كلمة الرفيق محمد نبيل بنعبد الله أمام الدورة الثانية للجنة المركزية

أكد محمد نبيل بنعبدالله أن عضوية المكتب السياسي، ككل المسؤوليات القيادية، ليست “نزهة” أو “بطاقة زيارة / carte visite”، بل إنها مسؤولية جسيمة تتطلب من صاحبها كثيرا من التضحيات، ومن الحضور الدائم، والقدرة على تحمل الأعباء، وعلى القيام بالمهام التي سيُكلَّفُ بها. ودعا نبيل بنعبدالله في كلمة أمام الدورة الثانية للجنة المركزية، إلى إفراز مكتب سياسي متجانس، قوي، متلاحم، ناجعا، وقادرً على بلورة كل المهام والتحديات المطروحة على حزب التقدم والاشتراكية الذي حقق، نجاحا كان نتيجة طبيعية الطبيعية، قول بنعبدالله، “لكوننا ديرنا النـــية واشتغلنا بالمعقول تماماً كما فعل أسود الأطلس في المونديال”.

الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء، عضوات وأعضاء اللجنة المركزية؛
سعيد بأن ألتقي بكم جميعا، مجددا، وأن أتناول أمامكم هذه الكلمة. وهي ليست تقريرا، بقدر ما هي مجرد كلمة تقديمية لأشغالنا. وبالتالي فإنها ليست معروضة للمصادقة.
ها نحن إذن، نلتئم، اليوم، في إطار الدورة الثانية للجنة المركزية الجديدة، التي أفرزها المؤتمر الوطني الحادي عشر لحزبنا، المنعقد أيام 11 و12 و13 نونبر الماضي.
وهي مناسبة لكي نجدد التعبير عن اعتزازنا الجماعي بالنجاح الكبير الذي ميـز تلك المحطة السياسية الهامة في المسار النضالي لحزبنا، وذلك على جميع الأصعدة والمستويات.
نعم، لقد كان المؤتمر الوطني الحادي عشر مفعَما بأجواء التلاحم ووحدة الصف والانفتاح والروح النضالية الإيجابية العالية. كما حظيَ بإشعاعٍ كبير، وجَذَبَ إيجاباً انتباه الرأي العام والإعلام الوطني، بشكلٍ يبعث على الافتخار.
وإذا كانت كافةُ أطوار محطة المؤتمر الوطني الأخير قد تميزت بالنجاح، فإنَّ جلسته الافتتاحية شكلت لوحدها عنواناً بارزاً لذاك النجاح، بما شهدته من حضورٍ وازنٍ لضيوف الحزب من داخل الوطن ومن خارجه، وبما سادها من أجواء نضالية رائعة.
وهي فرصة أجدد فيها التنويه بمساهمة وتعبئة جميع المناضلات والمناضلين، وكافة الفروع والمنظمات والقطاعات، وكل الطاقات الحزبية الواعدة، لإنجاح محطة المؤتمر الوطني الأخير.
وهي المحطة التي أفرز فيها حزبُنا وثيقةً سياسية وبرنامجية مُمَيَّزة، تُترجِم تصورنا ومقترحاتنا في شكلِ بديلٍ ديموقراطي تقدمي.
وهنا، لا بد لي أن أتوجه إلى كل الرفيقات والرفاق، وإليكم تحديدًا أنتن وأنتم، بالشكر والتقدير، على اختياركم تجديدَ الثقة في شخصي المتواضع، لأواصل إلى جانبكم هذا المسار النضالي المشترك، على أساسِ مشروعنا الفكري والسياسي الجماعي، من موقع مسؤولية “الأمين العام”.

الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء؛
من الطبيعي أن تكون اللجنةُ المركزية التي أُفرزت في هذه الأجواء عاكسة لكل التنوع الحزبي في إطار الوحدة. كما أنها لجنةٌ مركزية تجسـد قدرة حزبنا على الوفاء والتجديد. ذلك أن 257 عضوة وعضوا من أصل 461 هم أعضاء جدد (لأول مرة) في هذه الهيئة الحزبية التقريرية العليا بين مؤتمرَيْن، والتي تتحمل مسؤولية قيادة الحزب خلال الأربع سنواتٍ المقبلة.
ويحِق لنا جميعاً، اليوم، أن نتحلى بالتفاؤل بمستقبلٍ أكثر إشراقاً لحزبِنا، لا سيما ونحن نرى ذاك الصدى الإيجابي القوي الذي خَــلَّـــفَــهُ المؤتمرُ الوطني على مستوى الرأي العام. وظهر ذلك جَلِياًّ من خلال ردود الفعل والتعليقات التي من المؤكَّد أنكم لــمستــمُوها جميعاً في أوساط ومستوياتٍ مختلفة.
فلقد برزت الصورةُ الحقيقية لحزبنا: حزباً قويا، موحداً، متجذراً، جريئاً ومسؤولاً، أصيلاً ومنفتحاً، ديموقراطيا ويساريا.
وهكذا، أسهمت أجواءُ المؤتمر الحادي عشر في ضخِّ شحنةٍ أقوى في صفوفنا، فرديا وجماعيا، من حيث الشعور بالانتماء والاعتزاز بهذا الانتماء.
إن هذا النجاح لحزبنا، إذن، هو النتيجة الطبيعية لكوننا (ديرنا النـــية واشتغلنا بالمعقول)، تماماً كما فعل أسود الأطلس في المونديال، والذين، من خلال إنجازهم البطولي والتاريخي، أحيوا في المغاربة الروح الوطنية، وروح الاعتزاز بالانتماء إلى هذا الوطن العظيم. وجعلونا نؤمن بأن المغرب يمكن أن يكون رائداً ومتفوقاً في كل المجالات.
وهو ما يتعين على الحكومة أن تُحسن التقاطه واستثماره، من خلال التعبئة والعمل وشحذ الهِمم. وهي مناسبة لكي نجدد نداءنا إلى هذه الحكومة، من أجل أن تتحلى بالجرأة والنجاعة في حمل مشاريع الإصلاح الكبرى التي من شأنها أن تعود بالنفع على كافة المواطنات والمواطنين.

الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء؛
بالموازاة مع اضطلاعنا بمسؤولياتنا الحزبية المختلفة، علينا أن نواصل التفكير في تجويد أساليب عملنا، وفي المهام والنتائج المتوخاة من هذه اللجنة المركزية.
وللتذكير، فنحن، منذ سنوات، نُفكر ونناقش، ونجرب أيضاً، في كل ما يتصل بطُرُق عمل هياكلنا الحزبية، وبأساليب مقاربتنا للقضايا التنظيمية والتواصلية والانتخابية.
وفي هذا السياق الممتد، أنتجنا وثائق متعددة، من بينها: تجذر؛ وتجذر وانصهار؛ ووثيقة مداخل للنقاش؛ وُصولاً إلى الوثيقة الأخيرة المتعلقة بتجديد أساليب العمل بأفقٍ تنظيمي استراتيجي، وبتكيُّـــفٍ مع الواقع خلال الأربع سنواتٍ القادمة. وذلك بما يُسهمُ في تحضير الطاقم الجماعي الذي يُمْكِنُ أن يقود الحزبَ مستقبلاً، ولكن أيضاً بالنسبة لكل مستوياتِ المسؤولية الحزبية الأخرى.
في هذا الاتجاه، بالضبط، شرعنا، فعليا، في بلورة وتفعيل ما يمكن أن يُدرَجَ من أفكارٍ، في شكلِ تعديلاٍ وتغييراتٍ ضمن القانون الأساسي، في مستوياتٍ مختلفة، من بينها مستوى اللجنة المركزية، خاصة من خلال التنصيص على إحداث لجانٍ وظيفية. وهي اللجان التي يتعين عليها الاشتغالُ بين دوراتِ اللجنة المركزية. وسنعمل على هيكلتها لاحقاً.
من جانبٍ متصل، ولأننا مُلزَمون بوضع الملف القانوني للحزب لدى السلطات المختصة، امتثالاً لمقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية؛ وبالنظر إلى أنَّ الملف القانوني المتكامل يتضمن لُزوماً، من بين ما يتضمنه، النظامَ الداخلي للحزب، فضلاً عن القانون الأساسي والبرنامج ولائحة القيادة الوطنية الجديدة؛
بالنظر إلى كل ذلك، وعلماً أنه قد تأخرنا، للأسباب التي تعلمونها، في استيفاء هذه المسطرة؛ فإنه، اليوم، من الضروري أن نصادق على مشروع النظام الداخلي الذي بعثناه إليكم. وهو مشروع يسير في نفس الاتجاه، ويسعى، من ضمن ما يسعى إليه، إلى تأطير عمل مختلف هيئات الحزب وهياكله، وحقوق وواجبات الرفيقات والرفاق، بأفق ضمان شروط النجاعة والفعالية.
وسيقدم لكم الرفيق رشيد روكبان، مباشرة بعد هذه الكلمة، مجمل التعديلات التي توصلنا بها من خلال ثلاث مساهماتٍ، منذ بعثنا المشروع إليكم. مع تشكيلِ لجنة يرأسها الرفيق رشيد روكبان نفسه، تكون مفتوحة في وجه جميع عضوات وأعضاء اللجنة المركزية الذين لديهم رغبةُ المشاركة في تعميق النظر في النظام الداخلي الذي سنصادق عليه اليوم، وإخضاعه للمراجعة، ثم إعادة إقراره في الدورة المقبلة للجنة المركزية.

الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء؛
على هذه الأسس، علينا اليوم أن نُـــــفرز مكتباً سياسيا متجانسا، قويا، متلاحما، ناجعاً، وقادراً على بلورة كل المهام والتحديات المطروحة على حزبنا.
فمن جهة أولى، يُنتَظَر من المكتب السياسي أن يقوم بمهمة الحفاظ على هوية الحزب، وصـون استقلالية قراره، وتعزيز قوته الاقتراحية، والارتقاء بمكانته ووزنه السياسي في المشهد الوطني؛
ومن جهة ثانية، مطلوب من المكتب السياسي أن يسهر على تدبير شؤون الحزب على جميع الواجهات، وأن يُــــــبلور الإصلاحات التي يستلزمها الطموح نحو تجويد أساليب وطرق ومقاربات عمل هياكلنا، وذلك بأفقٍ استراتيجي، كما أسلفتُ الذكر.
وكلها مهام سنباشرها، مع الاستحضارٍ الدائم والحثيث لكوننا نُحَــــضِّــــرُ المستقبل، من خلال إحداثِ توافقٍ عريض حول الطاقات والكفاءات البشرية التي من شأنها أن يكون لها دورٌ في ضمان استمرارية الحزب كمشروعٍ فكري وسياسي.
وعليه، فإن المكتب السياسي الذي نتطلع إلى أن تفرزه اللجنة المركزية، اليوم، ينبغي أن يكون جامِعا للطاقات النضالية المتمرسة والمتجذرة في الحزب منذ عقود؛ ولكن أيضا للطاقات النضالية الـمجـربة مع أنها أقل أقدمية؛ وللطاقات الانتخابية، نظراً للمكانة التي يحتلها المنتخبون باعتبارهم القوة الضاربة بالنسبة للحزب وتأثيره الانتخابي ووزنه الجماهيري؛ وكذا للتمثيلية النسائية، بأقصى درجةٍ ممكنة، بالنظر إلى الإسهامات النضالية لرفيقاتنا، ولكن أيضاً اعتباراً لكوننا حزباً مؤمناً بالمساواة. وكل ذلك فضلاً عن الكفاءات الحزبية النضالية الصاعدة والواعدة التي أثبتت حضورها البارز، والتي من الواجب أن تُفتح لها الأبوابُ كذلك من أجل تحمل المسؤوليات في بُعدٍ جماعي. وطبعاً، كما دأب حزبُنا على ذلك دوماً، فالمكتب السياسي يتعين أن يكون أيضاً مُـــــحتضِناً لعنصر الشباب والتشبيب.
ومن دون شك، فإنه من أجل ضمان كافة هذه الأبعاد، بشكلٍ توليفي وإيجابي وفعال، لا خيار أمامنا سوى التوسيع المعقلن لعدد أعضاء المكتب السياسي، إذا كان هذا التوسيع سيسمح باحتضان كل هذه الفعاليات التي من شأنها أن تشكل عنصر قوة لحزبنا. ففي آخر المطاف علينا ضمان النجاعة في الأداء.
وغني عن البيان، بل التنبيه، إلى أن عضوية المكتب السياسي، ككل المسؤوليات القيادية، ليست “نزهة” أو “بطاقة زيارة / carte visite”، بل إنها مسؤولية جسيمة تتطلب من صاحبها كثيرا من التضحيات، ومن الحضور الدائم، والقدرة على تحمل الأعباء، وعلى القيام بالمهام التي سيُكلَّفُ بها.
وحتى أكون واضحا وصريحا، فإن الجميع يجب أن يكون على علمٍ، منذ الآن، بأنه لن يكون أي تساهل في تطبيق مقتضيات القانون بحذافيرها، لا سيما من خلال اللجوء إلى التجريد من العضوية، بالنسبة لكل من تحمل المسؤولية وأخل بها، أو تغيـب عن الاجتماعات، لأي سبب من الأسباب غير المبررة، سواء بالنسبة لأعضاء المكتب السياسي أو اللجنة المركزية.
وفي نفس الوقت، ينبغي التأكيد على أنَّ المكتب السياسي يظل هو الجهاز التنفيذي الوطني الأعلى للحزب، يضطلع بمهام تسيير الحزب بين دورات اللجنة المركزية، ويتخذ القرارات السياسية والتنظيمية، عملاً بمقتضيات القانون الأساسي، وطبقاً لتوجهات المؤتمر الوطني واللجنة المركزية.
ومن داخل المكتب السياسي، ستُفرَزُ كتابةٌ وطنية، سيكون لها دورُ تحضير وتتبع قراراته.

الرفيقات والرفاق؛
في الختام، أشير إلى أنه، بعد عرض مشروع النظام الداخلي، بعد قليل، والمصادقة عليه، سوف أتقدم أمامكم بالمسطرة التي أقترحها على اللجنة المركزية، من أجل اعتمادها في انتخاب المكتب السياسي هذا اليوم.
تبارك الله عليكم، وشكراً لكم.

Related posts

Top