مسرحيون مغاربة يتحدثون لبيان اليوم عن المهرجان

– المهرجان فضاء للتبادل والتنوع
– ضرورةالتفكير مغربيافيمابعدالمهرجان العربي
– المسرح ليس شأن المسرحيين وحدهم..

الناقد المسرحي عز الدين بونيت: مهرجان يوفي بوعده
أستطيع القول إن مهرجان المسرح العربي قد أوفى بوعده، نظرا لتنوع الأساليب المسرحية التي شاهدناها من خلال عروض المسابقة الرسمية، التفاوت في القيمة الجمالية والفكرية هذا أمر قائم وواضح، وأنا شخصيا أتأسف لأن هناك تجارب تمثل حركات مسرحية عريقة لكنها لم تكن في مستوى الانتظار، لا داعي لذكر هذه النماذج لكن من الواضح أنها كان من المفترض أن تمثل حركة مسرحية ناضجة، لها عقود من الممارسة. لا بد كذلك من الإشادة بمبادرة تقديم عروض مسرحية موازية في العديد من المدن المغربية، التي أعطت صورة إيجابية عن تنوع الحركة المسرحية ببلادنا، وهذا يحدث لأول مرة، بعد ست دورات من المهرجان في ست دول عربية، هناك برمجة موسعة للعروض الموازية، بشكل يفوق عروض المسابقة الرسمية.
المثير أن البلدان التي تتخبط في مشاكل سياسية واجتماعية ونزاعات وعدم استقرار، من قبيل فلسطين وتونس وحتى مصر، قدمت عروضا جيدة، وهذه العروض تشترك في كونها حاولت التعامل مع الأحداث الراهنة، وهذا التعامل فيه تفاوت كذلك، حيث ليس هناك أجوبة بقدر ما هناك أسئلة، وهناك بعض العروض التي قدمت أجوبة للقضايا والمشاكل المطروحة، لكن بطريقة ساذجة.

الكاتب المسرحي محمد زهير: الوعي ببلاغة المسرح

من الخصائص المميزة للمهرجان أن يشرك أقطارا متعددة من العالم العربي، طبعا المهرجان من وظائفه الأساسية أن يشكل فضاء للقاء من أجل تبادل التجارب والخبرات، من خلال مشاهدة العروضوالنقاشات التي تجرى على هامش العروض، فضلا عن الأنشطة الموازية للمهرجان، الندوات الفكرية، توقيع الإصدارات الجديدة التي تشمل النصوص المسرحية والدراسات التي تصب كذلك في المسرح، والورشات التكوينية.
المهرجان فرصة أساسية جدا لكي يتعرف الجمهور على واقع المسرح في العالم العربي. هناك عروض مسرحية ذات قيمة عالية بكل تأكيد، ومنها عروض من المغرب، دموع بالكحول على سبيل المثال الذي يتناول موضوعا جوهريا بنوع من الدقة والعمق الفكري والإخراج الذي لا تحس فيه بنوع من الترهل، إلى جانب تجارب أخرى من خارج المغرب.تتجلى قيمة هذه العروض في الكتابة الدقيقة للنص المسرحي، وكذلك على مستوى الإخراج، وبالتالي استطاعت أن تحقق المتعة والفرجة المسرحية المرجوة، إلى حد يجعل المتفرج لا يشعر بالملل، ونحن نعلم أن ما يقتل المسرح هو الضجر والملل. هناك عروض مسرحية قدمت بلغة محلية، لغة دوارج العالم العربي، وهناك عروض باللغة العربية الفصيحة، ولكن الملاحظ أنه سواء كان العرض بالدارجة أو الفصحى، أن كتاب النصوص ومخرجيها، يعون بأنهم يقدمون مسرحا، يعني انشغالهم بالكتابة المسرحية، سواء على مستوى بناء النص أو على مستوى البناء الدرامي. المسرح في العالم العربي يخطو الآن خطوات مهمة جدا من خلال الوعي ببلاغة المسرح وليس فقط باعتباره يعالج قضايا اجتماعية أو فكرية معينة. شهد المهرجان كذلك عروضا فكرية متنوعة تصب كلها في مجال المسرح، منها ما يرتبط بالذاكرة ومنها ما يرتبط بقضايا راهنة بصورة عامة، وقد كانت هذه الندوات الفكرية بمثابة قياس حراري لمدى وعي المسرحيين بما يعملون في هذا الميدان، العروض المسرحية تقدم صورة عملية، ولكن الندوات تعطي صورة فكرية لما يفكر فيه المسرحيون، ما يشغلهم، تقدم رؤاهم ووجهات نظرهم التي تهم المجال الذي يشتغلون فيه ألا وهو المسرح، والملاحظ في هذه العروض الفكرية أنها تركز كذلك على المسرح في ارتباطاته بشروطه الثقافية والتاريخية، ولكن بالأساس من خلال الوعي بأن الموضوع الأساسيهو المسرح وقضاياه وما يرتبط به داخل ما يشهده الآن العالم من تطورات ثقافية واجتماعية وسياسية..الندوات تؤكد على أن المسرح مرتبط بما يجري في العالم، وأنه ليس هناك مسرح معزول عن محيطه. المسرح العربي يستجمع الكثير من العناصر لتقوية ممارسته وكذلك توسيع تصوراته لمفهوم المسرح، اعتمادا على ثقافة مسرحية، وعلى الخبرة والممارسة والتجربة، بمعنى أن المسرح لم يعد يمارس أو ينظر إليه باعتباره فاعلية تلقائية، ولكنه أساسا فعل ثقافي وحصيلة ثقافية، والتجارب التي شاهدناها سواء في هذا المهرجان أو في مهرجانات أخرى، تؤكد على أن هناك وعيا بالبحث عن آفاق جديدة للمسرح العربي، وضمنه بطبيعة الحال المسرح المغربي، الذي نشاهد من حين لآخر في تجاربه نقط ضوء، سواء ما تعلق منه بالمسرح الاحترافي، أو غير الاحترافي كالمسرح الجامعي الذي يحتاج إلى إعطائه الأهمية التي يستحقها من طرف الباحثين والدارسين والمهتمين بالشأن المسرحي بوجه عام، مع أنه تنجز فيه تجارب بالغة الأهمية، في مختلف فضاءات الجامعات المغربية. طبعا نحن عندما نتحدث عن المسرحي العربي أو المغربي، نتحدث عنه في تنوعه واختلافاته، هذا شيء أساسي، فالمسرح لا يمكن النظر إليه باعتباره ممارسة محدودة أو متجانسة، ولكن هذا التنوع هو الذي يغنيه، ومن الأكيد أن الممارسة المسرحية والخبرة به، في تطور مستمر، لكنها تحتاج إلى استمرارية ودعم ومساندة واهتمام من الجهات التي يعنيها الشأن المسرحي، وهي جهات متعددة، لأن المسرح ليس شأن المسرحيين وحدهم أو جهة واحدة، وذلك من أجل توفير الشروط الثقافية والمادية التي تسنده باستمرار، حتى يتمكن من تطوير إمكانياته وتعميقها والعمل على ترسيخها باستمرار.

المخرج المسرحي عبد القادر عبابو: خطوة أخرى يخطوها المسرح.. ولكن..

هذه الدورة من المهرجان العربي للمسرح، يمكن لي، باعتباري ممارسا مسرحيا مغربيا، أن أعدها خطوة أخرى يخطوها المسرح، والمهرجان في حد ذاته مجال لتلاقح التجارب والأفكار وربط العلاقات بين مختلف الفعاليات الإبداعية والمشتغلين بالبحث في مجال المسرح، ومن هنا يحق لنا أن نعتز باحتضان بلادنا لهذه التظاهرة، لكن يجب كذلك أن نستفيد منها، يجب التفكير في ما بعد المهرجان، لنا كل الإمكانيات والطاقات الاستعدادات للاستفادة من هذه المحطة، وبعدها يمكن أن نعيد النظر في مجموعة من الآليات التي تنظم المسرح بالمغرب.

مدير المسرح الوطني محمد الخامس محمد بنحساين: عوالم أخرى من الإبداع

المهرحان لقي نجاحا باعتبار أنه منذ مدة لم يحتضن بلدنا مهرجانا مسرحيا بهذا المستوى، لقد شهدت الفرق المغربية طيلة هذا الأسبوع مجموعة من العروض المسرحية التي أتت من العديد من الدول العربية الشقيقة، وهذه تجارب أخرى يمكن أن تضاف إلى التجربة المغربية، رغم أننا يمكن لنا أن نقول إن المسرح المغربي عرف، خلال السنوات الأخيرة، نقلة نوعية وبدأ يؤثث الفضاء المغاربي والعربي بمسرحيات جميلة بشهادات الجميع، كما أن الندوات الفكرية تشكل إضافة للرصيد المعرفي للمسرحي، حيث، تسمح له بالاطلاع على مختلف المستجدات التي يعرفها الفن الرابع في العالم، سيما في ظل التغيرات على المستوى السياسي التي ميزت العديد من البلدان العربية، فهناك إرهاصات وهناك نظرة جديدة للعالم، لقد بذل المغرب مجهودا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، فمجموعة من الفرق باتت تؤثت الفضاء المسرحي المغربي بشتى أنواعها، وتجاربها، واستطاعت أن تفرض وجودها على مستوى مادة اشتغالها وأيضا على مستوى المضامين على اعتبار أننا نحن ومجموعة من البلدان العربية مثل تونس والإمارات والعراق.. أصبح شبابنا يشتغل على مواضيع جديدة جريئة كانت إلى وقت قريب مستعصية ولا يستطيع الكل التحدث عنها، فهذا الجو من الحرية الذي يعرفه المغرب، ومجموعة من الدول العربية، مكنت المسرحي المغربي والمثقف العربي عموما أن يلج عوالم أخرى من الإبداع والفن، حتى على المستوى الجمالي والأدبي والثقافي.

المخرج المسرحي محمد البلهيسي: فرصة أخرى لتجديد أدواتنا الفكرية والإبداعية

كما هو الشأن بالنسبة لجميع المهرجانات المسرحية، دائما ما يكون الهدف الأول من تنظيمها هو تلاقح التجارب وتجديد التواصل بين الفنانين والنقاد، من جهة ثانية نجد العروض غالبا ما تتأرجح بين الغث والسمين والمتوسط والجيد، وفي هذه الدورة هناك تنوع وتآلف بين جيل الرواد وجيل الشباب وجيل القنطرة، هناك تجارب متنوعة، وكل تجربة لها ما يميزها عن الأخرى، إلا أنه يجب إعادة النظر في اختيار العروض المشاركة في المسابقة، بمعنى أن هذه العروض يجب أن تكون متميزة عن بقية العروض، بحيث يراعى فيها الجودة وكل مقومات العرض المسرحي الإبداعي، مع ذلك نحن نستمتع بالمسرح كما نستمتع برواد المسرح وعشاق المسرح.
الخلاصة التي يمكن الخروج بها من العروض الفكرية التي قدمت ضمن هذا المهرجان أن هناك في بعض الندوات عودة إلى الوراء، وفي بعض الندوات الأخرى هناك جدية وبحث، فالندوات تختلف باختلاف المواضيع، لكن المهم فيها أننا نجدد اللقاء ونجدد أدواتنا الفكرية ونترك الكلمة الأخيرة للبحث العلمي الجاد، هو الذي يستطيع أن يوضح لنا الطريق المستقبلي وأن يعطي القيمة الأساسية والحضارية للمسرح العربي، نحن في أمس الحاجة إلى من يعيد قراءة أعمالنا المسرحية حتى نكون في مستوى اللحظة والتطورات اللاحقة.

Top