مسؤولية عموتة…

جرت العادة بعد حدوث كل إقصاء أو نتيجة سلبية صادمة، أن تكثر التحليلات وتصدر أحكام، وتحدد المسؤوليات، سواء من طرف الرأي العام، أو من جانب المتدخلين الأساسيين في الميدان.
وطبيعي أن تحضر في النقاش مسألة تصفية الحسابات، والأحكام الجاهزة، بل هناك من يسعى لهدم كل شيء، إما عن سوء فهم أو سوء نية، أو غيرها من الممارسات وردود الفعل المألوفة، والتي تعودنا عليها في كل مناسبة مماثلة.
في هذا المجال تبرز تصريحات المدرب الحسين عموتة، الذي حاول في كل التصريحات التي أعقبت المباراة ضد الجزائر، تحميل المسؤولية كاملة للاعبين، دون أن يعترف من جانبه بارتكاب ولو خطأ واحد، مع أن مجريات المباراة أظهرت حدوث أخطاء تقنية فادحة، كان لها تأثير مباشر على أداء العناصر الوطنية.
قال عموتة إن اللاعبين ضيعوا كرات سهلة، وأن المنتخب ككل لم يكن عاديا في أدائه، لعب 50 في المائة من الإمكانيات التي خاض بها الدور الأول، كما غاب التركيز على بعض اللاعبين، مع ضياع كرات سهلة، وذهنيا لم يدخلوا أجواء المباراة بالشكل المطلوب، لقد حدثت أمور لم تفهم بالنسبة له… كما تحدث عموتة عن عامل الضغط الذي مورس على اللاعبين، وتأثير ذلك على جانب التركيز والحضور النفسي والذهني، أثناء مجريات المباراة.
خلاصة ما قاله المدرب الوطني أن الإقصاء كان سببه غياب التركيز عن اللاعبين، وتأثير الضغط والأهمية الاستثنائية التي أعطيت لهذه المواجهة، خاصة من الجانب المغربي، أما هو كمسؤول تقني، فلم يخطئ، وجل من لا يخطئ…فالمدرب هو المسؤول عن تدبير الأمور التقنية والإدارية داخل الفريق، وإخراج اللاعبين من الضغط، من بين مسؤولياته الأساسية، ومن حقه الاستعانة بمهيء ذهني، وفي حالة عدم الانتباه إلى هذا العامل المؤثر، فهذا خطأ من جانبه.
والأكثر من ذلك، كيف للاعب أن يكسب الثقة، وأن ترفع من معنوياته، وهو يرى نرفزة زائدة على المدرب، بتقاسيم وجه تبعث عن الاستغراب، كما أن أغلب تعليماته يطغى عليها الانفعال، والتعامل الجاف، إلى درجة أن طريقة تقديم بعض التعليمات تتسم بالسخط وتكشيرة الوجه.
من الناحية التقنية، ظهر واضحا أن هناك خلل على مستوى «الكوتشينغ»، فاعتماد لاعب وسط واحد، لمهمة قطع الكرات ومصادرة عمليات الخصم، كان خطأ فادح، وتابعنا كيف عانى جبران، أمام قيمة لاعبين مهاريين كابراهيمى ولبلايلي.
تأخر أيضا في إحداث تغييرات، إذ أبقى على الكرتي والحافيظي، رغم عدم قدرتهما على مواصلة الإيقاع المرتفع للمباراة، بينما ظل الحسوني حبيس كرسي الاحتياط، وهو المتوج كأحسن لاعب خلال مباراة السعودية.اعتمد في كل المباريات على أشرف بنشرقي كأساسي، رغم عدم جاهزيته لا ذهنيا ولا بدنيا، والكل يعرف أن لديه مشاكل مع نادي الزمالك، بينما همش سفيان الرحيمي المتألق مع فريق العين بالدوري الإماراتي، والذي سبق أن اختير كأحسن لاعب بـ»الشان»، نفس التهميش طال المدافع أشرف داري، رغم أنه جاهز تقنيا وبدنيا، خاض أغلب المباريات الإعدادية مع المنتخب، ويلعب كرسمي بفريق الوداد، سواء بالبطولة الوطنية، أو بالمنافسات القارية.
خلال إعداد عموتة للائحة الرسمية، ألغى في اختباراته حضور لاعبين صاعدين، قصد منحهم الفرصة وكسب التجربة، واكتشاف مواهبهم على الصعيد العربي، مقابل ذلك عمل على إحضار لاعبين متقدمين في السن، دخلوا منذ مدة ليست بالقصيرة، مرحلة العد التنازلي.
الكل ساند عموتة كمدرب وطني، والكل صفق لإنجازاته، على أمل أن يصبح مستقبلا، هو المدرب الرسمي للمنتخب الأول، كأمنية غالية، وغالية جدا، لكن لابد أن يظهر من جانبه، نوعا من التطور واستغلال كل الفرص وتحسين المستوى، وتحقيق نتائج وألقاب، إلا أن ما حدث بقطر فجر خيبة أمل كبيرة، ورغم ذلك لازالنا ننتظر عموتة الذي نتمناه…

محمد الروحلي

الوسوم ,

Related posts

Top