تميز تحول إلى تنمر

تتواصل منذ بداية هذا الموسم الجديد، مباريات كأس “التميز” التي تحتضنها الملاعب المتوفرة، في ظل أزمة طارئة، سببها إعادة تأهيل البنيات التحتية، بأهم المدن الوطنية المرشحة لاحتضان التظاهرات الدولية الكبرى، من بينها كأس إفريقيا للأمم سنة 2025، ومونديال 2030.
ولقي إحداث كأس “التميز” في البداية بعض التحفظ، وما رافق ذلك من طرح تساؤلات كبرى، حول الأهداف التصورات المنتظرة منها، وأيضا الصعوبات التي يمكن أن تلاقيها بطولة ستزيد بدون أدنى شك، من ثقل كاهل الأندية التي تعيش أصلا مواسم جد صعبة بسبب تراكم المشاكل، وتعدد مظاهر الخصاص، وعلامات التدبير السيئ…
إلا أن هذا التحفظ سرعان ما تحول إلى نوع من الرضا والقبول، بعد استنتاج أهمية خلق مسابقة جديدة، تعطي فرصة أكثر لاختبار إمكانية لاعبين بسن تعد نسبيا مبكرة، مقارنة بأعمار الأغلبية العظمى من اللاعبين الذين يكونون التشكيلات الأساسية للأندية الوطنية…
إلا أنه مع انطلاق أولى الجولات هذه البطولة، اتضحت الحقيقة المرة، وتتجلى في ضعف مستوى لاعبين يتجاوز سنهم الـ 20 سنة أو حتى أكثر، يفتقدون إلى أسس وأبجديات ممارسة كروية سليمة، بل هناك من لا يعرف المكان الذي يجب أن يقف فيه داخل رقعة الملعب، فبالأحرى الالتزام بالتكتيك وقواعد الخصاص وتعليمات المؤطر، هذا الأخير الذي يطرح التساؤل أيضا، بخصوص تكوينه ومداركه العلمية…
وبدون طرح أكثر من سؤال بخصوص مسببات واقع يعد كارثة حقيقية، تتجلى في واقع التكوين داخل الأندية الوطنية، بجل الأقسام والفئات…
أداء عام جد ضعيف، اللهم من استثناءات قليلة جدا، سواء على مستوى اللاعبين أو الأندية، هناك عناصر تعد بمستقبل واعد بالنظر إلى توفرها على إمكانيات فردية، كما أن هناك أندية قدمت لهذه البطولة فريقا متكاملا، عدة وعددا، وفي مقدمتها نهضة بركان والفتح الرباطي بالنظر لاستفادتهما من إمكانيات مهمة، مع معرفة دقيقة بأسس المشروع ومرتكزاته الأساسية، وهناك أيضا أولمبيك اسفي والكواكب المراكشي…
إلا أن الأغلبية الساحقة من الأندية قدمت لهذه البطولة لاعبين غير جاهزين بالمرة، لا مستوى ولا معرفة تكتيكية، بلا إعداد بدني وذهني مناسبين، ولا هم يحزنون، المهم أن هذا الفريق أو ذاك يشارك ببطولة وكفى المؤمنين شر القتال.
نسخة من بطولة يتبين أنها فاجأت الأندية، ولم يتم الإعداد لها بالشكل المناسب، إذ يقال بأن العصبة الاحترافية ربما لم تمنح الأندية الوقت الكافي لترتيب بيتها الداخلي المنهار أصلا، بعد إطلاق بطولة جاءت بعد عطلة صيفية طويلة، مع ما يترتب عن ذلك من غياب أي حس رياضي أو شعور بالواجب المهني، لدى جل المتدخلين…
صحيح أن عدم التهيىء المتكامل لبطولة تسمى تجاوزا بـ “التميز ” يمكن أن يكون أحد أسباب هذا الظهور المتواضع والسيئ، لكن من المفروض أن هناك فئات صغرى ومدارس وأكاديميات تشتغل طيلة الموسم، وهناك تدرج من المفروض أن يمر عبره الممارس الصغير، قبل وصوله لمرحلة النضج الذي يؤهله للانتقال إلى الفريق الأول، لكن يبدو أن الأمور اتخذت منحى آخر، غير إتباع مناهج التكوين القادر على منحنا مواهب في مستوى التطلعات…
الخلاصة أنه لا تكوين داخل الأندية الوطنية، وهذه الحقيقة تعرت بوضوح من خلال إطلاق بطولة “التميز” سرعان ما تحولت إلى مناسبة لـ “التنمر” حول ما تقدمه أنديتنا الوطنية من منتوج يمكن أن نسميه أي شيء، إلا أن الأمر يتعلق بتكوين يهم لعبة تسمى “كرة القدم”….

>محمد الروحلي

Top