باحثون يناقشون بالقنيطرة المنجز الشعري والأدبي لإبراهيم السولامي

نظم ماستر مكونات الأدب العربي في المغرب الحديث والمعاصر: التاريخ والخطاب، بشراكة مع رابطة الأدب الإسلامي العالمية، يوما دراسيا، يوم الثلاثاء 13 يونيو الماضي، تحت عنوان “التلقي والإبداع في الأدب المغربي من خلال المنجز الأدبي للدكتور إبراهيم السولامي”. وهي المناسبة التي كانت احتفاء وتكريما لفارس من فرسان الأدب العربي والتي شهدت أطوارها قاعة الندوات بكلية الآداب واللغات والفنون بجامعة ابن طفيل العامرة بمدينة القنيطرة مسقط رأس المحتفى به سنة 1938.
والمحتفى به، حاصل على شهادة الباكالوريا آداب من ثانوية التقدم بالقنيطرة، وحاز على الإجازة في الأدب العربي من جامعة القاهرة سنة 1960، كما توجه مساره الأكاديمي بدكتوراه السلك الثالث من جامعة الجزائر سنة 1960. اشتغل أستاذا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة.
يتوزع إنتاج إبراهيم السولامي بين الدراسة الأدبية والكتابة الشعرية. أصدر:
– حب: مجموعة شعرية، تطوان، المطبعة المهدية، 1967، 104 ص.
– الشعر الوطني المغربي في عهد الحماية: 12-1-1956، الدار البيضاء، دار الثقافة، 1974، 310 ص.
– تأملات في الأدب المعاصر، الدار البيضاء، دار الثقافة، 1979.
انطلقت الجلسة الأولى لهذا العرس التكريمي حوالي الساعة التاسعة صباحا والتي ترأستها الشاعرة الدكتورة بديعة لفضايلي بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحضور الباحث مصطفى رفعت، لتعطي بعد ذلك الرئيسة الكلمة لحسن الأمراني رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية والذي قدم فيها محاضرة قيمة عرف فيها الطلبة بالرابطة وأعمالها وعلاقتها بالأدب منوها في الوقت ذاته بالمحتفى به وأياديه البيضاء على بلده عموما وطلبته بشكل خاص،.
وفي كلمة مؤثرة رحب محمد زرو عميد الكلية بضيوف هذا اللقاء ممن تجشموا عناء التنقل من مدن وجدة وفاس والرباط لحضور هذا الاحتفاء بالشاعر الكبير منوها في نفس الوقت بمجهودات كل مكونات الماستر متمنيا لهم المزيد من النجاح. لتتناول الكلمة بعد ذلك منسقة الماستر الدكتورة ربيعة بنويس، وبنوع من الفخر بزملائها أساتذة الماستر وبطلبتها منظمي هذا اللقاء رحبت بالمحتفى به وبجميع الضيوف الذين أثثوا فضاء القاعة من أساتذة وطلبة الماستر والمهتمين بالأدب، وبعد كلمات المشاركين في الجلسة الأولى والتي أجمعت على ريادة الدكتور إبراهيم السولامي في خدمة الأدب المغربي تم تكريم كل من رئيس رابطة الأدب الإسلامي والشاعر محمد علي الرباوي بتسليمهما درع الماستر وبمجموعة من إصدارات أساتذته وطلبته والتي تناوب على تقديمها كل من عميد الكلية محمد زوز ونائبه الدكتور عبد النور الحضري والدكتور محمد أحميدة.
وانطلقت مباشرة بعد ذلك الجلسة العلمية الثانية والتي ترأس مجرياتها مؤرخ نادي الجراري وأحد مؤسسي ماستر الأدب العربي في المغرب الدكتور محمد أحميدة والتي افتتحها بكلمة ترحيبية بعريس اللقاء وبالحضور الكريم قبل أن يرتدي صرامة الأستاذ والمسير حاثا المتدخلين بالالتزام بالوقت المحدد في خمسة عشر دقيقة لكل متدخل.
وأعطى الكلمة الأولى للدكتور محمد المتقن الإطار بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين –وجدة- والذي وسم مداخلته بـ”البنية الإيقاعية في ديوان “حب” للشاعر إبراهيم السولامي” المنشور سنة 1967 معرفا في بداية كلمته بالإيقاع الشعري المرن المتجدد، مبرزا الفرق بينه وبين الوزن الشعري ذي القواعد الخاصة، لينطلق بعد ذلك لجرد البحور الشعرية الخمسة عشر التي وظفها السولامي في ديوانه “حب” والتي جاءت بالشكل الآتي (بحر الرمل/ خمسة عشر قصيدة، البحر الكامل/ تسع قصائد، الرجز/ أربع قصائد، المتقارب/ ست قصائد، المتدارك/ قصيدة واحدة).
وكانت المداخلة الثانية للدكتورة أمل بنويس الأستاذة الجامعية بجامعة الحسن الثاني-المحمدية- والأستاذة السابقة لمادة المسرح في نفس الماستر والتي عنونت مداخلتها القيمة “بتأثير الحركات الثقافية في شعر إبراهيم السولامي”، متوقفة عند السياق السياسي والسوسيوثقافي الذي كتب فيه الديوان، مبرزة تأثير الحركات الرمزية والتشكيلية في شعر السولامي كونه ارتبط بمرحلة التحولات الكبرى بعد الحرب العالمية الكبرى، وما واكبها من دعوات لمناهضة الاستعمار والتحرر والصمود واستنهاض الهمم، بجانب تأثره بحركة الشعر الحديث وما عرفته من دعوة للتجديد والابتكار مشيرة في نهاية كلمتها لاستيائها من تعامل بعض النقاد مع شعر السولامي زمن سيادة الاتجاه الأيديولوجي على النقد المغربي –وصف أحمد المجاطي لشعر السولامي بالسطحية-.
“ترانيم النضال في دندنة ناقد: قراءة في قصيدة العمالقة للدكتور إبراهيم السولامي” بهذا العنوان وسمت الطالبة الباحثة في سلك الدكتوراه ذة. حكيمة صمران والتي تعد أطروحة تحت اشراف الدكتورة ربيعة بنويس اختارت لها “ثورة الشعر المغربي: من التأصيل إلى الرؤية” عنوانا، والتي استهلت فيه مداخلتها بالوقوف عند العنوان “العمالقة” الذي توقفت عند تعريفه المعجمي والاصطلاحي والدلالي، باعتباره أول عتبات النص قبل وضع النص تحت مشرط التحليل، متوقفة عند المناضل النموذج والمقول السطحي من المدلول إلى النص والثنائيات والمدلولات الضدية، مشيرة إلى تميز الشاعر بتجديد هيكل الكتابة الشعرية وتمرده على الشعر الخليلي.
وتناول الدكتور حماد يوجيل من المركز الجهوي للتربية والتكوين بوجدة صاحب كتاب “الإبداع في الخط العربي” و”سيمولوجية الفراشة” في مداخلته والتي عنونها بـ”إبراهيم السولامي بين الذات والموضوع” وتوقف فيها عند السيرة الذاتية للسولامي مستعرضا أهم محطات حياته بشهادة لا تخلو من طرائف، علاقات صاحب السيرة بتلامذته وطلبته وأساتذته وهي الشهادات التي كان شاهد عيان على بعضها ومستمدا بعضها الآخر من كتاب “تأملات لإبراهيم السولامي” و”رجال ظهر المهراز” لأحمد المديني.
وكانت المداخلة الموالية لصاحبة “أدب المنافي والسجون” و”رحلة نسيم البوسفور” الدكتورة بديعة لفضايلي والتي اختارت لمداخلتها عنوانا شعريا كعادتها “الدكتور إبراهيم السولامي: الرحالة مدبج الرسالة ومحبر المقالة”، تناولت فيها بأسلوب رائع –تحريرا وإلقاء الحديث عن رحلات السولامي بالمشرق العربي وأوروبا وأمريكا والمقارنات التي أقامها بين تلك الأماكن ومسقط رأسه القنيطرة، ثم اتجهت للتذكير بتوفق السولامي في الإبداع في كتابات فن الرسالة والمقامة محيلة الطلبة والمهتمين على عنوانين الصحف والمجلات التي نشرت كتاباته (مذكرات مسافر المنشورة في مجلة الشاهد المغربية).
واختتمت الجلسة العلمية بدراسة رزينة للطالب الباحث في سلك الدكتواره ذ.هشام هلالي والذي اختار لأطروحته التي ينجزها تحت إشراف منسقة الماستر الدكتورة ربيعة بنويس “السجال النقدي في الأدب المغربي” عنوانا. الورقة التي وسمها “بقراءة في سيرة حياة إبراهيم السولامي” معتبرها سيرة حياة ذات تجربة غنية ومرجع جماعي للحياة تنزع نحو التوثيق الشامل لمسيرة صاحبها المهنية والفكرية والإبداعية.
اختتمت هذه الجلسة بكلمة لمسيرها الدكتور محمد أحميدة لا تخلو من طرافة رسمت الكثير من الابتسامات على وجوه الحاضرين.
وفي الجلسة الثالثة التي سيرتها الدكتورة أمال بنويس قدم فيها كل من الدكتور رضوان بنشقرون رئيس المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي في المغرب والدكتور محمد علي الرباوي والذي تناول التجربة الشعرية عند السولامي في محاورة شعرية حميمية بين المحتفى به والشاهد، وتلاه المنسق السابق لماستر الأدب العربي في المغرب الدكتور أحمد حافظ الذي قدم شهادة في حق المحتفى به منوها بحنكته في تسيير وتنظيم شعبة اللغة العربية زمن تسييرها. وكانت آخر الشهادات للكاتب الروائي ادريس الصغير عضو اتحاد كتاب المغرب.
واختتم هذا اليوم الدراسي بكلمة موجزة لعريس الجلسة شكر فيه كل من ساهم في تنظيم وإنجاح هذا اليوم معبرا عن سعادته بهذا التكريم. وتم بعد ذلك تسليم درع الماستر ومجموعة من الكتب والهدايا للمحتفى به قدمها ماستر الأدب العربي في المغرب في شخص منسقته الدكتورة ربيعة بنويس ورئيس الرابطة وبعض إصدارات المشاركين في هذا الحفل البهيج.

محمد الوسطاني

Related posts

Top