شكلت سنة 2016 محطة هامة في مسلسل التنمية المستدامة والتطور الحضري الذي تشهده جهة الدار البيضاء – سطات، إذ تميزت بميلاد وإعطاء الانطلاقة لعدد من المشاريع البنيوية الضخمة التي عكست بشكل صريح توجه الجهة لتصبح قطبا حضريا دوليا بامتياز.
وستساهم مختلف المشاريع التنموية ، التي تعد في واقع الامر استمرارية لاستراتيجية التنمية متعددة الأبعاد في الجهة، في تطوير مستوى عيش الساكنة المحلية، وستواكب فضلا عن ذلك النمو المسجل سواء على الصعيد الاقتصادي أو الديموغرافي .
وتندرج مختلف المشاريع البنيوية في إطار مخطط تنمية مدينة الدار البيضاء (2015- 2020)، الذي رصد له غلاف مالي يصل الى 6ر33 مليار درهم، والهادف بالخصوص الى توفير بنيات تحتية حديثة، ودعم المكانة الاقتصادية للجهة بهدف جعلها قطبا ماليا دوليا حقيقيا، وتحسين إطار عيش ساكنتها، والحفاظ على بيئتها وهويتها.
وفي هذا الاطار، يندرج المشروع الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مطلع السنة التي نودعها، والذي يهم إنجاز الخط الثاني لترامواي الدار البيضاء وتمديد خطه الأول، وتهيئة طرق المدينة، وإحداث بدال (عقدة أ) بمحاذاة مقر المكتب الشريف للفوسفاط وأنفاق على الطريق الوطنية رقم 1 في اتجاه الجديدة، على مستوى تقاطعي «العمالات» و»القدس»، وتهيئة بدال على مستوى تقاطع سيدي معروف (الشطر الأول)،
ويعتر هذا المشروع آلية ملائمة لتعزيز التأهيل الحضري والبنيات التحتية بالمنطقة ومواكبة النمو الديموغرافي الذي تشهده الجهة، وبالتالي الإسهام في توفير تجهيزات أساسية ذات مواصفات عصرية لفائدة ساكنة هذه الحاضرة.
وتعكس هذه المشاريع، التي رصدت لها استثمارات تفوق قيمتها 5ر8 مليار درهم، حرص جلالة الملك الراسخ على تمكين الحاضرة الاقتصادية للمملكة من بنيات تحتية حديثة بمعايير دولية، بوسعها إعطاء نفس مستدام لانبعاث المدينة والاستجابة للتطلعات المشروعة لساكنتها.
في السياق ذاته، أشرف جلالة الملك محمد السادس، بعمالة الدار البيضاء- أنفا، على إعطاء انطلاقة مشروع تطوير نظام، ذكي وناجع، للمراقبة الحضرية بواسطة الفيديو، والذي من شأنه تأمين الفضاء العمومي بشكل أكبر والتنظيم الدينامي لحركة المرور. ويندرج هذا المشروع الرائد، الأول من نوعه على مستوى المملكة، والذي رصدت له استثمارات بقيمة 460 مليون درهم، في إطار الجهود الرامية إلى ضمان أمن الأشخاص والممتلكات، وخفض معدل الجريمة، وتنظيم حركة النقل، وحماية البنايات والمرافق العمومية ومحيطها.
وسيشمل هذا النظام، علاوة على ربطه بكاميرات الترامواي وكاميرات أخرى موجودة سلفا (المطارات، ميناءا الدار البيضاء والمحمدية، الأسواق التجارية الكبرى والبنوك) تثبيت 760 كاميرا مراقبة متعددة الاستعمالات، ومد 220 كلم من الألياف البصرية، وتهيئة مركزين رئيسيين و22 مركزا متنقلا.
في السياق ذاته، تم كذلك إعطاء انطلاقة مشروع تهيئة طرق مدينة الدار البيضاء (170ر3 مليار درهم)، الذي يشمل إعادة تهيئة وبناء قارعة الطريق، وأرصفة وممرات للراجلين، وتقوية شبكة الإنارة العمومية والتشوير، والتأثيث الحضري، وتزيين الطرق والساحات، ويروم بالخصوص حماية البيئة، وتحسين السلامة الطرقية، وتعزيز جاذبية المدينة، على ستة أشطر خلال الفترة ما بين 2016 و2020
وبالنسبة لمشروع إنجاز بدال (العقدة أ)، بمحاذاة مقر المكتب الشريف للفوسفاط، وأنفاق على الطريق الوطنية رقم 1 في اتجاه الجديدة، وذلك على مستوى تقاطعي «العمالات» و»القدس»، فيروم حل إشكاليات السير عند المدخل الجنوبي- الشرقي لمدينة الدار البيضاء وتأمين الصلة بين محوري الرباط- الجديدة والدار البيضاء- مطار محمد الخامس الدولي. كما سيحفز هذا المشروع، الذي يعد ثمرة شراكة بين وزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية، وجماعة الدار البيضاء، ووكالة التعمير والتنمية أنفا، والذي رصد له غلاف مالي قدره 657 مليون درهم، الولوج المباشر ل «كازا فايننس سيتي» انطلاقا من المطار، كما سيسهل التنقل في اتجاه ليساسفة وطريق الجديدة.
أما مشروع إعادة تهيئة كورنيش عين الذئاب بالدار البيضاء، فيتوخى تمكين الحاضرة الاقتصادية للمملكة من تجهيزات حديثة بمعايير دولية، بوسعها تعزيز التنمية الاقتصادية للمدينة والاستجابة للتطلعات المشروعة لساكنتها.
ويشكل هذا المشروع الرائد رافدا أساسيا للارتقاء بهذا الحيز الحيوي من العاصمة الاقتصادية، وفق مواصفات عمرانية حديثة تتلاءم مع متطلبات النمو الحضري الذي تشهده المدينة على كافة المستويات ومع حاجيات النهوض بمؤهلاتها السياحية.
وسيسهم هذا المشروع، الذي يندرج في إطار تنفيذ الاتفاقية المتعلقة بتثمين ساحل جهة الدار البيضاء- سطات، الموقعة بتاريخ 26 شتنبر 2014 تحت رئاسة جلالة الملك، في توفير تجهيزات ومرافق ترفيهية حديثة تتلاءم مع خصوصية الموقع وجاذبيته السياحية.
وسيمنح هذا المشروع، الذي يعد صلة وصل بين الساحل البحري ووسط المدينة، بفضل موقعه الاستراتيجي، جاذبية خاصة لوجهة الدار البيضاء السياحية والنهوض بها سواء من خلال تمكين مرتاديه المتعطشين للترويح عن النفس والترفيه والاستمتاع بالهواء الطلق والمنظر الخلاب للواجهة البحرية أو من خلال الاستفادة من خدمات مختلف المرافق الترفيهية ذات الصلة.
وقد أعد تصور هذا المشروع، الذي سينفذ في أجل 18 شهرا، حسب تصميمات مهنية للمشهد الحضري، وذلك تماشيا مع المعايير الإيكولوجية عالية الجودة البيئية. وهو ثمرة شراكة بين وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية)، وجماعة الدار البيضاء، وشركة الدار البيضاء للتهيئة.
وتأتي مثل هذه المبادرات لتنضاف إلى مختلف مشاريع تهيئة الفضاءات الخضراء والفضاءات الترفيهية بالدار البيضاء، لاسيما مشاريع تأهيل والارتقاء بحديقة الجامعة العربية، وإعادة تهيئة حديقة الحيوانات القديمة لعين السبع، وإعادة تهيئة المشهد الجمالي لغابة بوسكورة- مرشيش، والارتقاء بالمشهد الحضري للطريق السيار الحضري أ3، وإعادة تهيئة ساحتي الراشدي ومحمد الخامس- شرق.
وتعرف هذه المشاريع، التي رصدت لها استثمارات بقيمة 820 مليون درهم، معدل إنجاز جد متقدم.
وفضلا عن ذلك، تم الانتهاء من إنجاز أحد المشاريع المندرجة في إطار مخطط تنمية الفضاءات الخضراء والفضاءات الترفيهية بالدار البيضاء، ويتعلق الأمر بإعادة تهيئة الحديقة الأركيولوجية لسيدي عبد الرحمان (40 مليون درهم).
على الصعيد الاجتماعي، تميزت سنة 2016 في جهة الدار البيضاء –سطات بتدشين وإعطاء جلالة الملك محمد السادس انطلاقة عدد من المشاريع الرامية إلى تعزيز عرض العلاجات بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء.
وهكذا، أشرف جلالة الملك على تدشين المصلحة الجديدة للولادة بالمستشفى الجامعي للأطفال عبد الرحيم الهاروشي، والمصلحة الجديدة للمستعجلات بمستشفى 20 غشت 1953، وعلى إعطاء انطلاقة أشغال إنجاز مصلحة المستعجلات (تروما سانتر)، ومركز الطب النفسي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد.
وتنسجم هذه المشاريع التي رصدت لها استثمارات تناهز قيمتها 250 مليون درهم، تمام الانسجام، مع أهداف مخطط تنمية الدار البيضاء الذي يروم تمكين العاصمة الاقتصادية للمملكة من بنية اجتماعية حديثة للقرب تستجيب لحاجيات المواطنين، لاسيما في مجال العرض الصحي.
وفي السياق ذاته، كان جلالة الملك قد أشرف، بجماعة الشلالات (عمالة المحمدية)، على إعطاء انطلاقة عملية «الصفا» لإعادة إيواء 2922 أسرة من قاطني دور الصفيح.
وتعكس هذه العملية، التي رصدت لها استثمارات بقيمة 369 مليون درهم، والتي تشكل جزء من برنامج القضاء على دور الصفيح بجهة الدار البيضاء، الذي كان جلالة الملك قد أعطى انطلاقته بتاريخ 7 أبريل 2011، العناية السامية التي ما فتئ جلالته يحيط بها الفئات الاجتماعية الهشة وذات الدخل المحدود، وذلك عبر تمكينهم من الولوج إلى سكن كريم بشروط تفضيلية وإطار عيش أفضل.
ويأتي إحداث القطب الحضري الجديد «الصفا» لتعزيز الجهود التي يبذلها جلالة الملك، حفظه الله، من أجل إحداث مناطق سكنية مختلطة ومندمجة تتيح مصاحبة النمو الديموغرافي والحضري للعاصمة الاقتصادية، وضمان تقدم وازدهار ساكنتها وتكريس المفهوم الجديد للضاحية.
جهة الدار البيضاء – سطات.. مشاريع بنيوية ضخمة تعكس توجه الجهة لتصبح قطبا حضريا دوليا
الوسوم