تأثيرات تغير المناخ، مبرزا العلاقة القوية بين هطول الأمطار وإنتاج الحبوب. وأضاف البواري أن “المغرب ملتزم بمواجهة تحدي المياه من أجل ضمان السيادة الغذائية، من خلال استراتيجية الجيل الأخضر والبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي، اللذان يهدفان إلى تحسين النجاعة المائية وتطوير العرض المائي”. أما المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية، المهدي الريفي، فقد ركز على الفلاحة الصغيرة، بإطلاق جيل جديد من المشاريع الفلاحية التضامنية، من خلال استراتيجية الجيل الأخضر. وأشار إلى أنه “بفضل المقاربة الجهوية لأنظمة الإنتاج والمواكبة المخصصة للمنظمات المهنية، تم إطلاق 323 مشروعا بميزانية قدرها 3,4 مليار درهم، ليبلغ عدد المستفيدين 192 ألف مستفيد”. وفي مداخلة له، سلط المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بالمغرب، عبد المالك فرج، الضوء على مبادرة الحزام الأزرق التي تم إطلاقها سنة 2016 خلال مؤتمر (كوب 22) بمراكش، معتبرا أنها تشكل استجابة استراتيجية من المغرب لمواصلة دعم السياسات الوطنية والإقليمية والدولية. ودعا إلى التزام الجهات المعنية بتعزيز الشراكات، و وتوحيد شبكات رصد السواحل.

Top