رمزية مناسبتين وطنيتين

احتفال المغرب بذكرى ثورة الملك والشعب (20 غشت) وعيد الشباب (21 غشت)، يمثل رمزية وطنية هامة، ذلك أن الدلالة تشمل الإصرار على ثابت الاستمرارية والاستقرار المؤسساتي، وفي نفس الوقت لا تخلو من تطلع إلى المستقبل.

لقد اقترنت ثورة الملك والشعب بمطالبة الشعب المغربي والحركة الوطنية بعودة السلطان محمد الخامس من المنفى والتمسك بالملك الشرعي، ومن ثم التمسك بالثابت الوطني المؤسساتي في مواجهة الاحتلال، وبقي دائما الارتباط بين المؤسسة الملكية والحركة الوطنية والقوى الحية للشعب المغربي عنوانا لاستقرار البلاد وانتصارها على كل التحديات الوطنية والتنموية.

من هنا أهمية تخليد هذه الذكرى الوطنية كل عام لأنها التذكير المتواصل بالثابت الوطني المؤسساتي أعلاه، وبمحورية دور الجبهة الوطنية الداخلية ومركزيتها في الدفاع عن قضايا البلاد وتطلعاتها ومصالحها الكبرى.

قوة المغرب توجد في هذه الجبهة الوطنية الداخلية بالذات، وفي الارتباط دائما بين المؤسسة الملكية والشعب المغربي وقواه الحية ذات المصداقية، وهذا المعطى لا يخلو كل سنة من راهنية وتجدد.

تطورات قضيتنا الوطنية الأولى، الانتظارات التنموية والديموقراطية لشعبنا…، هي كلها رهانات تقتضي اليوم تمتين الجبهة الوطنية الداخلية وتطوير المنجز التنموي والديموقراطي بالبلاد وتقوية الاستقرار العام وضخ نفس ديموقراطي واسع على الصعيد الوطني، أي استحضار دروس وروح ورمزية ذكرى ثورة الملك والشعب.

وفي الإطار ذاته، فإن عيد الشباب الذي بدأ الاحتفال به في 1956 بمناسبة ذكرى ميلاد ولي العهد آنذاك، وتواصل تخليده إلى اليوم، وهو يصادف عيد ميلاد جلالة الملك، لا يخلو أيضا من دلالة الاستمرارية المؤسساتية والتأكيد على الثابت الوطني، وعلى الارتباط بين المؤسسة الملكية والشعب.

طبعا المناسبة تحيل على أهمية فئة الشباب والعناية بها وتأهيلها، ولكن أيضا على تعزيز قيم المواطنة والانتماء إلى الوطن وسط أجيال المستقبل.

عيد الشباب كذلك يرمز إلى الرؤية الإستراتيجية للبلاد، وإلى ضرورة الانخراط في دينامية صنع المستقبل وتقوية حضور المملكة ودورها في التحولات الجارية والقادمة إقليميًا وعالميا.

وعلى إثر ما أشير إليه أعلاه، فإن تخليد المناسبتين الوطنيتين معا ليس طقسا متحفيا جامدا من التاريخ نخرجه من رفوف الذاكرة ونؤدي له الواجب ثم نعيده حيث كان، ولكن الأمر يتعلق بعمل وطني حاضر في واقع اليوم وفي المستقبل.

الاحتفال بثورة الملك والشعب وعيد الشباب يجب إدراجهما ضمن رهانات اليوم وتطلعات المستقبل، أي النظر إليهما في راهنيتهما، هنا والآن.

البلاد اليوم أمام انتظارات اجتماعية وتنموية تعبر عنها فئات واسعة من شعبنا، والبلاد في حاجة إلى تحولات وديناميات تقوم على الديموقراطية والتعددية والانفتاح والتحديث في مجالات عديدة، وأساسا في الحريات وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة الاجتماعية، وفي السياسة والصحافة والاقتصاد، وفي أوضاع الشباب وظروف عيش السكان، وأساسا الفئات الفقيرة والمتوسطة.

البلاد اليوم أمامها كذلك تحديات ترتبط بقضيتنا الوطنية والمصالح الإقليمية والدولية والإستراتيجية للمملكة، علاوة على ما يشهده العالم كله من اضطرابات لا شك لها تداعيات وانعكاسات على بلادنا أيضا.

وهذه كلها تفرض اليوم الوعي بأهمية تقوية الاستقرار الداخلي، وتطوير الجبهة الوطنية الداخلية، وتعزيز متانة بناء الدولة والمؤسسات.

محتات الرقاص

Top