خلق المنتخب الأولمبي المغربي لكرة القدم، الحدث على الصعيد الوطني، ليس فقط بعروضه القوية ونتائجه اللافتة، ومساره المتميز بمباريات كأس إفريقيا للأمم الخاص بفئة أقل من 23 سنة، ولكن أيضا بقيمة لاعبيه والإمكانيات التي أظهروها، رغم قلة المعسكرات وضعف الانسجام…
فكل المتتبعين سواء المغاربة أو الأجانب، يجمعون على أن هذا المنتخب، يضم مواهب رائعة، قادرة على العطاء الكبير مستقبلا، ومؤهلة لتعويض لاعبي المنتخب الأول، بل باستطاعتها المحافظة على النسق العالي الذي أبان عنه “أسود الأطلس” بكأس العالم قطر 2022.
ففي زمن قياسي، أصبح الجميع يردد أسماء لاعبين رائعين أمثال إسماعيل الصيباري، أمير ريتشاردسون، بينماجمان بوشواري، شادي رياض، طه ياسين الإدريسي… بالإضافة إلى بلال الخنوس وعبد الصمد الزلزولي واللائحة طويلة…
تقارير إعلامية دولية، تتابع المسار بكثير من الإبهار والإعجاب، بل سارعت إلى التأكيد، على أن كرة القدم المغربية وجدت في هؤلاء الشباب، أحسن خلف لكبار احتلوا مكانا بارزا، ضمن صفوة كرة القدم العالمية…
وطبيعي أن هناك مجهودا بذل من أجل وصول إلى هذه النتيجة الباهرة، انطلاقا من متابعة دقيقة لإدارة الجامعة، عبر خريطة منقبين، يرصدون كل المواهب بمختلف الدوريات الأوروبية، في سن مبكرة…
كوكبة من المنقبين والإداريين، يدققون في سير صبية صغار، يتأكدون من أصولهم، ومدى ارتباط عائلاتهم بوطنهم الأم المغرب، ورغبتهم التلقائية بحمل القميص الوطني…
بعد التنقيب والاتصال والإعداد الإداري، تتدخل بطبيعة الحال جوانب أخرى لها أهميتها، منها أساسا العمل الاحترافي، بربط الاتصال والإعداد للمعسكرات التدريبية داخل المغرب وخارجه، لينخرط بعد ذلك أصحاب الاختصاص التقني، من حيث التقييم والمتابعة والإعداد الجيد…
هذه المنظومة الإدارية والتقنية واللوجستيكية والتواصلية المندمجة، هي التي أعطتنا هذا المنتخب الأولمبي المتألق، وغيره من التشكيلات المتميزة صغارا وكبارا وإناثا وذكورا…
نشجع هذا التوجه الذي أعطى نتائج باهرة، في انتظار إنتاج مواهب بنفس المستوى العالي، من خلال منظومة تكوين محلية، على غرار أكاديمية محمد السادس، وبعض المراكز القليلة، التي تساهم في إنتاج لاعبين وصلوا إلى القمة، إلا أن المطلوب مستقبلا هو جعل اللجوء إلى لاعبي المهجر، مجرد مكمل، وليس ركيزة أساسية، كما هو حاصل الآن…
ننتظر مواصلة المنتخب مساره القوي بتحقيق هدفين أساسيين هما الوصول إلى دورة باريس الأولمبية، بعد غياب طويل، والفوز باللقب لأول مرة في تاريخ كرة القدم الوطنية…
محمد الروحلي