نظمت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر (HCEFLCD) بشراكة مع وكالة التعاون الألماني (GIZ) ، نهاية الأسبوع الماضي ، في أكادير ورشة عمل جهوية تحت شعار ” محمية المحيط الحيوي للاركان : مرصد للتغيرات المناخية والتنمية المستدامة “
وشكل الملتقى خطوة التشاور النهائية السابقة لمؤتمر الأطراف كوب 22 من أجل التعريف بدور محميات المحيط الحيوي كمرصد للتغيرات المناخية والتنمية المستدامة خلال الحدث الموازي والمنظم من قبل المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر (HCEFLCD) واليونسكو يوم 9 نونبر الجاري في جناح المغرب.
وستكون هذه الورشة أيضا فرصة لتقديم التجربة المغربية في مجال إدارة محميات المحيط الحيوي وتقديم خطة العمل لهيئات الحكامة للحفاظ عليها والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ويؤثر المحيط الحيوي على الغلاف الجوي وظاهرة الاحتباس الحراري والغابات والمحيطات والتربة والمراعي والأراضي الرطبة في قلب دورة الكربون ومصير الغلاف الجوي. كما أن التغيير الذي يطال الغابات والمراعي المغطاة هو السبب الرئيسي عما يقرب من 25 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ويقلل من كمية الكربون المخزنة في النظم الإيكولوجية بشكل دائم.
ويعمل برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (MAB) كمرصد العالمي للحد من التغيرات المناخية، وبفضل الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي، على تعزيز نهج متكامل ومتعدد التخصصات وإجراءات تشاركية لدعم مكافحة تغير المناخ كما يشتغل البرنامج على تطوير مجالات البحث على آثار تغير المناخ ودراسة الحلول الممكنة.
وأفاد حميد بن صويبة المدير الجهوي للمياه والغابات ومحاربة التصحر خلال كلمته الافتتاحية أن هذه الورشة تنطلق وفق التوجهات الاستراتيجية لبرنامج اليونسكو عن الإنسان والمحيط الحيوي (MAB) وكذا برنامج عمل مؤتمر “ليما ” الذي حدد توجهات ادارة محميات المحيط الحيوى خلال العقد القادم.
وأضاف بن صويبة أن محمية المحيط الحيوي لشجر لاركان مثال نموذجي، أمام المناطق المتوسطية الاخرى، تتوفر على إمكانيات قوية من حيث التنوع البيولوجي، لكن تشهد منظومات غابوبة هشة. وتعد أول محمية وطنيا صنفت من قبل منظمة اليونسكو في سنة 1998. وتمتد على مساحة 2,5مليون هكتار. وتأوي أكثر من 2 مليون و376 ألف من الساكنة. كما تغطي مساحة كبيرة تخضع لمختلف العوامل والتأثيرات المتنوعة. فضلا التدخلات المتنوعة للجهات الفاعلة.
وذكر بن صويبة ان محمية المحيط الحيوي للاركان مقسمة الى 18 منطقة مركزية تغطي 16.620 هكتار ذات حماية كاملة و13 منطقة عازلة تمتد على مساحة 582.450 هكتار.
وتعتبر المخاطر والتغيرات المرتبطة بالمناخ، والمشتركة مع نماذج استغلال الموارد، عوامل أثقل على التوازن والاستدامة البيئية، يؤكد بنصويية . مما يستوجب أخد بعين الاعتبار مستوى الحكامة في تدبير محمية المحيط الحيوي.
ومن جهته نوه فريد ودار ممثل وكالة التعاون الألماني (GIZ ) بمجريات اللقاء الذي يأتي إعدادا للندوة التي ستنظم بمؤتمر الأطراف كوب 22 مثمنا العلاقة التي تربط التعاون الألماني والمندوبية الجهوية للمياه والغابات باكادير .وذكر فريد بالدور الذي لعبته هذه الشراكة في المحافظة على محمية المحيط الحيوي لأركان، معربا عن استعداد مؤسسته دعم مختلف المبادرات التي تهدف الى المحافظة على هذه المحمية.
وتناول زهير أمهاوش الطبيعية المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر (HCEFLCD) التجربة المغربية في إدارة المحميات المحيط الحيوي. مستعرضا ثروة التنوع البيولوجي في المغرب، حيث يحتل المغرب المرتبة الثانية بعد تركيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط من حيث التنوع البيولوجي مع نسبة 20 في المائة من معدل التوطين. ذلك أن المحافظة على الطبيعة يقوم على ثلاث دعائم تتجلى في النظام الوطني للمناطق المحمية والأراضي الرطبة ثم إدارة الحياة البرية.
ويتوفر المغرب على 154 منطقة رطبة بالمغرب، تمتد على مساحة 2.5 مليون هكتار. وتمثل 9 في المائة من مساحة النظم الإيكولوجية الطبيعية في أفق بلوغ نسبة 17 في المائة في سنة 2020، وفق سياسة إعادة تشكيل النظم الإيكولوجية وتشجيع البحث والرصد العلمي وتعزيز التراث الثقافي والطبيعي ونهج برنامج التعليم والتوعية البيئية.
ويشير جرد مفتوح للأراضي الرطبة، يضيف أمهاوش، بوجود 300 موقع ضمنهم 24 موقع مصنف وفق اتفاقية رامسار ، إذ أن 84 هي الأراضي الرطبة ذات أولوية أي ما يوازي54 في المائة من المناطق الرطبة .ويشملها تنفيذ خطط لتنمية وإدارة الأراضي الرطبة ذات الأولوية مع تنفيذ عمل متكامل لها .ثم تطوير استراتيجية وخطة عمل وطنية .
واستعرض أمهاوش إدارة الحياة البرية وموائلها حيث يحوي المغرب على أكبر مخزون في العالم من ظباء الساحل والصحراء (غزال داما، غزال دوركاس، المها وأداكس)
فضلا عن إبراز خطط عمل وطنية للحفاظ على الحياة البرية المهددة بالانقراض من قبيل قرد المكاك البربري الذي يعد من الأنواع الرمزية بالغابات المغربية ومختلف الطيور الرائعة.
وتغطي شبكة المحيط الحيوي أربعة مجالات طبيعية مميزة للمغرب من قبيل التنوب (SAPINIERE)والنظم الإيكولوجية المتوسطية والأرز والاركان والواحات .
وحدد أمهاوش سياق ومحاور تدبير المحيط الحيوي بالمغرب حسب برنامج عمل يروم أداء المهام الثلاث للمحيط الحيوي والمتمثلة في الصون والتطوير والدعم اللوجستي من خلال
إنشاء هيئات للحكامة المناسبة مع خطة عمل تنفذ من طرف هيئتين تدبيرية ومشاركة ولجنة علمية.فضلا عن نهج يشمل جميع أصحاب المصلحة، مع التركيز على مشاركة المجتمعات المحلية في التدبير المحيط الحيوي للأركان.
وتحدث عبد الرحمان آيت الحاج ممثل الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات و شجر اﻷركان عن التنمية المندمجة في محمية المحيط الحيوي للاركان . وفضاءات المجال وثراء موارده الطبيعية والحيواني ومخزونه التقافي والتراثي ورأسماله المادي ولامادي مما يستوجب تثمين المجال وفق مقاربة علمية دقيقة. واستثمار المناظر الطبيعية غير العادية وأيضا التراث المعماري الفريد.
وتناول آيت الحاج بالتحليل استراتيجية التنمية المستدامة للمناطق أركان مشيرا إلى المهام المخولة للوكالة في سياق التنمية المستدامة بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والبشرية وفقا للمبادئ التوجيهية والاستراتيجيات المتفق عليها.
وتدارس المشاركون مختلف الرؤى والتصورات موزعين على ورشات موضوعاتية أفرزت عدة أفكار سلطت الضوء على دور محميات المحيط الحيوي في التكيف والتخفيف من تغير المناخ وتطوير حلول مبتكرة للحد والتخفيف من هذه الظاهرة.
يشار أن محمية المحيط الحيوي للاركان هي أول محمية المحيط الحيوي قدمت من قبل المغرب. أعلن عنها من طرف اليونسكو في سنة 1998. وتغطي مساحة 2.5 مليون هكتار من إقليم أكادير وتشمل و إدا وتنان و إنزكان آيت ملول و شتوكة آيت باها و تزنيت وتارودانت والصويرة.
محمد التفراوتي