الكاتب والإعلامي المغربي عبده حقي
لا مناص من النشر الرقمي أما إصداراتي الورقية في المستقبل فستكون حصريا نسخا قليلة
بمناسبة الدخول الثقافي، توجهنا بأسئلتنا إلى مجموعة من الكتاب المغاربة، من أجيال مختلفة، للحديث حول أحدث إصداراتهم وحول المتابعة النقدية ومدى أفضلية الكتاب الورقي عن الرقمي.. إلى غير ذلك من القضايا.
اليوم مع الكاتب عبده حقي.
< ما هو أحدث إصداراتك؟
> آخر إصداراتي كتاب ورقي وسمته ب “عام كورونا” قبل أيام قليلة وهو يناهز 180 صفحة من القطع المتوسط، وللإشارة فقد سبق لي أن نشرت نفس الإصدار في نفس التاريخ من العام الماضي في نسخة إلكترونية من تصميمي الشخصي غلافا ومتنا وهي نفس النسخة التي اعتمدتها المطبعة في صناعة النسخة الورقية .
< كيف تعرفنا به وتقربنا من محتواه؟
> يضم كتاب “عام كورونا” بين دفتيه مقالتين لي وثلاثين مقالة أخرى مترجمة موزعة بين شقين: الشق الأول هو عبارة عن مجموعة من الأسئلة القلقة والملحة التي أثارتها جائحة كورونا منذ مطلع عام 2020 والتي حاول المهتمون الإجابة عنها كل من زاوية تخصصه وتصوراته وخبرته بهدف إيجاد الحلول القمينة بتجنب ما أمكن الكارثة وما يجرفه طوفانها من أزمات على مختلف المستويات خصوصا الاجتماعية والاقتصادية .
أما الشق الثاني من الكتاب فهو خلافا للشق الأول لم يطرح أسئلة ويبحث عن أجوبة وإنما اعتبارا لكون تاريخ الإنسانية قد وثق من خلال مختلف مستويات التعبير الكتابي والشفاهي الأدبي والفني الروائي والقصصي والشعري سيناريوهات عن كيف عصفت رياح الأوبئة بعديد من المجتمعات وكيف أنهكت دولا وأخلت مدنا ومحت قرى بكاملها وبعثرت بملامح وهويات عدة شعوب وهذا ما حاول أشهر الكتاب والأدباء توثيقه من خلال كتابتهم عن تجاربهم الخاصة مع ألم الوباء أو تجارب غيرهم في شكل روايات وقصص و سيرة ذاتية ومسرحيات وأفلاما .
وقبل كل تقديم إن هذا الإصدار مهدى إلى كل رجالات الدولة من سلطة وأطباء وخبراء وباحثين وإعلاميين ومتطوعين الذين أفنوا ساعات تلو ساعات من عمرهم على جبهة الدفاع ضد جائحة كورونا، مضحين بأرواحهم وراحة أسرهم من أجل أن يبقى هذا وطننا العزيز معافى وشامخا وفخورا أمام التاريخ الإنساني بكونه ربح رهان التصدي لهذه الجائحة.
< هل هو امتداد لإصداراتك السابقة أم أنه يشكل قطيعة معها؟
> طبعا إنه يشكل قطيعة مع مشروعي الأدبي والرقمي على الخصوص الذي انطلق قبل عقد من الزمن في البحث في مجال الأدب الرقمي والنص التشعبي والصحافة الإلكترونية، والذي توج بعدة إصدارات إلكترونية كان آخرها كتاب “ماهو الأدب الرقمي؟” الذي صدر عن دار نشرفي ألمانيا وهو متوفر في متجر “أمازون”.
< ما مدى المتابعة النقدية لما تنشره من إصدارات؟
>بكل صراحة لم يحظ أي من إصداراتي الورقية والإلكترونية بمتابعات نقدية من طرف نقاد أصدقاء وغيرهم أو مهتمين إعلاميين، لاعتبارات عديدة، منها أن كتبي الورقية غير موزعة على الصعيد الوطني والعربي بشكل ميسور يسمح بتوفرها في مكتبات قريبة منهم. أما كتبي الإلكترونية المنشورة في موقعي الإلكتروني الشخصي فربما سبب عدم حظوتها النقدية يعود لشكلها الرقمي الذي قد يشكل للكثير من النقاد عائقا في القراءة الميسورة والتصفح المريح، وغالبا ما يفضل النقاد العرب الإصدارات الورقية لأسباب رمزية وقرائية تقليدية، وهذا التقليد القرائي من دون شك ماض إلى الأفول التدريجي مع الوقت بسبب سيطرة تكنولوجيا التواصل والمعرفة الرقمية على مختلف أنشطة الإنسان الفكرية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية.
أخيرا إن أي راصد للحركية النقدية في المغرب قد يلامس اعتبارات أخرى لا تتعلق بالسند بل بدوافع النقد الشللي والنقد المؤدى عنه والنقد المندرج في ما يعرف في التقاليد الاجتماعية المغربية بـ”الصواب” على غرار الهدايا المتبادلة، وما إلى ذلك من السلوكيات التي لا علاقة لها لا بمحتوى الإصدار الأدبي والفني وقيمته المعرفية والجمالية في التراكم الثقافي.
< هل تفضل أن يكون إصدارك القادم ورقيا أم رقميا؟
> طبعا إننا رغما عنا نواصل سفرنا إلى المستقبل ونواكب الحضارة الرقمية العالمية ساعة تلو أخرى، وهي حضارة ماضية بحزم إلى القطيعة مع حضارة “الكتابة” التي تمتد لمدة خمسة قرون منذ عصر غوتنبرغ، وبالتالي فلا مناص من مواصلة مشروع إصداراتي الرقمية أما إصداراتي الورقية في المستقبل فستكون حصريا نسخا قليلة، هي عبارة عن إهداءات للأصدقاء والإعلاميين أتمنى أن يجدوا لها مكانا ملائما لوضعها في حجراتهم الضيقة.
< إعداد: عبد العالي بركات