تواصلت المفاوضات لليوم الرابع في القاهرة من أجل التوصل إلى هدنة في الحرب بين اسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة بحلول شهر رمضان، فيما صار الموت والجوع القدر اليومي للغزيين بعد خمسة أشهر من الحرب.
في الأثناء، تتواصل المعارك والقصف في القطاع حيث الوضع الإنساني يتفاقم يوما بعد آخر وباتت المجاعة “وشيكة” بحسب الأمم المتحدة.
وأغرقت الحرب المستمرة منذ خمسة أشهر بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، قطاع غزة في أزمة إنسانية حادة ولا سيما شماله الذي يصعب الوصول إليه وحيث بلغ الجوع “مستويات كارثية” بحسب برنامج الأغذية العالمي.
وأفادت وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس أول الأربعاء 6 مارس الجاري، بسقوط 86 قتيلا خلال آخر أربع وعشرين ساعة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة عن “استشهاد طفلة تبلغ من العمر 15 عاما في مجمع الشفاء الطبي نتيجة سوء التغذية والجفاف، وأشار القدرة إلى ارتفاع حصيلة ضحايا سوء التغذية والجفاف في القطاع المحاصر إلى 18 شهيدا.
أمام الكارثة الإنسانية المتفاقمة، تمارس الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لإسرائيل، ضغوطا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بحلول شهر رمضان الذي يبدأ الأسبوع المقبل.
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أن “الأمر بيد حماس حاليا”، معربا عن خشيته من وضع “خطير للغاية” في إسرائيل والقدس إذا لم تتوصل إسرائيل وحركة حماس لوقف إطلاق نار في غزة قبل حلول شهر رمضان.
في المقابل، قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان من بيروت الثلاثاء “لن نسمح بأن يكون مسار المفاوضات مفتوحا بلا أفق مع استمرار العدوان وحرب التجويع ضد شعبنا”.
ويسعى الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة منذ أسابيع إلى التوصل لهدنة لمدة ستة أسابيع في غزة قبل رمضان، بما يتيح الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وخطف أكثر من 250 شخصا أثناء هجوم حركة حماس داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر، وفق إسرائيل التي تقدر أن 130 منهم لا يزالون محتجزين في القطاع. ومن بين هؤلاء يعتقد أن 31 قد قتلوا.
وتشترط حماس خصوصا “الوقف الشامل للعدوان والحرب ولاحتلال قطاع غزة” و”البدء بعمليات الاغاثة والإيواء وإعادة الإعمار”، وفق ما أفاد عضو القيادة السياسية للحركة باسم نعيم وكالة فرانس برس.
إلا أن إسرائيل ترفض هذه الشروط مؤكدة نيتها مواصلة هجومها حتى القضاء على حركة حماس وتشترط أن تقدم لها الحركة الإسلامية الفلسطينية قائمة محددة بأسماء الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة.
ويوجد وفد من حماس في القاهرة فيما لم ترسل إسرائيل وفدا. وتعتبر المناقشات التي بدأت الأحد “صعبة” بحسب قناة القاهرة الإخبارية المصرية.
واندلعت الحرب إثر هجوم نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر في جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وتوعدت إسرائيل حماس ب”القضاء” عليها بعد الهجوم، وبدأت قصفا مدمرا على قطاع غزة أتبع بعمليات برية ما تسبب بمقتل 30717 شخصا ، غالبيتهم من المدنيين، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة بقطاع غزة.
ميدانيا، قال الاعلام الاعلام الحكومي بقطاع غزة إن الجيش الإسرائيلي شن “أكثر من 40 غارة جوية، مع استهداف منازل على ساكنيها في مدينة حمد، وبلدة بني سهيلة بخانيونس، ودير البلح والبريج وبلدة بيت لاهيا، وحي تل الهوى بمدينة غزة”.
وأشار إلى “قصف مدفعي على المغراقة وجحر الديك (قرية وادي غزة)، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء، وتدمير أكثر من 38 منزلا ومبنى”.
وأفاد شهود عيان بحصول “اشتباكات عنيفة في غرب خان يونس وبلدة بني سهيلة والمغراقة والزيتون بغزة”.
وتمكن العشرات من السكان من دخول مدينة خان يونس، مركز القتال منذ عدة أشهر، نهارا لتفقد منازلهم وانتشال ما يمكن انتشاله من تحت الأنقاض، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من وسط المدينة المدمرة، بحسب مراسل فرانس برس.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على الفور على سؤال حول هذا الانسحاب.
وبحسب الجيش، قتل 247 عسكريا في قطاع غزة منذ بدء هجومه البري في 27 أكتوبر.
وقال أحد الناجين من القصف ويدعى حازم محمد لفرانس برس “كنا نصلي ليلا. لم نشعر بأي شيء حتى وقع الانفجار. استمرت الأنقاض في تتساقط لدقيقتين ولم نعرف إلى أين نذهب. كان الزجاج يتساقط”، وذلك بعد قصف منزل في دير البلح.
وأمام تدهور الوضع الإنساني الكارثي طالب جو بايدن إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات معتبرا أن “لا أعذار” لدى إسرائيل في مواصلتها منع دخول شاحنات المساعدات المتوقفة عند الحدود مع مصر.
وحذرت الأمم المتحدة من مجاعة “شبه حتمية” تهد د 2,2 مليون شخص من أصل 2,4 مليون هو عدد سكان القطاع، بينما المساعدات التي تدخل شحيحة جدا مقارنة بالاحتياجات الهائلة.
والوضع حرج خصوصا في شمال قطاع غزة حيث يعيق الدمار الواسع اللاحق به والقتال المستمر، وصول المساعدات.
وكان برنامج الأغذية العالمي قال الثلاثاء الماضي إن قافلة له تضم 14 شاحنة كانت تنتظر عند حاجز وادي غزة في جنوب شرق قطاع غزة لمدة ثلاث ساعات قبل أن يمنعها الجيش الإسرائيلي من مواصلة طريقها.
وأوضحت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أنه بعد قرار الجيش الإسرائيلي منع مرور المساعدات، أوقفت القافلة “حشود كبيرة من الأشخاص اليائسين الذين نهبوا المواد الغذائية” وقد استحوذوا على حوالى 200 طن من المواد الغذائية.
وكانت هذه أول محاولة للبرنامج لإدخال قافلة مساعدات إلى شمال قطاع غزة بعدما علق توزيع المساعدات في شمال قطاع غزة في 20 فبراير إثر تعرض قافلة تابعة له للنهب وإطلاق نار.
في مواجهة ما وصفته بـ”المجاعة واسعة النطاق” في غزة، طلبت جنوب إفريقيا الأربعاء من محكمة العدل الدولية فرض إجراءات طارئة جديدة على إسرائيل.
من جهته، أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون، بعد لقاء مع عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس في لندن، أن الوضع في غزة “يجب أن يتغير”، مضيفا “باعتبارها القوة المحتلة، تتحمل إسرائيل مسؤولية قانونية لضمان توفير المساعدات للمدنيين”.
وأعلنت إيطاليا الاثنين الماضي إطلاق مبادرة “الغذاء من أجل غزة” التي تهدف إلى تنسيق المساعدات الغذائية مع وكالات الأمم المتحدة المتخصصة والصليب الأحمر.
وفي الأيام الأخيرة، قامت طائرات من عدة دول من بينها الولايات المتحدة بإنزال مساعدات على شمال قطاع غزة، لكن ذلك “لن يمنع المجاعة” بحسب برنامج الأغذية العالمي.
أ.ف.ب