التحق الفريق الوطني المغربي لكرة القدم أمس بالديار الموريتانية، استعدادا لخوض مباراة ضد المنتخب المحلي، تدخل في إطار الجولة الخامسة، برسم تصفيات كأس الأمم الإفريقية التي ستحضنها الكامرون السنة القادمة.
وبالرغم من أن الفريق الوطني يحتل المرتبة الأولى في هذه المجموعة وبفارق مريح عن صاحب المرتبة الثانية منتخب موريتانيا، فان المدرب وحيد خاليلوزيتش أصر على حضور أغلب العناصر الرسمية المحترفة بالخارج، مع تخصيص نسبة صغيرة للاعبي البطولة الوطنية المحلية، لا تتعدي خمسة لاعبين، وغالب الظن سيبقون بكرسي الاحتياط، أو سيتابعون المقابلة من المدرجات.
والاعتماد بصفة مطلقة على اللاعبين المنتمين للأندية الأوروبية في هذه المرحلة بالذات، مسألة قابلة للنقاش، نظرا لكون الظرف الصعب الذي يمر منه العالم، وصعوبة التنقل بين الدول، وإغلاق الحدود كما هو الحال بالنسبة للمغرب، كمسألة احترازية خوفا من دخول سلالات جديدة، وبالتالي فإنه كان من الأجدر إعفاء بعض اللاعبين من مسألة الحضور، لهاتين المقابلتين السهلتين مع العلم أن المنتخب في حاجة إلى نقطة واحدة لتأكيد التأهل.
هذا نقاش آخر يتعلق بقناعات المدرب وتصوراته، لكن المهم في هذه الحالة هو تمكن أغلب اللاعبين المنادى عنهم، من الالتحاق بمركز محمد السادس لكرة القدم قبل السفر إلى موريتانيا، عبر طائرة خاصة، تسهيلا للسفر، وضمانا لرحلة في ظروف جيدة.
لم يكن من السهل التحاق أغلب المحترفين بالمنتخب المغربي، فالعملية لم تكن أبدا ميسرة، أمام تعنت الأندية الأوروبية التي رفضت بصفة عملية التخلي عن لاعبيها، في ظل ظروف صعبة، وتخوفا من الإصابة بالوباء، بالإضافة إلى تأثير غياب بعض الأساسيين على تشكيلاتها.
لكن اللاعبين المغاربة التحق جلهم بالمنتخب، عكس الأغلبية الساحقة من المنتخبات الإفريقية التي ظلت تنتظر الذي يأتي أو لا يأتي، لتحرم بالتالي من دعم محترفيها المنتمين للأندية الأوروبية، وهذا هو بيت القصيد.
فكيف إذن تمكنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، من إقناع إدارات هذه الأندية بالسماح للاعبين المغاربة دون غيرهم بالالتحاق بالمنتخب، في الوقت المناسب؟
الجواب على هذا السؤال المنطقي بسيط، وإن كان الوصول إلى الهدف المطلوب ليس بالأمر السهل أو العملية البسيطة، مادام الأمر يتعلق بعلاقات واسعة، وثقل خاص، واحترام متبادل، وهذا يلخص الاحترافية والقيمة التي وصلت إليها إدارة الجامعة خلال السنوات الأخيرة.
فالحضور اللافت الذي راكمه رئيس الجامعة فوزي لقجع خلال السنوات الأخيرة، كان له وقع إيجابي على صورة كرة القدم الوطنية على الصعيد الإفريقي والدولي، كما أن انضمامه مؤخرا لعضوية مجلس “الفيفا”، وإنجاح مؤتمر “الكاف” الانتخابي، وتوحيد عائلة كرة القدم الإفريقية بالرباط، يعد مكسبا مهما، يساهم في هذا الثقل الخاص، والصورة الإيجابية التي أصبحت تتمتع الجامعة المغربية.
وهناك معطي آخر ساهم بقوة في الوصول إلى هذا التعامل الايجابي والاستثنائي للأندية الأوروبية اتجاه المغرب، ويتمثل في تحسن الحالة الوبائية، ونجاح عملية التلقيح، ونزول عدد الإصابات وأرقام الوفيات، والحرص على تطبيق برتوكول صارم، كلها مميزات، زادت من منسوب الثقة، إلى درجة أن خبراء السياحة على الصعيد الدولي، أصبحوا يصنفون المغرب، كخامس وجهة أكثر أمانا على الصعيد الدولي.
مكاسب لم يكن من السهل الوصول إليها لولا الإرادة الصادقة، والتخطيط السليم، ورؤية مملكة متبصرة.
>محمد الروحلي