في لحظة فريدة، شهدت حضور الهيئات الحقوقية بمختلف أطيافها وتوجهاتها، دعا مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، الحكومة المقبلة إلى جعل الدعم المالي الذي يقدم للجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان بيد قطاع وزاري واحد، وألا يبقى كما هو عليه اليوم موزعا بين عدد من القطاعات، على أن تكون المبالغ المقدمة مقبولة وجيدة وليست رمزية.
وفي كلمة بالمناسبة، قال وزير العدل والحريات، إن الاتفاقيات التي جرى توقيعها تندرج في إطار تعزيز علاقة الشراكة والتعاون بين الوزارة والجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان ودعمها ماديا ولوجيستيكيا وتقنيا للاضطلاع بمهامها على أحسن وجه، مضيفا، في هذا الصدد، أنه من أصل 75 جمعية تقدمت بمشاريعها، استفاد 43 مشروعا من الدعم الذي تراوحت قيمته ما بين 100 ألف درهم (استفادت منه 10 جمعيات) و50 ألف درهم (13 جمعية) و20 ألف درهم (20 جمعية).
وأضاف الرميد أن الوزارة، وحرصا منها على تتبع تنفيذ هذه الاتفاقيات، ستسهر في إطار لجان ثنائية مشتركة بينها وبين كل جمعية على حدة، على ضمان مواكبة إنجاز المشاريع وإعداد تقارير عن مراحل التقدم فيها، ومدى الالتزام بمضامين الاتفاقية الموقعة مع كل جمعية.
وشكلت المناسبة فرصة للوزير، خاصة وأنه أعلن أنه لن يبقى على رأس وزارة العدل والحريات، لتجديد التأكيد على عدد من القضايا الحقوقية التي كانت مثار شد وجذب طيلة الولاية الحكومية السابقة، والتفاعل مع ما طرحته الجمعيات مرة أخرى، خاصة في ملف التعذيب.
بهذا الخصوص، قال النقيب محمد أقديم، رئيس جمعية هيئات المحامين بالرباط، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الجمعيات، خلال هذا اللقاء،” لا يمكن القبول بأي حالة من التعذيب، بل ولا يليق أن نهادن مع ممارسات التعذيب”، مقرا بأنه من الصعب ضبط الأمر “لكن لن يكون هناك أي تساهل مع مقترفي هذا الفعل”.
وأبرز فيما يتعلق بمسألة التنظيم، أن هناك حالات قليلة لم يمنح فيها التصريح للجمعيات، مقدما مناشدة للسلطات من أجل التوقف عن أي ممارسة من شأنها منع الحق في التنظيم، وذلك من خلال منح التصريح وترك الأمر للسلطات العمومية في حال كانت هناك تجاوزات.
وأفاد أقديم، فيما يخص حق التجمعات، تسجيل بعض التجاوزات في مواجهتها، مشيرا إلى أن هذه التجاوزات تبقى محدودة.
واقترح أقديم توسيع عدد الجمعيات التي تستفيد مشاريعها من الدعم، وأن يتم الرفع من المبالغ المالية المرصودة، والدعم اللوجستيكي، وذلك حتى تتمكن من القيام بدورها في مجال دعم الحريات والنهوض بحقوق الإنسان.
كما طالبت بإشراكها في ورش مراجعة القوانين التي لم تعد بعض مقتضياتها تتماشى مع الحق والحرية، ولاسيما ملفات الإرهاب ومسألة المدد والإثبات، مشيرة إلى تسجيل ادعاءات بوجود حالات للتعذيب، وأنها كجمعيات حقوقية ترى أنه يجب بمعية الوزارة والفاعلين العمل سويا من أجل التصدي لتلك الحالات والوصول لمعرفة الخلل والقطع مع وجود الحالات التي ما يزال يحصل فيها التجاوز والشطط في استعمال السلطة.
وأكد المتحدث على الدور والمجهود الذي قامت به الوزارة للتغلب على كل المشاكل التي تعترض الحرية وممارسة الحقوق التي تكفلها القوانين، والوصول إلى دولة الحق والقانون، مبرزا أن الجمعيات تشدد على حماية حق التنظيم والتجمعات والتي تشكل أحد أعمدة دولة الحق والقانون.
يشار إلى أن الاتفاقيات التي وقعها وزير العدل والحريات مصطفى الرميد وممثلو الجمعيات الحقوقية، تتوزع على مدن الرباط، والقنيطرة، والدار البيضاء، والجديدة، وفاس، ومكناس، وصفرو والراشيدية، وورزازات، وميدلت، وتارودانت، وتطوان، ووجدة، وكلميم، والعيون.
وتتكون اللجنة التقنية التي اضطلعت بمهمة دراسة الملفات والمشاريع، من ممثلين وزارة العدل والحريات، ووزارة الداخلية، ووزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية، ووزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فضلا عن ممثلين لكل جمعية ترانسبرانسي المغرب، فيما سجل اعتذار لممثل مؤسسة الوسيط.
وتشمل لائحة الجمعيات التي اختيرت مشاريعها كلا المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومرصد السجون، وجمعية عدالة، ومنتدى الكرامة، ومنظمة تجديد الوعي النسائي، وجمعية منتدى الزهراء، والعصبة المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، ومركز الشروق، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، ومركز حقوق الناس، ومركز الدراسات الأسرية، والنسيج الجمعوي بورزازات.
أما المشاريع التي ستستفيد من دعم مالي وتقني ولوجيستيكي، فهي تهم مختلف مجالات حقوق الإنسان بشكل عام، والدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الطفل والشباب، وحقوق السجناء والمهاجرين وذوي الإعاقة، واللغة والثقافة والديمقراطية والإعلام، فضلا عن جمعيات تعمل في مجال العدل وتنزيل مقتضيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة.
فنن العفاني