الشباب المغربي وآثار جائحة كورونا

فرضت جائحة “كوفيد-19” إقفالا، طالت مدته فزعزعت آثاره الاستقرار العالمي، الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. أصابت الجائحة شباب المنطقة العربية، وطالت آثارها، حسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا” 110 ملايين شاب وشابة “15-29 سنة” الذين كانوا، قبل انتشار الفيروس، عرضة لأوجه لامساواة هيكلية.
للوقوف على هذا المضوع، تقدم بيان اليوم خلاصة تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”، حول أثار جائحة كورونا على الشباب في المنطقة العربية. كما تقدم حوارا أجرته مع كريمة غانم، رئيسة المركز الدولي الدبلوماسية، مؤسسة مبادرة “أفريقيا بيتنا”، وخبيرة في مجال السياسات العمومية والتواصل الاستراتيجي، لمناقشة آثار الجائحة على الشباب المغربي بشكل خاص، وسبل معالجة الآثار السلبية، وإخراج الشباب من نفق البطالة، وما باتو يعانون منه بسبب الجائحة.
يشار إلى أن ضيفتنا لديها 20 سنة من الخبرة في قضايا الشباب والمجتمع المدني، حاصلة على أكثر من 32 جائزة وتقدير وطنية ودولية. تم تصنيفها سنة 2019 من بين أفضل 100 امرأة مقاولة ومسيرة منظمة على المستوى الإفريقي. كما تم تصنيفها أيضا من بين30، 50، و100 من القيادات الشبابية الأكثر تأثيرا في إفريقيا. وهي حاصلة على لقب سفيرة العمل الإنساني بإفريقيا من المنظمة الدولية لسفراء الإسكان. خلال جائحة “كوفيد 19” قامت بتعبئة أكثر من 100 من الفاعلين والخبراء في مختلف المجالات بالقارة الأفريقية لمناقشة أثر الجائحة على الشباب والنساء والفئات الهشة. كما قامت بالعديد من المبادرات لتعزيز قدرات الشباب في المهارات والتواصل الرقمي.

كشفت منظمة “الإسكوا” في تقريرها حول (تأثير جائحة “كوفيد-19” على الشباب في المنطقة العربية) أن الحجر المطول سيؤدي حتما إلى زيادة بطالة الشباب، مؤكدة أن الشباب العامل سيواجه تحديات في العودة إلى سوق العمل.

انعكاسات اجتماعية واقتصادية

وأشارت المنظمة إلى أن المنطقة العربية تتميز بوجود عوائق هيكلية تحول دون حصول الشباب على وظائف لائقة. وتتضاعف الصعوبات مع انضمام نحو 2.7 مليون شاب وشابة سنوية إلى القوى العاملة. وتسجل المنطقة العربية أعلى مستويات لبطالة الشباب وأسرعها تزايدا في العالم، فقد ارتفع المعدل من 19.5 في عام 2012 إلى 23 في المائة في عام 2020. ويزيد معدل بطالة الشابات في المنطقة عن ضعف ما هو عليه في صفوف الشبان ليصل إلى 42.1 في المائة.
وتابع المصدر نفسه أن ملايين الشباب العرب يجدون أنفسهم على شفى حفرة من الفقر، ولا سيما من يعيش منهم في المناطق الريفية والشباب ذوو إعاقة. وتتأثر الشابات حسب المنظمة بشكل خاص. إذ غالبا ما يكسبن أقل ويدخرن أقل.
وينخرط 85.1 في المائة من الشباب العرب في القطاع غير النظامي، أي أنهم يفتقرون إلى التسهيلات الائتمانية والتأمين الاجتماعي والصحي الكافي أو حتى الأساسي. ويزداد احتمال عمل الشابات في القطاع غير النظامي ما يجعلهن أكثر عرضة للفقر.
وشددت المنظمة على أن سوق العمل ستتطلب ما بعد جائحة “كوفيد-19” مجموعة جديدة من المهارات، قد لا يتمتع بها معظم الشباب المنخرطين في القطاع غير النظامي، الذين يصل عددهم سنويا إلى 1.5 مليون شاب وشابة.
وأبرزت المنظمة أن الشباب الذين يعيشون في المناطق المحرومة يتعرضون لخطر الإهمال ويفتقرون حاليا إلى إمكانية الحصول على التدريب في ظل الإغلاق المستمر، ما يزيد من حرمانهم من فرص التعلم واكتساب المهارات الرئيسية. وتتفاقم المشكلة مع بقاء أكثر من 25 مليون شاب وشابة خارج دائرة العمل والتعليم والتدريب.

انعكاسات على التكنولوجيا والتعليم

قالت المنظمة في تقريرها إن “ما يقارب 100 مليون طالب هم حاليا خارج المدرسة في المنطقة العربية. وقد اعتمدت في العديد من نظم التعليم أساليب للتعلم عن بعد والتعلم الإلكتروني، غير أنها محفوفة بالتحديات بالنسبة إلى المعلمين كما الطلاب، ويضر الإغلاق المطول بتعلم الشباب، لا سيما الذين يعانون بالفعل من ظروف صعبة. ويصعب الوضع أكثر على الفتيات لأن فرصة حصولهن على الحاسوب والتكنولوجيا في المنزل أقل، ويقع عبء كبير على غالبية الطلاب الملتحقين، البالغ مجموعهم 47 مليون طالب، لأنهم يحتاجون إلى التدريب والمساعدة للتحول إلى التعلم عبر الإنترنت”.
وأضافت الإيسكوا أنه من أشد تداعيات إغلاق المدارس ما يطال الأطفال الفقراء والمعرضين للمخاطر، ولا سيما الفتيات اللواتي يفوق معدل تسربهن من المدرسة معدل تسرب الفتيان (19.1 في المائة مقابل 15.9 في المائة) لأنهن يتركن المدرسة لمساعدة أسرهن الفقيرة، ويتعرضن لمخاطر زواج الأطفال والحمل والتعرض للعنف المنزلي والفقر.
ويتفاقم الوضع، حسب المنظمة بالنسبة إلى المراهقين والشباب ذوي الإعاقة والذين يعيشون في بلدان تشهد صراعات. وقد أعيد إرسال نحو 480,000 طالب عربي ممن يكملون التعليم العالي في الخارج إلى أوطانهم، ولا نهاية في الأفق للإغلاق الحالي.

انعكاسات على الصحة

أكدت منظمة الإسكوا على أن استمرار الإغلاق سيؤدي إلى زيادة تعاطي المواد المدمنة وإيذاء النفس والاضطرابات العقلية لدى الشباب، لا سيما وأن الاكتئاب الحاد هو من الأسباب الرئيسية للمرض عند الشبان الذين تتراوح أعمارهم بین 15 و24 سنة والشابات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 سنة في المنطقة العربية. ويشكل إغلاق المدارس والأماكن الترفيهية والرياضية والاجتماعية، وفقدان الوظائف وخفض الأجور، تهديدا خطيرة للذين يعانون بالفعل من مشاكل في الصحة العقلية، قد يبلغ حد تهديد الحياة، لا سيما في غياب ما تقدمه المدارس عادة من خدمات المشورة التي تمس الحاجة إليها.
وتابعت المنظمة أنه في ظل غياب التغطية الصحية الشاملة للجميع، ولا سيما لمن ليس لديهم دخل، يواجه الشباب مخاطر تهدد حياتهم. وقد يسهم الإغلاق والحجر المنزلي في تزايد العنف ضد الشباب، ولا سيما المراهقات والشابات. ويصعب على الفتيات والشابات المعرضات للإساءة، في ظل الوضع الراهن، الوصول إلى خدمات مثل الخطوط الساخنة والملاجئ.

استجابات على مستوى السياسات

بناء على ما قامت به منظمة الإسكوا من تقييم لآثار الجائحة على الشباب الذين كانوا من قبل تفشيها يعانون من التمييز والإقصاء والبطالة وصعوبة الحصول على الخدمات، وفي بعض البلدان من التداعيات المدمرة للصراعات المندلعة، اقترحت توصيات في السياسة العامة للتخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية.
ومن أبرز هذه الاقتراحات قالت المنظمة إنه ينبغي للحكومات أن تعيد النظر في الاستراتيجيات الوطنية للشباب لزيادة فرص إدماجهم ومشاركتهم، وأن تضع خطط خاصة لإعادة دمج الشباب في التعليم وسوق العمل، وأن تستثمر في أشكال جديدة نظامية وغير نظامية من التعليم والتدريب وبناء القدرات المهنية عن بعد.
وتابعت المنظمة أنه ينبغي للحكومات أن تواصل الاستثمار في مشاريع الشباب لريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا، وأن تشجع المؤسسات التعليمية لتحذو حذوها. ويتوقع حسبها أن تفتح ريادة الأعمال على الإنترنت آفاقا جديدة للحصول على عمل لائق بعد احتواء الجائحة. ويعتمد النجاح على إعداد حزمة لتحفيز ريادة الأعمال على الإنترنت.
وينبغي للحكومات حسب المنظمة أن توجه الابتكار والمقدرة العقلية لتوسيع نطاق المبادرات التطوعية، داعية إلى ضمان الإنصاف وتيسير حصول الطلاب المحرومين على التعليم من خلال تأمین مهام مطبوعة للمتعلمين الذين لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت أو الحواسيب، وعقد شراكات مع مكاتب البريد لتوصيل المهام إلى المنازل لإنجازها.
وشددت المنظمة على أنه ينبغي للحكومات أن تسخر التكنولوجيا النقالة لنشر المعلومات والخطط، وأن تنشئ تطبيقات خاصة للوصول إلى الشباب الملمين بوسائل التواصل الاجتماعي في المناطق النائية وفي الحجر، مؤكدة على النظر في أهمية زيادة النفاذ الرقمي، كما ونوعا، وأن تخفض التكاليف في جميع أنحاء المنطقة، وأن تضمن التكافؤ بين الجنسين في الوصول إلى الإنترنت واستخدام الهواتف النقالة.
وأضافت المنظمة أنه ينبغي للحكومات أن تشجع على إنشاء مجتمع من العناصر المؤثرة في وسائل التواصل الاجتماعي التي تضطلع بدور رئيسي في نشر المعلومات، بهدف توسيع نطاق انتشار المعلومات والوصول إلى المناطق النائية، كما أن الحكومات حسب المنظمة عينها مدعوة لتأمين تغطية صحية خاصة بجائحة کوفید -19، وإدراجها في التغطية الصحية الشاملة للشباب كما لجميع السكان. وينبغي أن تشمل هذه المبادرة تقديم المشورة وإعداد البرامج النفسية الاجتماعية الخاصة بالشباب المكروبين. وينبغي لبرامج الحماية الاجتماعية أن تولي اهتماما خاصا للشباب، ولا سيما للعاملين منهم في القطاع غير النظامي.
وأشارت المنظمة إلى أنه ينبغي للحكومات أن تعمل مع الأهل على وضع برامج سهلة تيسر التواصل بين الأهل والشباب بشأن آثار العزل والتباعد الاجتماعي وإغلاق المدارس وما ينجم عن ذلك من شدة وتعقيدات. من المهم جدا أن يناقش الأهل والشباب هذه المسائل، لا سيما في غياب المدارس.

كريمة غانم لـ بيان اليوم لا يمكننا اليوم النظر للشباب كفئة مستهدفة من الدعم وإنما كشريك حقيقي في عجلة التنمية..

*كيف انعكست جائحة كورونا اقتصاديا واجتماعيا على الشباب المغربي؟
جائحة كورونا كان لها العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية على الشباب. فمن الناحية الاقتصادية، وحسب الإحصائيات الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط، فقد ارتفع معدل البطالة، وخصوصا في أوساط الشباب دون 25 سنة، بسبب تداعيات الحجر الصحي ووقف عجلة الاقتصاد. إضافة إلى ذلك، تركت الأزمة أيضا إحباطا في أوساط حاملي الشهادات العليا وحديثي التخرج بسبب تأجيل مباريات الولوج إلى الوظيفة العمومية، وقلة فرص الولوج إلى القطاع الخاص بسبب التوقف الجزئي أو الكلي للمئات من المقاولات. الأزمة تسببت أيضا في فقدان الآلاف من الوظائف والتوقف التام للعديد من المقاولات الصغرى. المقاولون الذاتيون والشباب العامل في القطاع غير المهيكل وجدوا أنفسهم في وضعية صعبة، خصوصا أن الغالبية لا تتمتع بأي نظام حماية اجتماعية. حتى الشباب الذي كان ينتظر أن يستفيد من برنامج انطلاقة، فقد تم تأجيل هذا البرنامج بسبب هاته الجائحة.
من الناحية الاجتماعية، نجم عن التداعيات الاقتصادية عبئ كبير على الشباب، مما ولد ضغطا نفسيا غير مسبوق وتزايدا فيمعدلات العنف، ناهيك عن المشاكل النفسية والإرهاق الناجم عن الاستعمال المفرط للانترنت بسبب حالة التأهب لتتبع أعداد المصابين يوميا واستهلاكه للأخبار الزائفة والخوف الطبيعي من المرض وانتشاره، هذا بالإضافة لكل الصعوبات التي اعترضت الشباب، سواء لمتابعة الدراسة أو العمل عن بعد في ظروف أسرية أو محيط غير ملائم. فيجد الشاب أو الشابة أنفسهم خائفين من مستقبل بدون عمل، بدون أي مصدر دخل، ولا إمكانية الخروج للبحث عن عمل خصوصا في الثلاث الأشهر الأولى بحيث أن الفرص حتى على الانترنيت كانت شبه منعدمة. البعض ترك نفسه فريسة للأفكار السلبية ونال منه الاكتئاب ولم يستطع أن يتلقى الدعم النفسي الكافي والبعض الآخر استطاع أن يبتكر حلولا في عز الأزمة.

*في حديثك عن الإبداع في ظل الأزمة، يمكننا أن نقول أن هناك أيضا آثارا إيجابية؟
نعم بالتأكيد، لأن فترة الحجر الصحي كانت فرصة للعديد من الشباب ليعيد النظر في حياته ويعيد ترتيب أوراقه. كانت أيضا فرصة للشباب لاكتشاف مواهبه والتفكير خارج الصندوق لكي يصنع حلوله.
وكان التحول الرقمي السريع للخدمات العمومية والارتفاع المهم في نسبة التواصل الرقمي، بسبب الحجر والتباعد الاجتماعي، من بين الأسباب التي جعلت الشباب يتوجه إلى استعمال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة للمساهمة في اختراع أدوات طبية ذكية للمساهمة في تدبير الجائحة، هذا بالإضافة إلى خلق العديد من المنصات الإلكترونية المبتكرة للتعليم عن بعد التي تم تطويرها خصيصا في فترة الحجر الصحي لتمكين عدد أكبر من الشباب للاستفادة من التكوينات المجانية والمشاركة في النقاشات الهادفة في مواضيع مختلفة.
وقد تم استعمال مختلف الآليات التكنولوجية في مجال التعبئة والتوعية بإجراءات الحجر الصحي والوقاية من الفيروس ومحاربة الأخبار الزائفة والشائعات من خلال توعية الرأي العام بأهمية التحقق من الأخبار قبل نشرها لتفادي خلق الهلع العام الذي يمكن أن يؤذي إلى تهديد الأمن الصحي للمغاربة.
ورغم قلة الموارد المالية، كان للشباب فرصة للتعلم المجاني الذي قدمته العديد من المنظمات تنظيم العديد من الدورات التدريبية ومنصات الحوار لاستمرار أنشطتهم المبرمجة بأقل تكلفة. وهذا ساعد العديد من الجمعيات الشبابية الصغرى التي لديها قلة الموارد المالية أن تستمر في العمل للتعريف ببرامجها والمساهمة في النقاش العمومي حول أثر الجائحة. كما كانت فرصة لهؤلاء الشباب لتطوير مهاراتهم الرقمية والتفكير في طرق عمل جديدة للتأقلم مع التوجهات المستقبلية للمهن الجديدة.

*بالتأكيد هناك آثار إيجابية للرقمنة على الشباب كما ذكرت، لكن ماهي التحديات التي تنتظرهم؟
 طبعا هناك آثار إيجابية ساعدت الشباب على اكتشاف أسواق رقمية جديدة، فقد ارتفعت نسبة الشباب الذي أصبح يستعمل التجارة الإلكترونية E-commerce وهناك دراسات حديثة تفيد أنه سيتم إعادة الاعتبار لمهنة Freelance لأن معظم المقاولات سوف تعتمد على نظام العمل عن بعد جزئي أو كلي وستتجه غالبا إلى مقاربة التعاقد. وهذا سيشكل فرصة أمام الشباب للخروج من العمل غير المهيكل إلى القطاع المهيكل والتسجيل في مبادرة المقاول الذاتي وخلق مقاولات رغم صعوبتها في هاته الفترة على أن تعمل الحكومة بإقرار نظام الحماية الاجتماعية وتبسيط المساطر وتسهيل الولوج إلى الدعم المادي والتقني لتشجيع الشباب على خلق الثروة والمساهمة في إنعاش الاقتصاد.
طبعا هناك تحديات في عصر الثورة الصناعية الرابعة والتي تندر بفقدان أكثر من 300 مليون منصب شغل في العشر سنوات القادمة بسبب المكننة والرقمنة والذكاء الاصطناعي. لهذا يجب أن نستحضر هذا العنصر في بناء السياسات المتعلقة بالتعليم والتشغيل.
أيضا اعتماد نظام الدراسة عن بعد له تحديات كبيرة بالنسبة للشباب وخصوصا الشباب في المناطق النائية والقروية أو المهمشة والتي لا تتوفر لا على بنية تحتية ولا انترنيت هذا بالإضافة إلى أن العديد من الشباب ليس له القدرة الشرائية للحصول على هاتف ذكي أو كمبيوتر للدراسة ولا القدرة على تعبئة الانترنيت. لهذا يجب أن تكون لنا سياسات رقمية دامجة لكي لا تساهم في تعميق الفوارق الاجتماعية.

* كيف ترين وضع الحكومة والأحزاب لقضايا وحقوق الشباب على سلم أولوياتها ؟

أظن أنه يجب على الحكومة والأحزاب أن يعملوا على تشبيب نخب حقيقية وليس صورية لتأثيث المشهد السياسي. فبيد أننا في العديد من الدول تجد الشباب في المناصب العليا على مستوى الوزارات والمؤسسات العمومية للدولة بمعدل سن يتراوح ما بين 24 إلى 40، مازال الشباب يناضل من أجل الالتحاق بإحدى المنظمات الحزبية. هناك العديد من الكفاءات داخل وخارج الأحزاب لكنها لا تلقى الفرص أو الدعم الكافي. تشبيب النخب يجب أن يكون ضمن الثقافة الحزبية وليس إجراء تمييز إيجابي لتشجيع مشاركة الشباب عبر أنظمة الكوطا. ويجب أن تحكم الكفاءة وتكافؤ الفرص ترشيح الشباب للمناصب وليس كفئة.
يجب على الحكومة أن تسهر أيضا على تنفيذ السياسات الموجهة للشباب وكذلك التوجيهات الملكية السامية في إطار برنامج عمل محكم في وقت زمني محدد وأن تكتف من برامج تأطير الشباب وإشراكهم في الحوارات الاستشارية لتطوير السياسات العمومية لكي يتملكوا حلولها. لا يمكننا اليوم النظر للشباب كفئة مستهدفة من الدعم و إنما شريك حقيقي في عجلة التنمية.

* كيف يمكن معالجة الآثار السلبية للجائحة على الشباب من خلال السياسات العمومية و التحضير لمرحلة ما بعد كورونا؟
أظن أن هناك توجه سياسة عامة لدعم الشباب تمت ترجمتها من خلال جل الخطب الملكية الأخيرة في جميع المجالات من خلال العديد من التوجيهات الملكية السامية و المبادرات المهمة للرقي بالشباب وتفعيل مشاركته في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والبيئية.
جائحة كوفيد أفرزت أولويات جديدة وتحديات أمام الشباب وهناك العديد من الدراسات الأخيرة التي خلصت إلى العديد من التوصيات حول تقليص الآثار السلبية للجائحة على الشباب.
أيضا هناك التقرير المنتظر للجنة النموذج التنموي الجديد والذي يجب أن يضع قضايا الشباب في أولوياته الكبرى.
أخذا بعين الاعتبار هاته المتغيرات والأولويات يجب تحيين السياسة المندمجة للشباب و الإسراع بتنزيلها بمؤشرات عملية قابلة للقياس وبميزانية محددة ضمن الميزانية العامة للدولة وأن تشمل التنسيق والالتقائية ما بين جميع القطاعات المتعلقة بالشباب. هذه السياسة لا بد من تأطيرها بقوانين ومساطر تطبيقية وأن تتماشى مع الآليات والهيئات المحلية والجهوية التي تسمح لمشاركة الشباب في الشأن العام.
لهذا يجب الإسراع بتنزيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي والذي رغم صدور قانونه في الجريدة الرسمية مازال لم يرى الوجود بعد.
لدينا من الدراسات والتوجيهات بما يكفي لتنزيل ذلك على أرض الواقع، تبقى فقط الإرادة السياسية للتطبيق.
يجب فقط إعادة ترتيب الأولويات الوطنية والمحلية وتطوير برنامج استعجالي للحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية على الشباب برنامج على المدى المتوسط والبعيد يدخل في إطار إعداد جيل جديد من القيادات الشبابية التي ستصبح صانعة قرار الغد.

* عبدالصمد ادنيدن

Related posts

Top