ذكرى عيد الاستقلال

يخلد المغرب اليوم ذكرى عيد الاستقلال، ويجسد ذلك استحضارا سياسيا وعاطفيا ليس للحظة تاريخية مركزية فحسب، وإنما هو استحضار للتاريخ كله.
المناسبة تبرز أن بلادنا تعتز بتاريخها العريق، وتخلد ملحمة نضالية وطنية كبرى تحرر بفضلها شعبنا ووطننا من الاستعمار والاحتلال، وتؤكد أن الاستقلال تحقق بكفاح شعبنا ومقاومته وحركته الوطنية التحررية.
استحضار هذه الدلالة التاريخية اليوم يقدم للجميع درسا أساسيًا، يؤكد أن المغرب كان ولا زال دائما يرفض كل مس بحريته واستقلاله ووحدته، كما أنه يعيد إلى البال كون الملحمة النضالية المغربية تميزت بوحدة الشعب وحركته الوطنية مع ملك البلاد، وهو ما كرس تلاحما بين العرش والشعب من أجل الحرية والاستقلال.
وضمن هذا التميز التاريخي المغربي، يحضر النداء الشهير للمغفور له جلالة الملك محمد الخامس، الذي كان قد أعلن أن البلاد بحصولها على الاستقلال عن فرنسا وإسبانيا، تخرج من الجهاد الأصغر وتشرع في الجهاد الأكبر، وهو ما وضع الاستقلال في سياق مهمة تاريخية متواصلة ومقترنة باستكمال الوحدة الترابية والسيادة الوطنية على كافة أراضي المملكة، وببناء الدولة الحديثة وتنميتها، الشيء الذي تواصل فيما بعد، ويستمر إلى اليوم بخوض تحديات مختلفة، لكنها تمتلك ذات المضمون ونفس الأفق، أي بناء المغرب المستقل والموحد والمتقدم.
وهنا يحضر تخليد الذكرى ليس باعتبارها طقسا سنويا عاديا أو باعتبارها مرحلة تاريخية من الماضي، ولكن لأنها تمتلك رمزية ممتدة في الحاضر والمستقبل، أي ترسيخ الاستقلال وتقويته عبر تحقيق الوحدة الترابية وحماية الحدود الوطنية وإنجاز السيادة المغربية على كافة التراب الوطني.
إن مغربية الصحراء وقضية الوحدة الترابية تندرج اليوم إذن ضمن هذا المعنى التاريخي والوطني، أي في إطار التصدي لأطماع الخصوم الساعين لتمزيق وحدتنا الوطنية، ولإضعاف كينونة البلاد وقوتها واستقرارها، وبالتالي مقومات استقلالها الوطني.
ومن جهة أخرى، يذكرنا نضال شعبنا من أجل الاستقلال بالوحدة والتلاحم بين المؤسسة الملكية والقوى الوطنية الشعبية، وهو كذلك درس مستمر دائما، ومتى تحقق هذا الاتفاق يستطيع المغرب، بفضله، ربح كل التحديات الكبرى المطروحة أمامه، وحماية الوطن.
ومن الدرس ندرك قيمة التلاحم المشار إليه، وأهمية تمتين الجبهة الوطنية الداخلية، وذلك لكسب رهان الوحدة الترابية، ولتقوية الاستقرار المجتمعي، ولإنجاح كل أوراش الإصلاح وتحقيق التنمية والديموقراطية والتقدم، ومن أجل دحر الخصوم وإفشال مناوراتهم وهزم أطماعهم.
ذكرى عيد الاستقلال مناسبة لجعل دروس التاريخ حاضرة في واقع اليوم، ويتملكها جيل اليوم، وتنطبق دروسها وقيمها على رهانات اليوم…

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top