في خضم السخط العارم الذي خلفته حصيلة الرياضة الوطنية، بالألعاب الأولمبية الصيفية بباريس، أصر أغلب رؤساء الجامعات الرياضية على إخفاء رؤوسهم وسط رمال أزمة..طفت نتائجها الصادمة على السطح بأكبر محفل كوني على الإطلاق…
بل هناك من السادة الرؤساء المحترمين من فضل الهروب إلى الأمام، وعوض مناقشة الأسباب والمسببات، والجهر بكل الحقائق بما في ذلك الاعتراف بالمسؤولية، والإقرار بوجود تقصير من طرفهم، فضلوا الصمت، والاختفاء عن الأنظار، وكأن الأمر لا يعنيه…
وهناك أيضا من يزايد، بل يدافع بشكل بئيس، متشبثا بالكرسي، والأكثر من ذلك يقوم بهجوم مضاد سخيف، عن طريق توجيه اتهامات للمنتقدين، بل يصف من كان ينتظر نتائج أفضل، بعدم الفهم والجهل، وهذه قمة اللامسؤولية لأشخاص يفضلون كالعادة، بقاء الوضع على ما هو عليه، والحفاظ على مصالح شخصية أو فئوية، تخدم دائرة جد ضيقة…
بعد أزيد من أسبوعين عن انتهاء الأولمبياد، سجلت الساحة الوطنية حالة استثناء وحيدة حتى الآن، في انتظار معرفة موقف الأغلبية الساحقة من الرؤساء، الذين يوصفون بـ “الخالدين” بمناصب المسؤولية…
ففي خطوة يمكن وصفها بـ “الجريئة”، قرر يوسف فتحي التنحي عن منصب رئاسة للجامعة الملكية المغربية للمسايفة.
وجاء قرار فتحي، حسب ما كشف عنه في صفحته الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، بهدف فسح المجال أمام الشباب لتولي المسؤولية، وقيادة جامعة المسايفة نحو مستقبل جديد.
ولم ينس فتحي في رسالة الوداع، نشر ملخص لأهم الإنجازات التي تحققت خلال فترة رئاسته، والتي تضمنت تطورا ملحوظا في أداء المنتخبات الوطنية للمسايفة، على الصعيدين العربي والجهوي وأيضا القاري وحتى الدولي، كما تأهل المغرب في عهده للأولمبياد 4 مرات على التوالي.
صحيح أن خطوة فتحي تبقى محترمة، وذلك باعترافه الصريح بعدم القدرة على مواصلة التشبث بالمنصب، وفتح المجال أمام من يرى في نفسه القدرة على تحمل المسؤولية، لكن كان من المفروض وهو يغادر، شرح أسباب عدم التمكن من إعداد مسايفين قادرين على التنافس العالي، وما يجب فعله من أجل ضمان الوصول إلى هذا المستوى الذي يمكن المتباري المغربي الصمود، وعدم المغادرة منذ الأدوار الأولى…
فما تحتاجه الرياضة الوطنية بهذه المرحلة الفاصلة، النقاش الصريح والوقوف على مكامن الخلل، بروح من المسؤولية العالية، والاتفاق على منهج جديد، يغير هذا الواقع الذي تجاوزه الركب بسنوات ضوئية، ولم يعد يسمح بأي تطور منشود…
كما ما زلنا ننتظر تفضل باقي الرؤساء، بتجاوز مرحلة الصمت المريب، ومناقشة الحصيلة بكل تجرد، والقطع مع أسلوب المراوغة، والهجومات المضادة اليائسة…
محمد الروحلي