افتتحت مؤخرا بالصخيرات، أشغال مؤتمر فكر السنوي الثالث عشر الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي حول موضوع “التكامل العربي: حلم الوحدة وواقع التقسيم”.
وتميزت الجلسة الافتتاحية، التي عرفت حضور عدد من أعضاء الحكومة، وخبراء ومسؤولين وأكاديميين وديبلوماسيين وثلة من رجال الثقافة والإعلام من مختلف الدول العربية، بالرسالة الملكية إلى المشاركين في المؤتمر والتي تلاها مستشار جلالة الملك عبد اللطيف المنوني.
وفي كلمة لرئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل، دعا إلى استفاقة عربية واسعة تنبذ الجهل والتخلف، وتستخدم العقل وتحارب الجهل والتواكل والاستكانة، حتى يكون العرب مشاركين ومبادرين ومنتجين ومبدعين.
وندد الأمير خالد الفيصل بتناحر الطوائف والقبائل والأجناس التي أنست العرب في قضيتهم المركزية فلسطين، وبالحروب التي قامت “باسم الجهاد فقتل المسلم أخاه المسلم، وباسم الحرية فتكدست السجون وتعددت المهاجر، وباسم الوطن فتشرد المواطن”.
وشدد رئيس مؤسسة الفكر العربي على ضرورة تفجير الطاقات والقدرات عوض تفجير العبوات والأجساد.
وباسم جامعة الدول العربية، تحدث عبد اللطيف عبيد، الأمين العام المساعد لرئاسة مركز جامعة الدول العربية في تونس فأبرز أن اهتمام مؤسسة الفكر العربي نابع من حرصها على السعي الدؤوب من أجل تجاوز الواقع الأليم للأمة التي تعرف تعسرا تنمويا والكثير من مظاهر الشتات والتخلف.
وأضاف عبيد أن هذا الواقع الأليم وليد عقود من التشرذم والإخفاق، مشيرا إلى أن موضوع مؤتمر فكر الثالث العشر الذي تمثل في التكامل العربي هو هدف ووسيلة معا من أجل تحقيق النهضة الإنسانية المتوخاة، مشيرا إلى أن جهود مؤتمر فكر 13 خطوة تسير في اتجاه الأهداف التي تسعى جامعة الدول العربية التي تحتفل العام القادم بالذكرى السبعين لتأسيسها.
أما عبد الله الدردري نائب الأمين التنفيذي للجنة للأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، فأكد في كلمة نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن التكامل العربي الذي تنشده مختلف الشعوب العربية التواقة إلى غد أفضل، يواجه صعوبات جمة بفعل الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية واسعة النطاق إلى جانب تنامي الصراعات الطائفية والعرقية، في المنطقة العربية، والتي أخلفت موعد التطور والتقدم بالنسبة لعدد من بلدان المنطقة.
وأضاف الدردري أن تكامل شعوب المنطقة العربية، أمر قابل للتجسيد شريطة تعزيز التعاون ونبذ الخلافات والصراعات الطائفية وإرساء آليات فعلية للتغيير الديمقراطي الحقيقي.
ومع ذلك، أكد بان كي مون أن الخلافات السياسية، “لا يمكن أن تحجب الآن عن الشعوب العربية تطلعاتها إلى تحقيق الديمقراطية”، داعيا إلى إرساء أسس حقيقية لتطوير المجتمعات العربية وضمان المساواة بين الجنسين وترسيخ استراتيجية ناجعة للحكم الرشيد.
وحسب كلمة تقديمية للجنة المنظمة، فإن المؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي (فكر) لطالما كان سباقا دائما إلى التفكير بحاضر العرب ومستقبلهم، والنظر بعيون فاحصة في ما يحدث من مستجدات، وحشد الطاقات الفكرية لمعالجة التحديات الثقافية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية والسياسية التي يواجهها الوطن العربي.
كما واكب مؤتمر “فكر” الأحداث التي مرت بها المنطقة العربية منذ أن عقد قبل ثلاثة عشر عاما في القاهرة. وأثار في دورته الثالثة في مدينة مراكش، مسألة موقع “العرب: بين ثقافة التغيير وتغيير الثقافة”. وهو يعود اليوم بعد عقد من الزمن إلى المغرب، وبعد أربع سنوات شهد فيها الوطن العربي حراك ثورات وحروبا أهلية غير مسبوقة، أطلق عليها اسم “الربيع العربي”، ليواكب بمؤتمره الثالث عشر أوضاع العرب تحت موضوع “التكامل العربي: بين حلم الوحدة وواقع التقسيم”.
وتضمن برنامج المؤتمر عدة جلسات موضوعاتية ورئيسة تناقش إشكاليات العمل العربي المشترك على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، والسبل المتاحة لتطويره، والتأسيس لحوار عميق وواع بين رجالات الفكر والثقافة في مختلف الدول العربية.
ومن أبرز الجلسات الموضوعاتية التي تضمنها برنامج اليوم الأول للمؤتمر جلسة عامة حول موضوع سياسة المواطنة … التجربة المغربية” والتي دار محورها حول نجاح سياسة المواطنة في المغرب وتعزيز الحفاظ على النسيج الوطني المتعدد في إطار من الوحدة السياسية والحضارية المتماسكة والمتنامية، بمشاركة كل من علي أومليل سفير المغرب في الجمهورية اللبنانية، والأساتذة الجامعيين أحمد سراج وعبد الحميد بنخطاب وعز الدين العلام.
وانعقد في وقت لاحق من نهار اليوم نفسه جلسة موضوعاتية أخرى حول موضوع “جامعة الدول العربية بين الواقع وآمال العرب”، بحثت عدة محاور، من بينها واقع العمل العربي المشترك، وصيغ التعاون العربي القائمة، والخطاب السياسي القومي العربي، والميثاق الحالي للجامعة العربية، وإمكانية تعديله.