لاحظ المواطنون بعدد من المدن في اليومين الأخيرين، تحركًا قويًا للسلطات وقوات الأمن لفرض تطبيق أحكام حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي في مواجهة تفشي فيروس “كوفيد – 19″، وذلك فيما يمكن اعتباره تفاعلًا إيجابيًا مع الحديث الذي تنامى وسط الناس حول بعض التراخي المسجل في المدة الأخيرة.
أول أمس الثلاثاء مثلا شهدت الرباط وسلا عمليات تطويق لبعض الأحياء، ومراقبة صارمة لتنقل السيارات في عدوتي أبي رقراق وبينهما، كما جرى منع الدخول والخروج من ولبعض الأحياء بغاية حصر المخالطين للمصابين.
كما شهدت مدن أخرى، وخصوصا تلك التي سجلت عددا أكبر من الإصابات في الأيام الأخيرة، إقامة سدود أمنية بداخلها للتحكم في حركة تنقل المواطنين بين الأحياء…
وبهذه الإجراءات يبدو أن التعاطي الأمني والإداري مع مستوى الالتزام بمقتضيات الحجر الصحي دخل مرحلة جديدة تقوم على صرامة أكبر، وعلى العمل من أجل تفادي إقحام بلادنا في مآلات وبائية غير متحكم فيها، لا قدر الله.
الرباط وسلا مثلا سجلتا في الأيام الأخيرة تنامي أعداد المصابين، وخصوصا من وسط المخالطين، وذلك برغم أن الوضعية الوبائية بهما كانت قد تحسنت بشكل ملحوظ من قبل.
وهناك الدار البيضاء التي تسجل أرقاما جد مقلقة.
ويلاحظ بالمدن الثلاث صعودا كبيرا لمؤشر خرق حالة الطوارئ، وتكاثر أعداد الناس الخارجين للشارع والمزدحمين في الأسواق والمتاجر، ووسط الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان، وهذا ما يزيد في تعقيد الحالة الوبائية.
ويكاد هذا الوضع يكون هو ذاته بمدن مراكش وفاس وطنجة ومدن أخرى، ما يجعل عددًا من جهات المملكة مستمرا في تسجيل عدد أكبر من حالات الإصابة، وعدم انخفاض مؤشر انتقال العدوى إلى أقل من واحد، كما يوصي المختصون.
هذه المعطيات السلبية والمقلقة لا تتيح أي مغامرة بالخروج من وضعية الحجر الصحي، على الأقل بالنسبة للجهات التي لا زالت معطياتها الرقمية كبيرة، وهذا ما حذرنا منه أكثر من مرة، ونبه إليه كثيرون، وتفسره على مدار الساعة مصالح وزارة الصحة، ذلك أن سلوك المواطن يعتبر محوريا في مواجهة تفشي الفيروس، وأن الحجر الصحي هو الخيار الوحيد المتاح لحد الساعة.
وحيث إنه لم تعد تفصلنا عن 20 ماي سوى بضعة أيام، فإن انتقال السلطات الإدارية وقوات الأمن إلى مرحلة إجرائية جديدة بصرامة أكبر، يبقى مطلوبًا لفرض التقيد الكامل بإجراءات الحجر الصحي، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى وبموجب الرخصة الاستثنائية.
لا بد أن نلفت هنا إلى أن الصرامة التدبيرية في هذه المرحلة الدقيقة تتطلب أيضًا عدم إغفال الالتزام بالقانون من طرف القوات العمومية، وفي نفس الوقت ضرورة تعاون المواطنات والمواطنين مع السلطات لإنجاح هذه المرحلة، لأن في ذلك حماية لصحتنا كلنا ولاستقرار بلادنا.
يجب أيضًا على السلطات المركزية تسريع إيجاد الحلول المناسبة لبعض مشاكل التطبيق بشأن إجراءات صرف الدعم المادي للأسر الفقيرة والمتوقفين عن العمل، والاجتهاد لبلورة حلول عملية ملائمة لبعض المشاكل التي برزت وبعض الحالات الخاصة، وتبسيط الإجراءات والمساطر لبعض الفئات الاجتماعية المعوزة وسكان البوادي، وكل هذا من أجل توفير المزيد من شروط إنجاح هذه المرحلة.
وأهم مما سلف، يبقى السلوك المواطن الواعي والانخراط التلقائي في احترام أحكام الحجر الصحي هو أحسن مساهمة يمكن أن يقوم بها المغاربة اليوم لحماية صحتهم وصحة ذويهم، ومن أجل أن يخرج المغرب منتصرا من هذه المحنة، وفِي أقرب وقت.
محتات الرقاص