في ظل دخول العقود الخاصة بلاعبي كرة القدم حيز التطبيق، تغيرت العلاقة بين اللاعب والنادي جملة وتفصيلا، وحملت معها تغييرات جذرية، وذلك بإدخال مستجدات على أساس مبدأ الحقوق والواجبات وحماية الطرفين معا.
فالعقد الذي أصبح يربط اللاعب بالنادي المشارك بالبطولة المغربية الاحترافية، هو عبارة عن عقد عمل يراعي بطبيعة الحال خصوصيات الجانب الرياضي، نظرا لحالة الاختلاف عن باقي المهن، كما يتضمن بنودا وشروطا تلزم الطرفين، وتجعلهما على قدم المساواة.
هذا المستجد الذي فرضته شروط الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بعد رفض استمرار الاعتراف بعقد اللاعب الهاوي، أخرج حقيقة اللاعب من وصاية مطلقة للنادي، لتصبح علاقة يحكمها عقد يحدد الحقوق والواجبات، لتلغي بذلك وصاية كانت بمثابة ملكية خاصة، تصل إلى حدود العبودية.
إلا أن قانون العقود هذا، حمل معه مجموعة من الصعوبات والمشاكل، وحتى وإن كانت تبدو ظاهريا طبيعية لكون هذا المستجد، أحدث خللا عميقا في علاقة الطرفين، حيث أظهر إلى أي حد أن اللاعب المغربي، هو كائن انتهازي في عقليته وتكوينه وسلوكه وتفكيره.
فعوض أن يتم استغلال إيجابية العقود للرفع من المستوى، والاجتهاد أكثر لتحقيق التطور المطلوب، واحترام ليس فقط، شروط العقد من الناحية القانونية، بل احترام صفة الإنسان الرياضي عامة، وما تفرضه من تضحية وابتعاد عن سلوكيات، تتنافى مع الصورة المفروض أن يقدمها أمام الرأي العام، فإن اللاعب المغربي عموما وانطلاقا من عقلية غارقة في التخلف، جاء سلوكه مخالفا لما هو منتظر من تطبيق هذا العقد.
فبالنسبة للاعب المغربي بصفة عامة، فإن العقد مجرد حماية أولا من تسلط المسير، ورفع من حيث القيمة المالية، دون أن يواكب ذلك تحسنا من حيث المردود التقني، أو النضج في السلوك، بل تحول هذا اللاعب إلى مجرد شخص يبحث عن الاستفادة المالية السريعة، واستغلال القانون الجديد، كحق ومنحة شخصية، دون احترام الشق الثاني في العملية، ألا وهو الشق المتعلق بالواجبات.
فاللاعب همه الوحيد توقيع العقد، ووضع نسخة منه بإدارة الجامعة، ضامنا بذلك كامل حقوقه، أما ما يحدث بعد ذلك بالنسبة له، فمجرد تفاصيل لا تهمه نهائيا، والكثير من اللاعبين تحولوا إلى عاطلين عن العمل، لكن بعقد ساري المفعول وحقوق مالية مضمونة، بقوة العقد الموقع مع النادي والموضوع بإدارة الجهاز المسؤول عن تطبيق القانون.
صحيح أن هناك استثناءات بالنسبة للاعبين بصفة عامة، وأن هناك ضحايا كثر لهذا القانون، خصوصا بالنسبة للاعب الذي لا يحسن قراءة العقود، وكثيرا ما ذهب العديد من اللاعبين ضحايا تحايل مكشوف، من جراء شجع بعض المسيرين، وحتى بعض المدربين والوكلاء.
فقانون اللاعب المحترف الذي نزل فجأة إلى الساحة، لم تواكبه حملة توعية وسط اللاعبين، كما أن الأندية لم تساهم من جانبها في تعريف المعني بالأمر بكامل حقوقه، وما يوازي ذلك من واجبات، بل تحولت العلاقة إلى ما يشبه علاقة القط والفأر، مع انعدام الثقة بين الجانبين، وبات كل طرف يسعى لاستغلال القانون لصالحه، والبحث باستمرار عن كيفية استغلال الطرف الآخر.
هي إذن علاقة غير سليمة نهائيا، ولا تساعد تماما في تطور المستوى العام، فقد يكون الأمر مقبولا بحكم أن القانون الجديد يطبق بعد سنوات طويلة من الهواية، إلا أنه من المفروض أن يكون هناك تراكم إيجابي بعد عدة سنوات من دخول قانون اللاعب المحترف حيز التطبيق، إلا أن العكس هو الحاصل حاليا، أمام تراجع المستوى، وطغيان ثقافة الشك وعدم الثقة بين اللاعب والمسير…
>محمد الروحلي