وكالة بيت مال القدس الشريف تحقق مشاريع بقيمة 60 مليون دولار

قال المدير المكلف بتسيير الأمور الجارية بوكالة بيت مال القدس الشريف محمد سالم الشرقاوي، أول أمس الخميس بالرباط، إن الوكالة تمكنت على امتداد 20 سنة الماضية من تحقيق مشاريع مؤسسة ومهمة بلغت قيمتها 60 مليون دولار.
وأبرز الشرقاوي، خلال ندوة نظمتها الوكالة بمناسبة تخليد الذكرى الخمسين لإنشاء منظمة التعاون الإسلامي حول موضوع « أوجه العمل الاجتماعي في القدس من خلال تجربة وكالة بيت مال القدس الشريف»، أن هذه المشاريع توزعت على مجالات الصحة والتعليم والإسكان، فضلا عن مشاريع استهدفت المرأة والشباب والطفولة، وبرامج المساعدة الاجتماعية التي شملت كل أنحاء القدس وهمت جميع كل الفئات الاجتماعية بها مسيحية ومسلمة.
وأضاف أن المملكة تساهم بما يفوق 85 في المائة من ميزانية الوكالة، مسجلا أن هذه المؤسسة يمكن أن تشكل «الأداة المثلى» لتنسيق العمل الإسلامي العربي المشترك في نصرة القضية الفلسطينية ودعم سكان القدس الشريف.
وأكد من جهة أخرى، أن عمل الوكالة يجسد إمكانية حضور الجسم العربي الإسلامي في القدس، وآفاق احتواء التحديات التي يعيشها المقدسيون بشكل يومي، مشيرا إلى أن هذه التحديات تمس الهوية والحضور ساكنة المدينة والعنصر العربي بدياناته الإسلامية والمسحية.
وتابع أن هذه التحديات تفرض، أيضا، عملا جادا وميدانيا، كما يؤكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس، الذي وجه عمل الوكالة للاهتمام بالعمل الاجتماعي الميداني الملموس الذي يعود أثره المباشر على حياة السكان بالقدس الشريف.
وأضاف الشرقاوي أن أولويات الوكالة ضمن المرحلة الأخيرة من خطتها 2014-2019، ستتغير بتغير التحديات المطروحة وبمواكبة التحولات التي تعيشها المدينة، موضحا أن هذه الأولويات أصبحت تهم، بالأساس، تكوين الشباب وتمكينهم من الاستفادة من تمويلات لمشاريع مدرة للدخل، وتمكين المرأة على جميع الأصعدة، ومشاريع المساعدة الاجتماعية ومشاريع مؤسسة أخرى تهم الحفاظ على التراث والهوية والذاكرة الاجتماعية الفلسطينية من خلال الأرشيف والتوثيق والإصدارات.
من جانبه، تناول رئيس المجلس المغربي للشؤون الخارجية محمد السنوسي في مداخلة بعنوان «أي مقاربة لاحتواء استراتيجيات الهيمنة في القدس»، منظومة التخطيط الإسرائيلي في القدس التي تؤسس لإستراتيجية الهيمنة والتهويد، معتبرا أن هذا النظام التخطيطي يعد آلة «جهنمية مهمتها تثبيت انتصار 1967، بهدف تهويد القدس عبر تغيير جغرافية المدينة ومناطقها».
وأضاف السنوسي، وهو أيضا أستاذ للتعليم العالي، أن هذا النظام يتأثر بجملة مؤثرات تنظيمية وقانونية وسياسية وإيديولوجية، لافتا إلى أن هذه المؤثرات قلصت من الأعمال الخاصة بالتنمية السكنية، والفضاءات العامة والمناطق الصناعية والبنى التحتية بالقدس، حيث تم توجيه جهود وموارد هائلة نحو تنمية المدينة في جانبها الغربي والشرقي لكي تكون عاصمة إسرائيل.
واستعملت إسرائيل، وفق المتحدث، سياسات الأرض والتخطيط المدني والعمراني والاجتماعي والديمغرافي من أجل تحقيق أهداف جيو-سياسية في القدس والسيطرة المطلقة على أراضي المدينة، وإعادة صياغة تاريخها من جديد عبر إنتاج أسطورة» أورشليم» القديمة واستحضارها بهدف ترسيخ تحويلها إلى عاصمة إسرائيل الأبدية.
بدوره، تطرق الباحث والإعلامي محمد رضوان إلى المخططات الإسرائيلية الرامية إلى السيطرة على مدينة القدس بالكامل وتهويد معالمها العربية الإسلامية، وخاصة المسجد الأقصى.
وسجل أن سياسات السيطرة الكاملة على القدس و محيطها تتكامل مع مخططات تهويد المسجد الأقصى، وذلك في اتجاه هدف رئيسي يتمثل في نزع الطابع العربي الإسلامي والمسيحي والسمات التاريخية الثابتة الدالة على الهوية الحقيقية للمدينة، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف، بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، إلا عبر مخططين أساسيين يتمثلان في الاستطيان والتهويد.
وأضاف المتحدث، من جهة أخرى، أنه برغم ما يحصل في العالمين العربي والإسلامي من تحولات عميقة، ولاسيما في البنى السياسية والاجتماعية والمدنية وتأثيراتها الملموسة على عدد من أنظمة الحكم، وطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية والمواقف والتحركات الدبلوماسية، ظلت قضية القدس، ومعها المسجد الأقصى، تحتفظ على زخمها ومكانتها في صميم انشغالات الأمة ومؤسساتها الرسمية والشعبية.
وناقشت الندوة محاور همت «الوضع الاجتماعي في القدس في ظل التحولات الراهنة: دور مؤسسات الدعم الاجتماعي في دعم صمود سكان المدينة- نموذج وكالة بيت مال القدس، و»واقع القدس ضمن الوضع السياسي والقانوني الجديد: أية إمكانية متاحة لحماية الحق العربي والإسلامي في المدينة المقدسة؟».
ويشكل تخليد المملكة المغربية للذكرى الخمسين لإنشاء منظمة التعاون الإسلامي تحت شعار «المغرب.. تجديد وعمل»، مناسبة لإبراز مكانتها المحورية في تعزيز العمل الإسلامي المشترك، وذلك من خلال مساهماتها المتنوعة ومشاركتها الفاعلة في أنشطة المنظمة.
كما يعد هذا الحدث مناسبة للتعريف بالدور الطلائعي الذي يقوم به جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، وبقيادة جلالته للعمل الدبلوماسي لدى الدول الفاعلة والمنظمات الدولية، للدفاع عن القضايا العادلة للشعب الفلسطيني، فضلا عن قيادة جلالة الملك للعمل الميداني في مدينة القدس الشريف، من خلال المشاريع التي تنفذها وترعاها وكالة بيت مال القدس الشريف في مجالات الإسكان والتعليم والصحة والشغل والحفاظ على التراث الحضاري والتاريخي للمدينة المقدسة.

Related posts

Top