كان طبيعيا أن يخلف تعادل الفريق الوطني المغربي لكرة القدم السلبي بالرباط أمام المنتخب الموريتاني، موجة غضب عارم، أجمعت على انتقاد العجز الواضح الذي ظهرت به كتيبة “أسود الأطلس” في أول مباراة رسمية تحت قيادة المدرب البوسني وحيد خاليلوزيتش.
تعادل بطعم الهزيمة، نتيجة رفضها الجمهور الرياضي جملة وتفصيلا، إذ لم يستسغ العجز الواضح خاصة على مستوى الخط الأمامي، وعدم ترجمة العمليات الهجومية الكثيرة والضغط المستمر إلى أهداف ترجح الكفة أمام فريق موريتاني خاض المقابلة، وهاجسه الأول والأخير تحقيق نتيجة غير مسبوقة في تاريخ المباريات التي جمعت المنتخبين.
بالفعل كانت هناك سيطرة مطلقة العناصر الوطنية، إلا أنها سيطرة عقيمة وسلبية على جميع المستويات، حيث ضاعت فرص سانحة للتسجيل، بسبب الرعونة التي أظهرها يوسف النصيري وبعده رشيد عليوي، لينضاف إليهما العائد يوسف العربي، كما أن جل تسديدات وتمريرات حكيم زياش، جانبت الصواب طيلة التسعين الدقيقة.
أمام هذا السيناريو العقيم، ظل وحيد يتفرج على ما يحدث أمامه، دون أن يمتلك القدرة على تغيير النهج أو النسق الذي صارت عليه المباراة، في وقت استأسد فيه الحارس الموريتاني في الدفاع عن مرماه، كما استأنس خط دفاعه بمحاصرة المهاجمين المغاربة الذين عجزوا عن ربح كل الكرات العالية التي وجهت نحو مرمى الخصم.
كرة القدم الموريتانية التي ارتبطت في ذهنية الجميع بأنها كرة ضعيفة، أكدت خلال السنوات الأخيرة أنها لم تعد كذلك، بل استفادت من برامج هيكلية، بدأت معها تلامس نوعا من التطور، والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) اعترف به، حين أقدم على تكريم بعض الأطر المشرفة على تسيير اللعبة بهذا البلد الجار.
بالفعل الكرة الموريتانية لم تعد ضعيفة خاصة على مستوى المنتخبات، والدليل على ذلك الهزائم التي حصدتها بعض المنتخبات المغربية في الفئات الصغرى، أمام نظيرتها الموريتانية، وهذا الناقوس لم ينتبه له أحد.
صحيح أن حكم المباراة حرم المنتخب المغربي من ضربة جزاء واضحة خلال الجولة الأولى، كان من الممكن أن تغير كليا من مجريات اللقاء، كما تمنح الثقة أكثر لأصدقاء العميد زياش، إلا أن هذا ليس مبررا، ولا شماعة يمكن أن يعلق عليها تواضع “أسود الأطلس”، فالعجز غير مبرر رغم السيطرة الميدانية المطلقة أو الفرص العديدة، مادامت مباريات كرة القدم تحسم بالأهداف وليس بالمعطيات الرقمية أو الاستحواذ أو حتى احتكار الكرة وسط رقعة الملعب.
كل هذا يؤكد أن عملا كبيرا ما يزال ينتظر صاحبنا وحيد، عمل يرتكز على توظيف جيد، وقراءة موفقة للخصوم، واختيار دقيق لمنهجية الأداء، وانتقاء العناصر القادرة على ترجمة هذا التصور المفروض أن تتوفر فيه شروط النجاعة والفعالية.
الوجهة القادمة بوروندي، وما علينا إلا أن ننتظر القادم الذي ننتظر أن يكون أفضل بكثير من المهزلة التي شاهدناها مساء الجمعة الماضي بملعب الرباط.
محمد الروحلي