عائشة لبلق وكيلة اللائحة الوطنية للنساء لحزب التقدم والاشتراكية

 كيف تنظرين إلى رهان رفع التمثيلية النسائية خلال انتخابات 7 أكتوبر؟

>   سأجيب على سؤالك في إطار التعبير عن وجهة نظري الشخصية بكل صراحة…فأنا أعتقد أن هذا الاستحقاق لن يأتي للأسف بتغيير أو تحول ملموس فيما يخص مسألة التمثيلية النسائية في مجلس النواب. لماذا؟ ببساطة لأن القانون المنظم لعضوية مجلس النواب لم يأت بدوره بجديد في هذا الصدد، اللهم التعديل الاستدراكي -مهم ولكنه ليس كافيا-المتعلق بفتح باب الترشيح برسم الجزء الثاني المخصص للشباب ضمن اللوائح الخاصة بالدائرة الانتخابية الوطنية أمام ترشيحات العنصر النسوي، عوض اقتصارها على الشباب الذكور كما كان يجري به العمل سابقا في تمييز مجحف بحق الشابات. هذا مع العلم، أن حزبنا، حزب التقدم والاشتراكية، كان دوما سباقا إلى تقديم اقتراحات جديدة في هذا الصدد، وكان الحزب الوحيد الذي طرح مسألة التمثيلية النسائية خلال المشاورات مع وزارة الداخلية حول المسلسل الانتخابي. كما أن الحزب طالب غير ما مرة بإعمال مقتضيات الدستور ذات الصلة. ودعا أيضا إلى إقرار نظام انتخابي مزدوج لحل إشكالية تمثيلية النساء وتحسين مستوى الأداء البرلماني، وكذا في إطار العمل على تملك المجتمع السياسي المغربي لثقافة المساواة عبر إقرار نظام اللائحة الواحدة… ولكن للأسف، لم نجد تجاوبا مع هذه المقترحات، ونحن نعلم أننا لسنا وحدنا في الساحة ولذلك لم يكن يمكن الذهاب بعيدا بهذه الاقتراحات.    

ماهي التدابير التي اتخذها حزب التقدم الاشتراكية في هذا الصدد خلال خوضه لغمار هذا الاستحقاق؟

> طبعا في إطار عمل الحزب الدؤوب من أجل الدفع بالتمثيلية السياسية للنساء، كما سبق وأشرت، كان هناك تدبير ملموس واختيار واضح من خلال العمل بمبدأ المناصفة في الجزء الثاني من اللائحة الوطنية المخصص للشباب، فضلا عن الجزء الأول المخصص- كما هو معلوم- للنساء. وهو اختيار نابع من الالتزام والجدية اللذين طالما عبر عنهما حزبنا في إطار دفاعه عن المساواة والمناصفة. إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من الإكراهات المعروفة المتعلقة بالترشيحات في الدوائر المحلية، يقدم حزبنا أيضا لهذا الاستحقاق عددا من المرشحات على المستوى المحلي على رأسهن 6 وكيلات لوائح عبر مختلف مناطق التراب الوطني. كما يقدم حزب التقدم والاشتراكية كامل الدعم المعنوي والمادي واللوجيستيكي حتى تمر الحملة الانتخابية والاستحقاق الانتخابي في أفضل الظروف. وإن كنا نعلم هنا أيضا طبيعة الصعوبات التي تواجه النساء خلال خوضهن غمار الانتخابات كمترشحات، فالطريق لا تكون معبدة أمامهن بالورود بل بأنواع من الأشواك والعراقيل من حيث غياب تكافؤ الفرص وتفشي الرشوة الانتخابية واستعمال المال الذي يلجأ إليه بعض المرشحين الذكور أكثر من النساء، كما تبين عن ذلك التجارب الانتخابية المتلاحقة.
 ماهي التدابير التي ينص عليها البرنامج الانتخابي للحزب من أجل الرفع من نسبة حضور النساء في مراكز القرار؟

> بالرجوع إلى الإحصائيات الرسمية، نجد أن نسبة التمثيلية النسائية في مناصب المسؤولية تعرف تأخرا مقارنة حتى مع بعض الدول المجاورة، وذلك بعد أن كان المغرب قد تمكن من تحقيق الريادة في فترة سابقة، خاصة فيما يتعلق بالتمثيلية السياسية، إلا أن هناك تراجعا أيضا على هذا المستوى. وعندما نتحدث عن طموح الحزب في هذا الصدد، فيمكن أن نتحدث أكثر عن العمل من أجل التمكين السياسي للنساء في جميع مواقع اتخاذ القرار، أي ليس فقط في البرلمان بل كذلك في الوظائف والمناصب العمومية وفي عضوية الحكومة، بحيث يطمح الحزب ويطالب بنسبة لا تقل عن الثلث في إطار السعي نحو تحقيق المناصفة، كما ينص على ذلك الدستور. وطبعا هذا المسعى لا يمكن أن يتحقق إلا بالرفع من نسبة حضور النساء ككتلة مؤثرة في القرارات. وبالتالي فإن الحزب يطالب في برنامجه الانتخابي بإقرار إجراءات معززة للسياسات العمومية في هذا المجال، وعلى رأسها تفعيل الميزانيات المستجيبة للنوع، وتأهيل الهيئات الدستورية ذات الصلة، وكذا الهيئات والخلايا التي تم إحداثها في هذا الصدد على مستوى الجماعات محليا. إضافة إلى تفعيل، فعلي وحقيقي، لآلية إدماج مقاربة النوع ضمن القانون التنظيمي للمالية، وكذا تعزيز هذه المقاربة عموما ضمن السياسات العمومية في جميع المجالات.   

ماهي، في نظرك، المشاكل التي تحظى بالأولية فيما يخص المسألة النسائية ببلادنا في هذه المرحلة؟ وماهي اقتراحاتكم كحزب وكنساء لتحسين أوضاع المغربيات بصفة عامة؟

> طبعا الأولوية هي للمشاكل المرتبطة بالتمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء. فعندما نؤكد على ضرورة تمكن النساء من حقوقهن الإنسانية، كالحق في التعليم والصحة والسكن، فهذا لأنه حق لهن ولكن أيضا لأنه مرتبط بالسعي نحو تمكينهن من الأدوات الضرورية لجعلهن قيمة مضافة ضمن السياسات العمومية. وبالتجربة أيضا، نعلم أن الدول التي تمكنت من إعمال سياسات عمومية واجتماعية رائدة عبر العالم، مثل الدول الاسكندنافية، تمكنت من ذلك بفضل الأهمية التي منحتها لتعزيز حقوق النساء وحضورهن في الحياة العامة. ونعلم كذلك أن التقارير التي ترتب بلادنا في مراتب متأخرة على مستوى التنمية البشرية تفعل ذلك على أسس مؤشرات ترتبط أيضا بعدم تمتع النساء بحقوقهن الأساسية، مؤشرات من قبيل تأنيث الفقر والأمية والبطالة، والتمييز على مستوى الولوج إلى الخدمات الأساسية كالصحة، وعلى مستوى الاستفادة من الحق في حرية التنقل، مثلا.. وعندنا التنقل مرتبط أيضا بحاجة حيوية هي الحاجة إلى العلاج في حالات المرض وفي العالم القروي خصوصا. مؤشرات ترتبط أيضا بنسبة النشاط لدى النساء المغربيات التي تعد بدورها النسبة الأضعف على مستوى منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط وحدها. هي مؤشرات تدق ناقوس الخطر وتعيدنا إلى انشغال أساسي هو أن عدم تمكن النساء في المجال الاقتصادي مرتبط أساسا بعدم تمكنهن من التعليم والحق في الشغل والحق في الثروة وتملك الأرض. ونحن نلاحظ، للأسف، أن السياسات المتبعة، ورغم الجهود والمكتسبات التي تم تحقيقها في هذا الصدد، ما تزال في معظمها تعالج الأعراض أكثر مما تذهب إلى مكمن الداء لمعالجته في الأصل. بحيث نحتاج إلى حلول حقيقية لإشكالات التعليم ومحاربة الأمية والبنيات التحتية وتحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وغيرها.
لذلك يمكن القول، إننا في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى للقطع مع النموذج التنموي الاقتصادي الحالي لفائدة نموذج اقتصادي تنموي إدماجي، نموذج يمكن من ذهاب ثمار التنمية لجميع شرائح المجتمع، وعلى رأسها شريحة النساء التي يجب أن تجد حقها في تلك الثمار، خاصة أنهن الأكثر تضررا من الأوضاع الحالية. وذلك – تأسيسا على مقترحاتنا في البرنامج الانتخابي للحزب دائما- من خلال تحسين ولوجهن للخدمات، خاصة في العالم القروي الذي يحتاج إلى برنامج تنموي خاص يواجه حدة الخصاص ويرفع الحيف عن الساكنة. ومن هذا المنبر، أحب أن أوجه التحية للنساء المغربيات المناضلات في العالم القروي واللواتي تمكن بالرغم من قساوة ظروف العيش ومعاناتهن المضاعفة من التمييز، من تحقيق نشاط رائد وتجارب ناجحة تحديدا في مجال الاقتصاد التضامني.
في المجال الاقتصادي، النساء في حاجة إلى التكوين والتدريب والمرافقة بشكل أفضل، وإلى تمكينهن من حقهن في الأرض وتمويل المشاريع وتحفيزهن أكثر من أجل ولوج عالم الشغل.
هناك مشاكل أخرى من قبيل إشكالية العنف، التي نحتاج لمحاربتها إلى تفعيل التدابير والإجراءات المتخذة في مستويات متعددة، وعلى رأسها تفعيل قانون محاربة العنف ومراجعة مضامين وآليات تطبيق مدونة الأسرة، وتأنيث عدد من القطاعات ذات الصلة كقطاع العدل وقطاع المساعدة الاجتماعية والشرطة كذلك. وأيضا تأنيث قطاع مفتشية الشغل لتفعيل دورها في محاربة العنف في أماكن العمل.
طبعا، لا يمكن لكل ذلك أن يتم بمعزل عن مقاربة تحسيسية وتثقيفية بحقوق النساء لتغيير العقليات والصور النمطية عن النساء في المجتمع، وذلك في إطار حملة وطنية كبرى تشمل المناهج التربوية والكتب المدرسية والإعلام والمجال الثقافي والفني، فضلا عن المؤسسة الدينية التي تقع على عاتقها مسؤولية مهمة تتمثل في تصحيح بعض المعتقدات الخاطئة التي تربط الصور النمطية بالدين الإسلامي.   
وخلاصة القول فإن رفع التحديات المختلفة من أجل بناء مغرب قوي ومستقر بكل مجالاته، لا يمكن أن يمضي إلا على قديمين، ولا يمكن أن يتم إلا بالاعتماد على كفاءات وقدرات النساء والرجال معا. ويمكننا أن نحقق ذلك بتظافر جهود جميع الفاعلين الاجتماعيين، بما فيهم حزب التقدم والاشتراكية الذي كان وما يزال ملتزما بكل هذه القضايا وعاقدا العزم على المضي فيها بمساندة كافة المواطنين الغيورين على هذا البلد.   

حاورتها: سميرة الشناوي

Related posts

Top