قامت وحدات مسلحة إسرائيلية، صبـاح الثلاثاء الماضي، بغارات عدوانيه غادرة على عدة مناطق لبنانية، وخاصة بيروت العاصمة، وأدت هذه الغارات إلى اغتيال ثلاثة مـن قادة المقاومة الفلسطينية، هم أبو يوسف، وكمـال ناصر، وكمال عدوان، كما اغتيلت زوجه أبو يوسف واستشهد ثلاثون مناضلا، وجرح عشرات آخرون.
إننا نستنكر بشده هذه الجريمة النكراء، وننحني خشوعا أمام أرواح الشهداء، ونتقدم إلى عائلاتهم، وإلى منظمه التحرير الفلسطينية، وإلى الشعب الفلسطيني قاطبة، بأحر التعازي، مؤكدين لهم بأننا سنظل مساهمين في جهادهم إلى أن تتحرر فلسطين العزيزة، وتتمتع بكامل سيادتها وحريتها.
وتأتي هذه العمليات الشنيعة، بعد سلسلة طويلة من الاعتداءات اللصوصية، وخاصة بعد ضرب مخيمات الفلسطينيين في الشمال اللبناني، وإسقاط الطائرة الليبية فوق صحراء سيناء، وقد مات سائر ركابها، وعددهم أكثر من مائة.
وإن دل هذا التصعيد على شيء، فإنما يدل على أن العدو الصهيوني مصمم العزم علـى استعمال الإرهاب على أوسع نطاق ممكن، ومستعد للقيام بهجمات جديدة أکثر جسارة، وأقوى وحشية. وأهدافه واضحة: فهي ترمي إلى استئصال قواعد المقاومة الفلسطينية من البلدان العربية، وتصفية المناضلين الفلسطينيين، وبث الرعب والاضطراب في الأوساط العربيـة الحاكمة حتى يتأتى إملاء الشروط الاستسلامية عليها.
وهذا المخطط الإجرامي مرتبط، ارتباطا وثيقا، بتأييد الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، وتزويدها بكل ما تحتاج إليه من طائرات وأسلحة وذخائر ومساعدات أخرى، تمولها في الواقع بعض الدول العربية، إذ أن الاحتكارات الأمريكية تجنى أكثر من ملياري دولار في العام من نفط العرب . والمساندة الأمريكية هي ما تفسر كون العدو يرتكب جرائمه دون تستر ولا تردد وبغطرسة نادرة، متجاهلا كل القيم الإنسانية، ومخالفا لكل أحكام القانون الدولي وكل مبادئ الأمم المتحدة.
لكن هناك ما يشجع العدو على المضي قدما في تنفيذ خطته الضالة، ألا وهو ما يشاهده من تفرقة في صفوف العرب، ومن ميوعة في مواقف بعضهم الذين يتفرجون من بعيد، ومن سلبية في سلوك آخرين، كقيام نظام الأردن بمجازر شتنبر وغيرها، وكتقتيل النميري لأفضل الثوريين وأشدهم عداوة للامبريالية والصهيونية، وكضرب العناصر التقدمية في القاهرة وفتح المجال للمناورات اليمينية، وطرد الخبراء السوفياتيين.
لقد آن الأوان ليشعر العرب بأنهم ذاهبون إلى الهلاك، إذا ما تمادوا في حالهم الراهن، وإذا لم يغيروا ما بأنفسهم، ولم يجابهوا بالحزم والجد وروح المسؤولية الخطر المحدق بهم.
إن على العرب، شرقا وغربا، أن يتفرغوا لمعركة المصير، وينظروا إليها في شموليتها وكل معطياتها ومراحلها، وأن يجندوا لها كل إمكانياتهم. وهذه الإمكانيات عظيمة، إذ للعرب عدالة قضيتهم، ولهم الرجال، ولهم الحلفاء المخلصون، ولهم سلاح النفط الحاسم. ذلك إنهم يملكون 60 في المائة من احتياطي العالم من النفط المعروف، وأمريكا وأوروبا الغربيـة
تعتمدان عليه، والأرباح التي يحصل عليها العرب منه تبلغ عشرة ملايير من الدولار سنويا، وستصل إلى أربعين مليارا سنة 1980، أي عشرات أضعاف ما يقدمه الإمبرياليون والصهاينة لإسرائيل!
وعلى العرب أن يخوضوا المعركة في تنسيق المواقف، وتوحيد للمجهود، مبتعدين عـن افتعال الأزمات، ومجتنبين التعاطي للصراعات الهامشية، وتنجين التناقضات الثانوية على حساب التناقض الجوهري مع العدو.
كما أن عليهم أن يتيقنوا بأن ضرب العدو وحده يكفي، بل ينبغي معاداة من يحميه ويؤيده ويقدم له العون.
وعسى أن يكون الاعتداء الصهيوني الأخير حافزا لاستجماع القوة، وتحقيق الوحدة والنضال الفعال.
علي يعتة