خرج الشعب المغربي أول أمس الأحد بالرباط في مسيرة شعبية حاشدة تعبيرا عن رفض وإدانة إعلان الرئيس الأمريكي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وتجديدا لتضامنه المبدئي مع النضال الوطني للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني.
إن نزول المغربيات والمغاربة إلى الشارع، وتنقلهم إلى الرباط من مدن ومناطق مختلفة، ثم أيضا تنظيم وقفات واحتجاجات أخرى في عدد من الجهات طيلة أيام الأسبوع الذي أعقب قرار ترامب، واختتام مسيرة الرباط في هدوء وبلا أي توتر، كل هذا يعني أن بلدنا مختلف، وشعبنا مختلف…
هذا لوحده يستحق عليه شعبنا التهنئة، ويجسد لذاته درسا يجب أن يستوعبه الكثيرون.
المغاربة خرجوا إلى الشارع لوجود شعب تحت الاحتلال ويتعرض للمعاناة منذ عقود…
المغاربة خرجوا إلى الشارع لأن القدس تعني لهم أشياء كثيرة في تاريخهم ووجدانهم وفكرهم…
المغاربة خرجوا إلى الشارع لأنهم طيلة كل تاريخهم كانوا يتضامنون مع فلسطين من دون أي مقابل أو ابتزاز أو مساومات، وبلا أي حسابات أو مصالح أو… وصاية…
لهذا خرج المغاربة أول أمس الأحد في الرباط، ولم يأمرهم أحد بذلك، ولم يكونوا ينتظرون مقابلا أو ثمنا أو … شكرا.
في مسيرة الرباط وقف الجميع موحدا حول فلسطين…
لم تظهر بشكل كبير ألوان السياسة أو احتراباتها، عدا بعض المشاهد الشاردة التي لم تؤثر بشكل كبير على السير العام للمسيرة.
في حضرة القدس، لا يكون الكلام مباحا للسياسة السياسوية أو للاعتبارات الطائفية أو الإثنية أو الشوفينية…
هنا بهاء السمو فقط، ولا شيء سواه في القلب والبال والخاطر…
شعبنا رفض رعونة ترامب وجنونه، تماما كما فعل قادة مختلف الدول عبر العالم، وكما صاحت الشعوب في كل الدنيا، ومختلف القوى المحبة للسلام، والمسؤولية اليوم أن يجري تمتين جبهة نضالية عالمية في مواجهة الغطرسة الإمبريالية اليمينية الأمريكية، ومن أجل وقف الحروب ومعاناة الشعوب، وتحقيق السلام والأمن والعدالة والديمقراطية.
ترامب اليوم يقود العالم نحو الجنون، نحو الحروب الحضارية والدينية، نحو تفاقم التطرّف والتطرف المضاد وتهديد استقرار المجتمعات والدول وأمنها ووحدتها…
مسيرة الرباط تؤكد كذلك أن القضايا والشعارات التي تحضى بالمصداقية، يتفاعل معها المغاربة ويخرجون من أجلها إلى الشارع، وهذا كذلك درس مهم لطبقتنا السياسية ونخبنا المجتمعية، ذلك أنه يمكن تعبئة شعبنا وشبابنا حول قضايا أخرى، غير فلسطين، متى حضرت المصداقية والوضوح، ومتى غابت الحسابات الضيقة والأنانية، وتوقف تبخيس العمل السياسي والاهتمام بالشأن العام…
محتات الرقاص