يستعد قضاة المغرب للإعلان عن سلسلة من الخطوات الاحتجاجية ضد الحكومة الأسبوع المقبل، ردا منهم على ما أسموه بـ”الاستهتار بمطالب نادي قضاة المغرب، والتسويف وغلق باب الحوار بخصوصها”.
فقد أصدر المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب، وثيقة “المطالبة بالتحصين الاقتصادي والاجتماعي لاستقلالية السلطة القضائية”، كورقة تأطيرية لاجتماع يوم السبت 29 يونيو الجاري، الذي سيناقش أهم المشاكل التي يعاني منها القضاة، أبرزها استقلالية القضاء بالمغرب.
وأوضحت الوثيقة التي حصلت عليها جريدة بيان اليوم، أن القضاء المغربي غيبت قضاياه سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا طيلة العقود الماضية، الأمر الذي أثر سلبا على استقلالية القضاء، مؤكدة بأن “التنزيل الحقيقي والفعلي لهذا المبدأ، لن يتأتى إلا بتقوية السلطة القضائية، وذلك من خلال تحصين الممثلين لها اقتصاديا واجتماعيا”.
ومن المرتقب، أن يشهد المعهد العالي للقضاء بالرباط، الأسبوع القادم، نقاشا حادا، حول الرد الجماعي عن ما أسمته الوثيقة “صمت وتماطل وتجاهل الحكومة إزاء ملف قضاة المغرب”، وذلك من أجل “تحقيق جملة من التدابير الاقتصادية والاجتماعية وتدعيم استقلالية السلطة القضائية وتحصينها”.
وسيشهد اليوم ذاته، عقد دورة للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، لترتيب جميع الأشكال الاحتجاجية وبرمجتها زمنيا وفق أولويات محددة.
ويطالب قضاة المغرب بتوفير مجموعة من الشروط المهنية، من بينها، الرفع من الأجور، باعتبارها إحدى الوسائل المباشرة ضد إغراءات الارتشاء، داعين الحكومة إلى الوفاء بالتزامها الدولي بخصوص تفعيل المبدأ القاضي بالمراجعة الدورية لأجور القضاة.
واستنادا إلى مجموعة من التجارب التي أتت على ذكرها الوثيقة، وبناء على التجارب المقارنة، يقترح نادي قضاة المغرب، إحداث لجنة مشتركة بين ممثلين عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل ووزارة المالية، يرأسها قاض من أكبر وأقدم القضاة، تعقد دوراتها دوريا، وتستمع إلى مرافعات الجمعيات المهنية القضائية في الموضوع، وذلك لدراسة مدى ملاءمة أجور القضاة لمستوى المعيشة ومعدل الأسعار، ثم تصدر توصياتها إما بزيادة تلك الأجور، في حال عدم ملاءمتها لهذه الأخيرة، أو الإبقاء عليها كما هي في حال كانت ملائمة لذلك.
إلى جانب ذلك، يطالب نادي قضاة المغرب الحكومة بالإسراع في إصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بالتعويضات عن؛ الديمومة، والتنقل، والإقامة، والإشراف على التسيير الإداري، ومهام المسؤولية “رؤساء المحاكم بمختلف درجاتها”، والانتداب، مع إقرار تعويضات أخرى عن الساعات الإضافية بالنسبة لمن تمتد جلساته إلى أوقات متأخرة من الليل.
ويدعو النادي الحكومة في الصدد ذاته، إلى إقرار تعويض القضاة عن عملية التنفيذ الزجري، وكذا أجرة الشهرين الثالث عشر والرابع عشر، وبعض العلاوات الأخرى les primes، لتجاوز العديد من الإكراهات والضغوط الاقتصادية التي قد تؤثر على جودة عملهم، واستقلالية قراراتهم.
وبخصوص نقطة السكن المخصص للقضاة والمسؤوين القضائيين، يطالب نادي القضاة الحكومة بالرفع من التعويض عنه، مشيرا إلى أن التعويض عن السكن لا يتعدى 250 درهم، بالنسبة لقضاة الدرجة الثالثة، مشددا على الرفع منه على غرار ما يتم تخصيصه لأعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ويدعو النادي كذلك إلى إقرار تعويضات ومكافآت عن رقن الأحكام القضائية، “نظرا للأعباء الإضافية لهذه العملية، باعتباره عملا إداريا محضا”، ويقترح في هذا الإطار، سن وإحداث رسم قضائي جديد يطلق عليه اسم “رسم استقلالية السلطة القضائية”، يخصص لأداء هذا النوع من التعويضات، على أن يتم فرض هذا الرسم على بعض القضايا النوعية غير البسيطة، والتي تتجاوز قيمتها مبلغا ماليا معينا.
ويطالب الحكومة أيضا في الأخير، بتعديل نظامي التغطية والتأمين الصحيين، وذلك بالنظر إلى المخاطر الاجتماعية المرتبطة بالمرض عموما، والأمراض المزمنة على وجه الخصوص، والتي ثبتت علاقتها المباشرة بطبيعة العمل القضائي المطبوع بالتعب والإرهاق، نفسيا وفكريا وبدنيا، وفق ما خلصت إليه الدراسة التي أنجزتها حديثا نقابة القضاة الفرنسي، وأكدته التجربة المغربية في كثير من المناسبات.
< يوسف الخيدر