تحت عنوان “التنمية المشتركة رؤية ملك.. لنمض قدما من خلال ريادة الأعمال”، شهدت الدار البيضاء، يوم الجمعة الماضي، انعقاد الدورة الثانية لمنتدى “موروكو توداي فوروم” الذي نظمته مجموعة “لوماتان”، وذلك بحضور شخصيات وازنة، من بينها يوسف العمراني المكلف بمهمة بالديوان الملكي، ومريم خمري الوزيرة الفرنسية السابقة في الشغل، ووزير الخارجية الإسباني الأسبق مارسيلونو أوريخ، ومسؤولون وشخصيات من عالم السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني من المغرب والخارج.
واستحضر هذا اللقاء المجهودات الحثيثة لجلالة الملك محمد السادس، من أجل الدفع بمسارات التنمية وطنيا وقاريا، بهدف تعزيز دينامية ريادة الأعمال القارية، والوقوف على أهمية المشاريع، التي رأت النور في هذا الإطار في المغرب وببلدان إفريقية أخرى عديدة.

وقد عرف المنتدى تنظيم ثلاث جلسات عمل تطرقت لمواضيع ذات راهنية كبيرة على مستوى مساهمة المقاولة الاجتماعية في خلق الثروات ومناصب الشغل، حيث تمحورت الجلسة الأولى حول ريادة المقاولة الاجتماعية باعتبارها أداة متميزة وبراغماتية للإدماج الاجتماعي، أما الجلسة الثانية فناقشت موضوع “النساء والشباب: نحو مشاركة اقتصادية ذات جودة”، فيماركزت الجلسة الثالثة على موضوع “الرقمنة: عندما تنسجم ريادة الأعمال مع الابتكار الرقمي”.
وتميز اللقاء بإجماع الشخصيات الدولية الحاضرة للمنتدى على التطور الكبير الذي يشهده المغرب بفضل وضع جلالة الملك أسس اقتصاد اجتماعي وتضامني ناجع وطموح من خلال استراتيجية وطنية “2010 / 2020″، حولت الاقتصاد إلى أولوية في مجال التنمية المشتركة، سواء بالنسبة لمواطناته ومواطنيه، أو بالنسبة لمجموع الأفارقة، خاصة لدى الشباب والنساء.
بهذا الخصوص، أكد  يوسف العمراني مكلف بمهمة في الديوان الملكي أن رؤية جلالة الملك محمد السادس للتنمية  المشتركة، تجسد التزام جلالته القوي ببعث روح جديدة على مستوى القارة الإفريقية.
وأضاف العمراني بأن جلالة الملك دأب على مواكبة التطورات والتحولات التي عرفتها القارة الإفريقية بروح التضامن الفعال، للاستتجابة لانتظارات الساكنة الإفريقية ومواجهة التحديات المستقبلية المطروحة على القارة.
وبفضل الرؤية الملكية، يستطرد العمراني، عاد المغرب إلى قارته الأم، وهو الآن يشاركها بناء المستقبل، بما يخدم شعوب القارة، مشيرا إلى أنه بالنسبة لجلالة الملك، لا يمكن أن تكون إفريقيا قوية وموحدة إلا عبر سياسة إفريقية متحررة من العقد ومركبات النقص، ومستندة إلى تقوية التعاون المشترك. وأوضح العمراني في هذا الصدد بأن إفريقيا ليست بحاجة للاستجداء أو المساعدات المشروطة، ولكن للمشاريع البنيوية ذات القيمة المضافة العالية والأثر الاجتماعي الفعال.
ولفت العمراني إلى أن القارة الإفريقية، تزخر بطاقات شبابية مهمة، فيما يتعين على القارة استكمال دعامات أساسية تحضيرا لمواجهة هذه التحديات وهي الاعتماد على الشباب الإفريقي وإيجاد نماذج جديدة للتنمية والنمو وتثمين الموارد الطبيعية إلى جانب تكريس الحكامة الجيدة.

من جانبه، قال وزير الخارجية الإسباني الأسبق مارسيلونو أوريخا إن المغرب، الذي تطور بشكل كبير تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، له حضور قوي على مستوى القارة الإفريقية، وهو ما يعكسه حجم التعاون بين المغرب ومجموعة كبيرة من البلدان الإفريقية. وذكر في هذا الصدد بالعديد من اتفاقيات التعاون الموقعة بين المملكة وبلدان إفريقية، فضلا عن الشراكات التي تروم تعزيز التنمية المشتركة، خاصة في المجال الاجتماعي.
من جانبها، أكدت جوليا رويغ رئيسة “بارتنيرز غلوبال” بالولايات المتحدة الأمريكية، على الأهمية الكبيرة التي يكتسيها موضوع التنمية المشتركة وريادة الأعمال، في النهوض بالأوضاع المعيشية والحياتية لساكنة القارة الإفريقية.
فبعد أن أشارت إلى أن الهيئة التي تترأسها ملتزمة بالمساهمة في التنمية المشتركة من خلال برامجها وأنشطتها، قالت إن الشباب في المغرب وفي القارة الإفريقية بحاجة إلى مواكبة من المغرب، الذي يمضي قدما في مجال المساعدة على إنشاء مقاولات وعلى التكوين.
وعبرت مريم الخمري، وزيرة الشغل الفرنسية سابقا، أن المغرب أصبح مجالا للابتكار في مجال ريادة الأعمال الخاصة بالمشاريع الاجتماعية، وذلك من خلال تشجيع النساء والشباب على إنشاء التعاونيات والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
وحسب الخمري، فإن ريادة الأعمال الخاصة بالمشاريع الاجتماعية، ليست مجرد مجال لخلق فرص الشغل وتحقيق النمو المستدام، لأنها قبل كل شيء مشروع مجتمعي يدمج قيم إنسانية قوية ذات بعد عالمي.
وتابعت أن مجال ريادة الأعمال الخاصة بالمشاريع الاجتماعية، يقترح طرقا جديدة للتنظيم تساهم في احترام النساء والإنسان، كما يساهم في تثمين الشق المتعلق بالتضامن بين الأجراء، وفي بلورة صيغ جديدة للحكامة.
وبالنظر لأهميته ووزنه، تضيف الخمري، فإن مجال ريادة الأعمال الخاصة بالمشاريع الاجتماعية، يمثل بفرنسا 10 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، كما يشغل 11 بالمائة. وفي المغرب فإنه في ظرف 10 سنوات، تضاعف عدد التعاونيات 10 مرات، والتي يبلغ عدد أعضائها 450 ألف منخرط.
هذا، وقد شمل برنامج هذا المنتدى تنظيم ثلاث جلسات عمل حول مواضيع ذات أهمية راهنية كبيرة على مستوى مساهمة المقاولة الاجتماعية في خلق الثروات ومناصب الشغل، ليختتم أشغاله بتتويج ثلة من الشباب المغربي المبدع في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية.
فقد تم تتويج الشاب عبد العزيز مزيان بالجائزة الأولى لأول “هاكاثون” للنسخة الثانية لمنتدى “موروكو توداي فوروم” المنظم من طرف مجموعة “لوماتان”.
واستحق مزيان الجائزة الأولى البالغ قيمتها 15 ألف درهم عن “كوب 360″، وهو مشروع مبتكر لمنصة يهدف إلى المواكبة التقنية والتجارية للتعاونيات في تسويق منتجاتها عبر الويب.
وفاز بالجائزة الثانية، وقيمتها 15 ألف درهم كذلك، الشاب محمد تويل وفريقه عن مشروع “ريدبيلس” وهو جهاز مبتكر لمساعدة المندوبين الصحيين بالمناطق النائية، حيث يعمل الجهاز على التقاط المعطيات الصحية للمرضى ومن ثم إرسالها للطبيب عبر هاتفه الذكي أو عبر الحاسوب لتشخيص حالة المريض.
أما الجائزة الثالثة فعادت لكل من الشابة أية عراقي عن مشروعها “كويمير” وكل من سكينة الغازي، وصفاء حفيظ عن مشروعهما “دومين”.

 سعيد الحبشي

Related posts

Top