نخبة من الكتاب يتحدثون لبيان اليوم عن راهن ومستقبل اتحاد كتاب المغرب في أفق مؤتمره الوطني الاستثنائي

منذ عدة سنوات، واتحاد كتاب المغرب يشكو من التشرذم. مختلف فروعه مجمدة. وبالرغم من المجهودات التي كان يقوم بها المكتب التنفيذي للاتحاد، من أجل بث الروح في هذا الجسد، فإن الوضع لم يتحسن قيد أنملة. ومما زاد الطين بلة، أن المؤتمر الوطني الأخير تعرض للفشل، وتم تبادل الاتهامات بين أطراف مختلفة. وكان لا بد من طرح السؤال: متى يتم وضع حد لكل الخلافات التي تعوق اتحاد كتاب المغرب عن مواصلة نشاطه؟
إذن، في أفق المؤتمر الوطني الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب الذي يجري الاستعداد لعقده، كان لبيان اليوم حوار مع نخبة من الكتاب المنتمين لهذه المنظمة العتيدة، للحديث حول راهنها ومستقبلها.
هكذا كانت أجوبتهم على أسئلتنا التالية:
كيف هي تجربتك الشخصية في اتحاد كتاب المغرب؟
ما موقفك مما يقع حاليا في الاتحاد؟
ما هي الأسباب التي أدت في نظرك إلى الأزمة الحالية للاتحاد؟
ماذا تقترح لتجاوز الأزمة؟ وما هي الأولويات التي ترى ضرورة طرحها للنقاش في المؤتمر؟
هل ستشارك في المؤتمر القادم؟
هل تقبل أن يتم تسيير الاتحاد من طرف المسؤولين في المكتب السابق؟
ما هي المؤهلات التي ترى ضرورة توفرها لدى الرئيس المقبل للاتحاد؟

القاص محمد عزيز المصباحي: ما يقع الآن في الاتحاد شيء يدمي القلب

1 ــ التحقت باتحاد كتاب المغرب صحبة صديقي الوديع الشاعر المرحوم عبد الله راجع، قادمين إليه من المدن السفلى، بني ملال والفقيه بنصالح، قبيل المؤتمر الخامس للاتحاد (1976).
أسست سنة 1995 فرع اتحاد الكتاب بمدينة الجديدة صحبة نخبة من الأصدقاء، والذي ساهم بشكل فعال في تفعيل المجال الثقافي لعاصمة دكالة، ويبقى الملتقى الوطني الأول لقصيدة النثر أبرز الأنشطة التي عرفتها الجديدة سنة 1995. بدون دعم من المكتب المركزي للاتحاد ولا من طرف أي جهة باستثناء الأكاديمية الجهوية للتعليم بالجديدة.

2 ــ ما يقع الآن في الاتحاد شيء يدمي القلب، لقد اخترقه محترفو السياسة وحولوه إلى بورصة لاصطياد ما يمكن اصطياده من فرص ومآرب مادية، ( نشر ـ سفريات ـ تمثيل الاتحاد في المحافل والمعارض والملتقيات العربية وغيرها وما خفي أعظم). وفي نفس الوقت العمل وبإصرار على إقصاء وتهميش فروع الاتحاد وأعضائه. قبل أن يحولوه إلى حلبة مفتوحة لتصفية حساباتهم الرخيصة والمكشوفة والتي لا تمت للثقافة ولا للإبداع بصلة، وهو ما يشهد عليه بكل وضوح المؤتمر الأخير الفاشل للاتحاد بطنجة.

3 ــ كل ذلك جاء نتيجة تراكم ممارسات غير ثقافية ولا ديمقراطية حقيقية، مع الأسف كثير من الكتاب يعتقدون أن استقلالية الاتحاد رهينة باحتضانه من طرف الأحزاب السياسية الوطنية وليس حماية الاتحاد والدفاع عن استقلاليته الذاتية من جميع الأطراف.
أذكر بالمناسبة، تلك الأصوات ( النشاز ) التي كانت ترتفع في هذا المؤتمر أو ذاك داعيةإلى رفع لواء الكاتب المبدع وليس لواء الحزب: المرحوم أحمد المجاطي ـ أحمد بوزفور ـ عبد اللطيف اللعبي، هذا الأخير الذي رشح نفسه لقيادة الاتحاد خارج لوائح الأحزاب، بدون أي استجابة… فلا غرابة إن ارتبط انهيار الاتحاد وترهله بانهيار تلك الأحزاب وترهلها.

4 ــ لتجاوز الأزمة الحالية للاتحاد أرى ضرورة إرغام ما يسمى باللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي بإنجاز مهمتها الوحيدة المحددة في عقد المؤتمر وإلغاء جميع القرارات التي اتخذتها وإلا فيجب حلها فورا.

5 ــ نعم، سأشارك في المؤتمر الاستثنائي القادم، إن رأيت أن الشروط متوفرة.

6 ــ نتيجة كل هذا فأنا لا أقبل أن يتم تسيير الاتحاد من طرف المسؤولين في المكتب السابق، فقد أعطوا كل ما يملكون وأكثر.

***

الكاتب حسن برما: واقع الاتحاد حاليا لا يشرف أحدا


 – في ثمانينيات القرن الماضي، بعد أن صارت نصوصي القصصية ومقالاتي النقدية تجد طريق النشر على صفحات الملاحق الثقافية كملحق الاتحاد وأنوال الثقافي والبيان الثقافي والعلم الثقافي اقترح على مجموعة من الكتاب الرواد الأحبة كالفقيد راجع وعنيبة الحمري وبهجاجي والخوري توجيه طلب عضوية للانضمام لاتحاد كتاب المغرب ، وأجبتهم أنه ما زال علي الانتظار حتى أقتنع أني فعلا في مستوى اتحاد كتاب يضم خيرة أدباء المغرب والعديد من أسماء الرواد الفاعلين في الأدب المغربي والعربي، سنة 1991 كنت من أعضائه وشعرت بفخر الانتماء بالنظر إلى قيمة الاتحاد وحضوره الوازن محليا وعربيا، واعتبارا لإشعاعه المتميز في العديد من المحطات المهمة في تاريخ المغرب المعاصر، ومساهماته القيمة في الندوات والتأطير ونشر إبداعات وانجازات الكتاب والكاتبات المغاربة بانتظام على صفحات مجلته “آفاق”.. حضرت لبعض مؤتمراته، ونشرت بعض نصوصي بمجلته.. ولكن!

2 – واقع الاتحاد حاليا لا يشرف أحدا، ولا يشرف تاريخه النضالي ، سبق وقلت في مناسبات عدة أن اتحاد الكتاب قد مات، هو الآن يعيش سكتة دماغية، وتم تلقيحه بفيروس خطير أدى إلى شل حركته ووأد تأثيره وتغييب حضوره وسط المهتمين بشأن الكتابة والأدب، وبالتالي غاب الاتحاد ولم يعد له دور ملموس في الساحة الثقافية.

3 – سابقا، قوة اتحاد كتاب المغرب كانت في استقلاليته عن التوجه الرسمي للحكومات السابقة، بل إنه كان واجهة معارضة للخطاب المخزني، وكانت كل أنشطته وبياناته تصطف في الضفة المخالفة لمشيئة المخزن، وعليه كانت قوته من قوة التنظيمات والمؤسسات الحزبية اليسارية، بعد حكومة التناوب برئاسة الفقيد اليوسفي خفت التوجه المعارض في الاتحاد، واختفت البيانات والمواقف التي كانت تقف في صف الحرية والكتابة المهووسة بسؤال التغيير، اهتمت المكاتب السابقة عن المكتب الحالي بالفوز بصفة جمعية ذات المنفعة العامة، صفة تحققت وجرَّت معها للأسف الكثير من الويلات، وككل مؤسسة مفتوحة على مشارب متعددة، تراجع تأثير جيل المؤسسين والتحقت بالاتحاد أعداد كبيرة لا تؤمن بجدلية النضال والوقوف في صف القوى الوطنية الحرة، فاز الاتحاد بمقر فرعوني وخسر حضوره الوازن، تضاعف تأثير الكواليس والانتهازية المقيتة، وتنازل عن الدفاع عن مصالح الكتاب والكاتبات، وفي دوامة التيارات المتناقضة سطا تيار عبد الرحيم العلام وأزاح الرئيس الشرعي عبد الحميد عقار ليخلو الجو للذين خططوا لقتل مؤسسة ثقافية مناضلة وفتحوا عوضها دكانا مصلحيا، توقفت الندوات ذات الإشعاع العربي، ولذر الرماد على العيون، أوهم مكتب العلام الأتباع بما سمي بعملية نشر إبداعات الأعضاء بطريقة مريبة حيث تطبع نسخ محدودة وترمى في مخابئ سرية لا يحصل على نسخ منها حتى كتابها، وتوقف إصدار مجلة الاتحاد “آفاق” التي قاومت احتضارها وموتها بالصدور فصليا، وأسلمت الروح لباريها ، إضافة إلى صراع الديكة بين أعضاء المكتب المركزي والإصرار على الفوز بالنصيب من كعكة المنفعة العامة وامتيازات السفريات والتعويضات ..

4 – في محاولة لانتشال جثة اتحاد كتاب المغرب من القبر الذي حفره لها مكتب عبد الرحيم العلام، لابد من تحقيق مصالحة بين الاتحاد وبين معظم الكتاب والكاتبات الوازنين وحكماء الكلمة المبدعة لاستعادة الاقتناع بمصداقية مؤسسة عمل الرواد على حمايتها من الاختراق من المندسين والممخزنين، ولابد من استرجاع الثقة بين الكتاب فيما بينهم بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية والإيديولوجية، عبد الرحيم العلام ومن معه قد أغرقوا الاتحاد بعضويات أشباه أقلام تكره الالتزام وأخلاق الانحياز للكادحين ومن لا صوت لهم، حيث شكلوا منهم قطيعا انتخابيا لينجحوا في عملية القتل وإسكات صوت الاتحاد للأبد.. والمقترح الأهم هو الدفاع فعلا ونضالا عن الكتاب المغربي المحاصر بجميع أشكال الحصار والدفاع بشراسة عن الوضع الاعتباري للكاتب والكاتبة في المغرب .

5 – حسب ظروفي الصحية، حضرت المؤتمرات السابقة وكنت شاهدا على لعبة الكولسة الحقيرة ومقالب خبيثة تمطط أوقات النقاشات المخدومة ولا تتم عملية التصويت سوى في الفجر حين ينسحب أغلب الكتاب والكاتبات خصوصا كبار السن منهم وتبقى في الساحة وجوه تؤدي مهمتها الانبطاحيةبنشاط وحماس، ما يهمني شخصيا هو أن المؤتمر فرصة للقاء أحبة باعدت بيننا المسافات، وإن كنت في الحقيقة أفتقد أسماء كثيرة أعلنت انسحابها ضمنيا ولم تعد تؤمن بجدوى التواجد في قلعة الاتحاد المخترقة.

6 – واحنا آش سايرين نقولوا من الصباح، كيف يمكن لي قبول من هم أصل الداء ، مسؤولون لم يترددوا في قتل اتحاد الكتاب ودفنه، فليكونوا شجعانا ويتركوا الكتاب والكاتبات يعملوا لإحياء ما يمكن إحياؤه، وليكونوا ذوو مروءة وينسحبوا دون أن يلتفتوا إلى الخلف، وليتركونا ننسى جريمتهم في حق قلعة آمن بنبلها رعيل من الشرفاء والشريفات.

7 – أن يكون شبعانا بقناعات الدفاع عن الكتاب المغربي ويفك الحصار عنه، متشبعا بثقافة الحرية والكرامة والاحتفاء بالكتابة كصوت فاعل نبيل لمن لا صوت لهم.

***

الأديب مصطفى لغتيري: الرئيس القادم يجب أن يكون امرأة

1 – هي في حقيقة الأمر كانت تجربة متنوعة وغنية، مرت بعدة مراحل، فقد التحقت بالاتحاد عضوا عام 2002 وكنت سعيدا جدا بهذا الانتماء، لأن ما ترسخ في الذهن عن اتحاد كتاب المغرب كمنظمة حداثية، تضم بين جدرانها نخبة من المثقفين المغاربة، وطن في نفسي كثيرا من الألق والاعتزاز، وهكذا في مرحلة لاحقة انتخبت في مكتب الاتحاد الإداري ثم فيما بعد في مكتبه التنفيذي، وخلال هذه التجربة اكتشفت الوجه الخفي للاتحاد، الذي لا تختلف أعطابه عن أعطاب باقي هيئات المجتمع المدني، التي تميل للأسف إلى شخصنة المؤسسات، وإخضاعها لنفوذ الأشخاص أكثر مما تعبر عن طموحات الكتاب الجماعية. هناك تغييب للديمقراطية الحقة والتخليق ويتسيد بالمقابل منطق الشللية والعلاقات، وبالطبع يتحكم منطق الريع على السير العام للاتحاد. لكن من الناحية الإيجابية اكتسبت من خلال الاتحاد صداقات وعلاقات إنسانية أعتز بها.

2 – يحز في القلب أن الأمور وصلت إلى هذا الحد من الصراع على جثة هامدة، كنت أتمنى أن يبتعد كل من كان له نصيب في هذا الانحدار ويتركوا الأمر لكتاب لم يسبق لهم تحمل المسؤولية من أجل إعادة البناء. إن التطاحن الحالي يعبر عما قلت سابقا، فهناك امتيازات شخصية جدا يتناحر من أجلها البعض، ولا علاقة لذلك بتصور ثقافي، أو مشروع عملي يستطيع السير قدما بالمنظمة..

3 – أظن أن الأسباب العميقة لما وصل له الاتحاد هو ظهور المشاكل التي كانت مختفية إلى السطح. فالشخصنة كانت دائما موجودة، والاستفادة من الريع لازمت الاتحاد منذ زمن بعيد، والتناحر على المكاسب الشخصية من خلال العلاقات والشللية كانت ولا تزال متسيدة. الفرق هو أن بعضا من أعضاء المكتب التنفيذي الحالي كانت لهم الشجاعة لفضح ذلك، مطالبين بتصحيح الأوضاع. وقد حدث بعض من ذلك في بعض المكاتب السابقة، لكنه في المرحلة الحالية أخذ زخما أقوى، وواكبه الإعلام بقوة.

4 – الأزمة متأصلة في الاتحاد وفي عقلية كثير من المثقفين الذي استمرؤوا الاستفادة من الامتيازات بطرق مشبوهة، لذا من الصعب الخروج من الأزمة بسرعة، لأن المكاسب تسيل اللعاب، وقد كنت شاهدا على بعض ذلك. أظن أن بعض الحل يتمثل في ابتعاد كل من تحمل المسؤولية سابقا عن هيئات الاتحاد، وترك الفرصة للجيل الجديد، ربما يحالفه الحظ في إعادة الاعتبار للمنظمة. أظن أنه يتعين إنشاء لجنة محايدة تسهر على تنظيم الانتخابات في أقرب وقت ممكن، حتى وإن كان أعضاؤها من خارج الاتحاد. شخصيات قانونية أو إدارية يمكنها ان تسهر على ذلك.

5 – إذا كان حضوري سيكون نافعا ممكن أن أحضر، لكن دون الترشح لأي مسؤولية، ربما قد تكون الفرصة سانحة لأقدم شهادتي، ولأدفع عن تصوري للاتحاد كما أتمناه أن يكون مستقبلا.

6 – بالقطع أرفض ذلك، لأنهم بصراحة جزء من المشكلة ولا يمكن أن يكونوا جزءا من الحل. فالصراع بين المسؤولين السابقين هو الذي ما زال يؤجج الصراع، وهو الذي يفوت على الاتحاد فرصا لإعادة البناء. ولهذا تفشل كل المحاولات والمساعي لترميم ما تبقى من الاتحاد.

7- أظن أن الرئيس القادم يجب أن يكون امرأة. وفي ذلك قدوة يقدمها اتحاد كتاب المغرب للمجتمع بكونه يثق في عطاء المرأة وقدرتها على تحمل المسؤولية. وبالطبع يتعين ان تكون هذه المرأة ذات حضور ثقافي قوي، وتملك رصيدا إبداعيا محترما، ولها قدرة على الإقناع.

8 – أظن أن القوانين يجب إعادة النظر فيها، كما انه تبين أن انتخاب الرئيس مباشرة من القاعة لم يكن موفقا رغم أننا دافعنا عنه في المؤتمر الاخير لأسباب وظروف معينة. كما أن المشروع الثقافي يجب أن يأخذ الكثير من الجهد من أجل تحيينه ليساير المستجدات الثقافية والاجتماعية والتحولات العميقة التي يعرفها العالم من حولنا. يجب أن يصبح الاتحاد فاعلا مميزا وقوة اقتراحية حقيقية في المجال الثقافي، من خلال المساهمة الفعالة في بلورة المشاريع الثقافية وتنفيذها لتكون منخرطة في تحقيق التنمية وتعميق وعي الإنسان المغربي بذاته وبالعالم من حوله.

 < إعداد: عبد العالي بركات

Related posts

Top