المغرب يستعد لإصلاح اتفاقياته الاستثمارية الدولية

يتدارس المغرب إعادة النظر في الاتفاقيات الاستثمارية المبرمة مع المستثمرين الأجانب قصد تحقيق التوازن بين حقوق هؤلاء وحقوق الدولة ذاتها.
 التفكير في إصلاح اتفاقيات الاستثمار الدولية يتماشى مع مقتضيات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية التي ترى أن ” بناء قدرات المفاوضين بشكل جيد بخصوص اتفاقيات الاستثمار الثنائية والتجارة الحرة، يسمح بتحقيق توازن بين حقوق المستثمر وحق الدولة في تنظيم الاستثمار على أراضيها”.
فأغلب الاتفاقيات الاستثمارية التي أبرمها المغرب تمت في سنوات التسعينيات منحت حقوقا وحماية قصوى للمستثمر الأجنبي على حساب حماية حقوق الدولة.
في هذا الإطار أكد مشاركون في ندوة تدريبية حول موضوع “إصلاح اتفاقيات الاستثمار الدولية”، نظمت بالدار البيضاء، أن تحقيق التوازن بين حقوق المستثمر الأجنبي وحق الدولة، بشأن اتفاقيات الاستثمار الثنائية، على المستويين العربي والإسلامي، يتطلب بالأساس بناء قدرات المفاوضين المساهمين في بلورة هذه الاتفاقيات.
وأبرزوا، خلال هذه الندوة التي نظمت من 23 إلى 26 يناير الجاري، بمبادرة من مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، أن جل الدول الأعضاء بهذه المجموعة تملك قوانين جيدة منظمة للاستثمار الأجنبي، لكن عملية التفاوض بشأن التوصل إلى اتفاقيات ثنائية تضمن هذا التوازن في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص تتطلب خبرات وقدرات جيدة لأن الأمر يتعلق بمفاوضات شاقة.
 وفي هذا الصدد اعتبر حامد القاضي، مسؤول عن سياسات الاستثمار الدولية في الأمانة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، في كلمة بالمناسبة، أن جل الاتفاقيات الخاصة بالاستثمار الأجنبي على المستويين العربي والإسلامي يوجد فيها “نوع من عدم التوازن”، لأن جل بنودها تتجه إلى حماية المستثمر الأجنبي، ولذلك يتعين إصلاح القوانين المنظمة لها بشكل يضمن هذا التوازن.
 وفضلا عن إصلاح القوانين وبناء القدرات على المستويين العربي والإسلامي، يضيف حامد، يتعين أيضا إيجاد حلول لبعض المشاكل المتعلق بالبيروقراطية وعدم الاستقرار السياسي والأمني، مشيرا إلى أن عملية التفاوض مع مستثمرين أجانب تكون أيسر خاصة في ظل وجود استقرار سياسي وأمني وموارد طبيعية مهمة.
 وفي السياق ذاته أكد أبو سيف الزروق، مسؤول عمليات وبرامج البنك الإسلامي للتنمية (المكتب الإقليمي بالرباط)، على أهمية مناقشة المشاكل التي قد تحدث بين المستثمر الداخلي والخارجي، وإيجاد حلول لها في إطار نقاشات بين الخبراء والمسؤولين عن الاستثمار.
 وذكر بأن مجموعة البنك الإسلامي للتنمية عملت في إطار أنشطتها، المنظمة خلال العشر السنوات الأخيرة، على تأطير أكثر من 450 خبيرا ومسؤولا جلهم من المملكة المغربية، وذلك من أجل بناء قدراتهم التفاوضية الخاصة باتفاقيات الاستثمار الثنائية.
 وأشار، في هذا الصدد، إلى أن أكثر من ثلاثين دولة تشارك في هذه الندوة التدريببة من خلال خبراء ومسؤولين كلهم من الإدارات العليا بهذه الدول، منها بلدان قطعت خطوات هامة جدا في مجال استقبال الاستثمارات الأجنبية.
 وركزت باقي التدخلات على الدور الكبير الذي تضطلع به الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الرفع من مؤشرات النمو، وكذا مساهمتها الكبيرة في دعم التنمية.
 وتمت الإشارة أيضا إلى ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول العربية والإسلامية، وذلك من خلال التفعيل الأمثل للاتفاقيات المبرمة بينها، وتوسيع مجال الاستثمارات البينية.
 وتعمل هذه الندوة، التي تنظم بشراكة مع الأمانة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، والمركز الإسلامي لتنمية التجارة، ومركز الأبحاث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية، على تسليط الضوء على السياسات الاستثمارية، ومدى قدرتها على استيعاب وتنزيل أهداف التنمية المستدامة والتنمية المدمجة، وكذا الاتجاهات والرهانات المتصلة بتسوية النزاعات بين المستثمرين الأجانب من جهة، والمستثمرين المحليين من جهة ثانية.
عبد الحق ديلالي

Related posts

Top