عاد من جديد عبد السلام بلقشور، بصفته رئيسا للعصبة الاحترافية لكرة القدم، ليكشف عن أرقام ومعطيات مالية صادمة، لما تعشيه الأغلبية الساحقة، من الأندية الوطنية التابعة للعصبة…
فخلال إحدى حلقات الأسبوع الماضي من برنامج “المريخ الرياضي” بمحطة (راديو مارس)، أفصح بقشور عن حجم الاختلالات المالية التي تعاني منها المنظومة، والتي يمكن القول إنها وصلت إلى مرحلة الإفلاس الحقيقي…
أكثر من 40 مليار سنتيم هي التقديرات حتى إشعار آخر، حجم الديون المتراكمة على الأندية بالقسمين الأول والثاني، والتي تحولت إلى ملفات نزاعات مطروحة، أمام الأجهزة المختصة وطنيا ودوليا، وجعلها تلج المنطقة الرمادية، بخطوات متسارعة، لكن -للأسف- نحو الوراء…
فكيف وصلت الأمور إلى هذه المرحلة القاتمة؟.
مرحلة دقيقة تتطلب التوقف عن التعامل معها، وكأنها مجرد مرحلة عابرة، تعالج باتخاذ قرارات لحظية أو حتى موسمية…
فكل متتبع يعرف جيدا أن هناك أسبابا مباشرة قادت إلى تأزم الوضعية المالية للأغلبية الساحقة من الأندية الوطنية، وبالمناسبة نعيد التذكير بمجموعة من هذه الأسباب التي قادت نحو الباب المسدود…
أول هذه الأسباب، هناك غياب الحكامة في التدبير والتسيير؛ وافتقاد الوضوح والشفافية، في مسألة التعامل مع الأرقام المعلن عنها، بأغلب التقارير المالية…
ثانيها، ضعف هياكل الأندية وعدم توفرها على القدرة الذاتية، تؤهلها للتحول لمؤسسات قائمة الذات؛ أمام السيطرة المطلقة للرؤساء على كل كبيرة أو صغيرة، سواء كانت مالية أو تقنية أو إدارية…
هناك أيضا، وهذا هو السبب الثالث، غياب موارد مالية قارة، نظرا لغياب البعد الاستثماري، والانغماس الكلي في التسيير اليومي، وطغيان التفكير في تحقيق النتائج الآنية، وتحويل أية نتيجة محققة إلى مكسب شخصي، يستغل للوصول إلى مآرب أخرى…
نصل إلى رابع الأسباب التي ساهمت في الوصول إلى درجة مرحلة الأزمة الخانقة، وتتمثل في تساهل الأجهزة المشرفة عن الشأن الكروي والرياضي بصفة عامة، تساهل مع ممارسات تبدو منذ الوهلة الأولى أنها غير سليمة تماما، ومع ذلك كان الأسلوب السائد هو غض الطرف، “وخلي للماء مين يدوز”، مما شجع على التمادي في الأخطاء، إلى أن وصلت إلى مرحلة الخطورة التي تهدد بالتوقف التام…
هذه الوضعية السوداوية تجعلنا أمام تناقض صارخ في المعادلة الكروية علي الصعيد الوطني، منتخبات وطنية بأغلب الفئات ومن الجنسين، تنافس على أعلى مستوى دوليا، وتجهيزات متطورة، ونجاح في احتضان أكبر التظاهرات الدولية، والاستعداد على أعلى مستوى لاحتضان المونديال، وبالمقابل هناك أندية محلية يضرب لاعبوها عن خوض التداريب، لعدم التوصل بالمستحقات المالية، بل هناك عقود تم فسخها تلقائيا، بسبب عجز الأندية عن الالتزام ببنود التعاقد الموقع من طرفها…
فكيف والحالة هذه، ننتظر انخراط مؤسسات كبرى ومستثمرين مغاربة وأجانب، وقبول إدارات شركات كبرى ربط علامتها بهوية أندية، تعيش تسيبا وإفلاسا وتسييرا هاويا، كما تعاني هشاشة إدارية، تتحكم فيها منظومة متهالكة على جميع المستويات…
للإشارة هناك رؤساء ازدادوا غنى وشهرة ونفوذا، بينما ازدادت أندية تحت إمرتهم فقرا وهوانا وضعفا، وهذه من الدلالات العميقة التي تعكس واقع الحال، وبدون معالجتها لا يمكن انتظار أي تطور أو إصلاح حقيقي…
>محمد الروحلي