ساءلت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب في مداخلات قدمتها الجمعة خلال جلسة المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2025، فرضيات المشروع المتعلقة أساسا بمعدلي النمو والتضخم، معتبرة أنها “غير مستندة إلى معطيات واقعية”.
واعتبرت فرق المعارضة البرلمانية خلال هذه الجلسة، التي عقدتها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح والوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، أن التدابير المعلن عنها في مشروع قانون المالية لا ترقى الى حجم الانتظارات والرهانات المطروحة، لاسيما على مستوى التشغيل، معدل النمو، التضخم، استدامة المالية العمومية.
في هذا الإطار، اعتبر
اعتبر رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أن الفرضيات الأساسية لمشروع قانون المالية لسنة 2025، من قبيل تحقيق نسبة نمو بـ 4.6 بالمائة، وتحقيق محصول زراعي في حدود 70 مليون قنطار، وحصر معدل التضخم في 2 بالمائة، وارتفاع الطلب الخارجي بنسبة 3.2 بالمائة، “تتناقض مع عنوان اللايقين العالمي، ومع اشتداد الحروب والأزمات الدولية”.
وقال رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، إن “مناقشة الميزانية في البرلمان لا يجب أن تسقطنا في فخ المنطق المحاسباتي الغارق في الأرقام. لأننا مؤسسة سياسية، والحكومة مؤسساتية سياسية، ونحن هنا بالتالي نناقش اختيارات وقرارات سياسية”.
وأضاف في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمناسبة المناقشة العامة لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2025، أمس الجمعة، “طبعا هناك من صار يعتبر أن كفاءة التنمية والتدبير العمومي هي كفاءة الأرقام والحسابات. وهذه النظرة في حد ذاتها إيديولوجيا. لكننا نقول إن إدارتنا المغربية مليئة بالكفاءات التقنية التي تقوم بواجبها على أحسن وجه، لكن الخصاص كل الخصاص هو في الكفاءات السياسية القادرة على التفاعل مع الناس وإقناعهم وتأطيرهم والتواصل معهم. وهذه أحد أكبر نقائص الحكومة الحالية، بكل موضوعية، طبعا مع استثناءات قليلة لدى بعض الوزراء”.
وسجل حموني أنه “عندما نتصفح وثائق مشروع قانون المالية، نعثر بصعوبة على اهتمام الحكومة بالأبعاد الحقوقية والديموقراطية، وكأنها أمر جد ثانوي، فقرة يتيمة بأسفل الصفحة 141 في آخر المذكرة التقديمية لمشروع قانون مالية 2025، حول خطة العمل الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان، تقول “إن 2025 ستعرف المصادقة على مشروع الرؤية الاستراتيجية للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان للفترة 2025-2030″”.
وشدد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب على أن “الديموقراطية ارتباط وثيق بقانون المالية، شكلا ومضمونا، حيث عندما نتحدث عن جاذبية الاستثمار وثقة المستثمرين، وعن حكامة المؤسسات واستقرارها، وعن ثقة المؤسسات المالية الدولية في المغرب، وعن صبر الناس وثقتهم في بعض الإصلاحات والقرارات رغم صعوبتها، وحين نتحدث عن معايير اختيار المغرب لاحتضان تظاهرات دولية كيفما كان نوعها، وعندما نتحدث عن السلم الاجتماعي، وعن الأمن القانوني، وعندما نتحدث عن ثقة الشباب في بلدهم وفي مؤسسات الوساطة المجتمعية، وحين نتحدث عن الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، وعن المقاربات التشاركية والتشاورية؛ وحين نتحدث عن الإجماع الوطني حول قضايا كبرى”.
وأشار إلى أن “الحقيقة، وبكل صدق: “الله يحسن عوان منتخبي الأغلبية، عندما يلتقون بالناس في دوائرهم”، لا أعرف هل لهم القدرة فعلا على الدفاع عن حكومة تقول للناس إن كل الأوضاع وردية، وهم يئنون تحت وطأة الغلاء والفقر والبطالة وصعوبة الولوج إلى الصحة، وما يزيد من تعقد الأمور هو الغياب وسوء التقدير السياسي للحكومة، وضعفها التواصلي الكبير، وسوء تدبيرها للأزمات، وإعطائها الانطباع بأنها لا تعالج المشاكل إلا تحت الضغط، كما حدث في احتقان التعليم؛ وفي أحداث الفنيدق؛ ويحدث اليوم في أزمة كليات الطب”.
وتابع: “ولكي أكون واضحا أكثر: هذه المقاربة المغلوطة للحكومة هي التي تعطينا أكاذيب أبريل للحكومة، من قبيل: كذبة توفير 120 مليار درهم لبرنامج زلزال الحوز بمعدل 24 مليار في السنة؛ وكذبة صرف 10 ملايير درهم لدعم اقتناء السكن كل سنة؛ وكذبة التعميم الفعلي للتغطية الصحية؛ وكذبة إصلاح وتجويد التعليم العمومي؛ وكذبة خلق طبقة متوسطة فلاحية؛ وكذبة إدماج القطاع غير المهيكل ….. إلخ”.
وسجل إلى أنه “وصلنا، في عهد هذه الحكومة، بمخططها الأخضر وجيلها الأخضر وملايير الدعم الذي تقدمه، إلى استيراد اللحم والزيت والزيتون والماعز (إيييييه يا ليام على الخير للي كان والبركة للي كانت). كما سمحت الحكومة بأن تواصل شركات المحروقات ممارسة التواطؤات، في استنزاف لجيوب المواطنين ومراكمة للأرباح الخيالية، على الرغم من قرارات مجلس المنافسة، وعجزت عن مكافحة المضاربات في الأسواق الوطنية، التي تعرف اختلالات بالجملة والتقسيط، وعجزت عن معالجة تضارب المصالح، ورفضت اتخاذ أي إجراء لتسقيف أسعار الغازوال والبنزين، أو تخفيض هوامش الربح، أو الرفع من الضرائب المفروضة على قطاع المحروقات إلى 40%. كما اقترحنا ذلك دائما”.
وعبر حموني عن تثمين ودعم فريقه النيابي للمشاريع الكبرى التي ساقت الحكومة نماذج عنها في مشروع قانون المالية، “والتي شأنها أن تغير وجه المغرب إيجابا في أفق 2030″، لكنه اعتبر أنه يتعين على الحكومة أن “تبدع سياسيا وتدبيريا، لتجعل من هذه الأوراش الضخمة فرصة لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي؛ وخلق القيمة المضافة المالية؛ وإنعاش وإنقاذ الآلاف من المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغرى جدا، مع تحقيق الاستدامة، وخلق فرص الشغل القار، وتحقيق الوقع الاجتماعي على الناس، وفق تكافؤ الفرص مجاليا”.
وأكد في هذا السياق، أن النهوض بالاقتصاد الوطني يتطلب جملة إجراءات وتدابير تهم على الخصوص: بلورة مخطط استراتيجي للتنمية الاقتصادية، عنوانه هو السيادة الاقتصادية “أي التركيز على إنتاج ما نستهلك، وعلى استهلاك ما ننتج”، والإحداث المكثف لمناصب الشغل اللائق، والاستدامة الإيكولوجية، وكذا الحفاظ على مستوى عالي من الاستثمار العمومي، مع ص و ن وتقوية وتجديد القطاع العمومي، فضلا عن العمل على إبراز قطاع خصوصي ونسيج قوي من المقاولات التنافسية والمسؤولة اجتماعيا وإيكولوجيا، وجعل المنجز الاقتصادي في خدمة ضمان الولوج العادل والمتكافئ للخدمات العمومية الأساسية.