تعيش الصحافة الرياضية المغربية، وعلى غرار مختلف الأجناس الصحفية، وضعية استثنائية غير مسبوقة في التاريخ الحديث، بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، والذي فرض توقف كل الأنشطة سواء كانت رياضية أو غيرها.
وطبيعي أن التوقف الكلي للأنشطة غير مقتصر فقط على المغرب، فهذا الوباء العابر للقارات، حتم على كل الدول، غنية كانت أم فقيرة، تجميد جميع الأنشطة خصوصا المرتبطة بالتجمعات وتعدد الملتقيات، والرياضة من أبرز القطاعات التي تجمع أكبر عدد من الناس، سواء بالملاعب أو القاعات أو الاجتماعات والندوات.
والصحافة الرياضية كانت أكبر المتضررين، بحكم أنها مرتبطة جدليا بالمنافسات الرياضية ومستجداتها، مما فرض البحث عن صيغ وأساليب جديدة للاشتغال، والاستغناء عن التنقل إلى العمل الميداني، وحضور المواعيد الرياضية، وأماكن العمل وقاعات التحرير، والاكتفاء بالتواصل عن بعد، وهذا لا يعوض الطرق التي تعود عليها الصحفي الرياضي، لأن الأصل في الأشياء أن العمل الصحفي، يقتضي حرية التنقل، وحرية الوصول إلى المعلومة، وهذا ما نفتقده اليوم.
فالصحافة الرياضية هى مجال تكمن جماليته في كسر الرتابة والروتين، كما هو واقع الحال ببعض الأجناس، وهذه مسألة طبيعية لكون الصحافة الرياضية مرتبطة أشد ارتباط بمسألة الحالية، وتعدد النشاطات والأنواع التي تحيط بأكثر من 36 نوعا رياضيا، مع طغيان أخبار كرة القدم التي تستحوذ على اهتمام فئات واسعة من المتابعين، ففي كل يوم، وفي كل لحظة هناك جديد ومستجد، يفرض المتابعة والتغطية والتعليق والتحليل.
فكيف والحالة هذه، وجد الصحفي الرياضي نفسه فجأة، محاصرا غير قادر على الحركة والتحرك، و غير مسموح له بالتنقل بحرية، كما ألف ذلك، حيث فرضت عليه حالة الطوارئ البقاء بالمنازل والاشتغال عن بعد، والبحث بشتى الطرق على استمرار التواصل مع جل المتدخلين، رغم الصعوبة التي تشكلها هذه العملية، ناهيك عن الصعوبة أيضا في البحث عن الأخبار، على قلتها/ بحكم التوقف النهائي لكل الأنشطة داخل المغرب وخارجه.
وأولى الأجهزة الدولية التي شعرت بصعوبة ما يعيشه الصحفي الرياضي في ظل هذه الوضعية الاستثنائية، كان هو الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي بعثت مديرية الإعلام التابعة له رسائل نصية لكل الصحفيين الرياضيين عبر العالم، تثني على المجهودات التي يبذلونها من اجل إيصال المعلومات حول اللعبة الأكثر شعبية، رغم الصعوبات التي يواجهونها بسبب توقف تام للنشاط الرياضي بسبب أزمة كورونا.
كما أن مديرية الإعلام بالفيفا، أبرزت تفهمها للطلب المتزايد لأصحاب المهنة، والرغبة في الحصول على المعلومات في ظل الحجر الصحي الذي يعيشه الصحفيون عبر بقاع العالم، وبالتالي لا يمكنها الاستجابة لكل الطلبات في الوقت اللازم.
والأكيد أن الثناء الذي جاء من طرف الفيفا وتضمين اعتذار عن صعوبة تلبية كل الطلبات بالسرعة المطلوبة، كما كان عليه الأمر من قبل، تتقاسمه الكثير من أجهزة الرياضية داخليا وخارجيا، خاصة وان توقف الأنشطة يفرض على الصحفي الرياضي تكثيف الاتصالات والإلحاح في ذلك، مما يشكل في بعض الأحيان إحراجا للبعض، وهذا ما على المسؤولين الرياضيين والمدربين والتقنيين، وحتى اللاعبين، تفهمه في هذا الظرف الاستثنائي، و ذلك بتسهيل مهمة التواصل مع رجال الإعلام الرياضي، في هذا الظرف الدقيق والصعب، حتى لا يشعر الصحفي الرياضي أن دوره أصبح فجأة هامشيا داخل المؤسسة التي يشتغل بها، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة.
وفي انتظار عودة الأنشطة الرياضية التي نتمناها رؤيتها قريبا، والالتحاق مرة أخرى بقاعات التحرير وكل المواقع التي يفترض أن نتواجد بها، نتمنى أن تنجح بلادنا في محاربة هذا الوباء، وربح معركة القضاء عليه في اقرب وقت ممكن…
محمد الروحلي