لم تعد الرجاء تتصدر وحدها واجهة الأحداث على الصعيد الوطني، فقد جاءت الماص لتخلق الحدث، ليتقاسما معا هموم وتبعات الصراعات والخلافات الشخصية وتضارب وجهات النظر، وحرب المواقع وتصفية الحسابات.
ففي الوقت الذي كانت الأوساط الرياضية تنتظر من الناديين العريقين تقديم نماذج ناجحة، عن طريق الانفراد بعرض مشاريع مفتوحة على المستقبل، وإدخال تغييرات هيكلية حديثة تقوى المؤسستين من الداخل، وتقديم الدليل على كيفية الانفتاح على المحيط بكل من يعج به من تحديات، ورهانات يحدث للأسف العكس تماما، حيث تتواصل عملية الهدم مع سبق الإصرار والترصد.
ويعد بروز مشاكل داخل العائلة الفاسية مسألة مألوفة، إذ تعود الرأي العام الوطني على أن تعيش العائلة الرياضية الفاسية دائما على إيقاع الانقسامات والتطاحنات، إلى درجة أن أغلب الرؤساء الذين تعاقبوا على تسيير الفريق الأول بالعاصمة العلمية، عجزوا عن معالجة الشرخ العميق بين تكتل فاس وتكتل الدار البيضاء، حيث يبرز بينهما حجم الخلافات، بين من ينتقد أسلوب التسيير عن طريق “الريموت كنترول”، أي التحكم في تسيير النادي عن بعد، وبالضبط من مدينة الدار البيضاء، وبين آخر يقر بأنه صاحب الفضل على الفريق ـ عكس القاعدين بالعاصمة العلمية ـ من خلال ضخ ميزانية سنوية مهمة بخزينة النادي أغلب مواردها تأتي من العاصمة الاقتصادية.
صراع الأجنحة هذا يؤدي باستمرار إلى بروز تكتلات وتيارات داخل العائلة الواحدة، حيث أصبحت التفرقة هي خارطة الطريق سواء بالنسبة للمسيرين أو المنخرطين وحتى الجمهور الذي امتدت له عدوى الانقسام والتفرقة.
وتبين، من خلال المواجهة المباشرة التي جرت على أمواج محطة راديو مارس، خلال برنامج المريخ الرياضي، والتي جمعت الرئيس أحمد المرنيسي ونائبه على القندوسي، حجم الخلاف الذي يعصف بالمكتب المسير للنادي الأصفر، والذي وصلت إلى حد شد الحبل بين الشخصين، والإساءة الشخصية المباشرة، مما ينبئ بالقطيعة التامة بين الأطرف المغذية لحرب الصراعات، خصوصا وأن إمكانية إيجاد حل توافقي، والعمل على تقارب في وجهات النظر، باتت منعدمة بالمرة.
ففريق الماص بمرجعيته التاريخية وبانتمائه لمدينة مصنفة ضمن التراث العالمي، يستحق أن يستمر واحدا من قمم الرياضة، ليس فقط وطنيا، بل عربيا وأفريقيا، ولما لا دوليا، ولكن الوصول إلى هذه القيمة يتطلب توفر الرغبة الحقيقية لدى مختلف الأطراف، والانخراط تلقائيا في استعادة الأمجاد، عوض تشكيل معارضة سلبية برنامجها الهدم، وسلاحها المعاول، وهدفها انتفاعي بالدرجة الأولى.
محمد الروحلي