المباراة اللغز أو كرة الثلج

من المعروف أن كرة الثلج تبدأ صغيرة، ثم تكبر وتكبر بالتدحرج، وحين تصل لحجم معين، تصعب محاصرتها، وغالبا ما تكون تداعياتها أو خسائرها كبيرة.
هذا الوصف ينطبق تماما على المباراة المعلقة بين فريقي الدفاع الحسني الجديدي والرجاء البيضاوي، والتي مر عليها حتى الآن ستة أشهر، دون أن تتمكن الأجهزة المشرفة على الشأن الكروي من الحسم في نتيجتها.
مباراة كان من الممكن أن تكون عادية جدا في التعامل معها، لو تحملت الأطراف المسؤولة مباشرة عن الملف، وحرصت بدون أي تردد على تطبيق القانون، والأمر يهم هنا العصبة الاحترافية لكرة القدم، سواء من حيث البرمجة، أو إصدار قرار خلال الأسبوع الذي أعقب غياب الرجاء عن الحضور لملعب العبدي بالجديدة.
في هذه الحالة، كان من الممكن أن يعرف الملف مسلكا آخر، غير الذي نعيش تفاصيله المثيرة الآن، والأكيد أن الموضوع كان سيطوى في شهره على أبعد تقدير، لو تم اعتماد القانون المحدد في حينه، إلا أن التردد أدخله متاهات ومسالك وعرة ومتشعبة، خاصة مع قرب انتهاء الموسم الرياضي، حيث أصبحت النتيجة ذات أهمية استثنائية.
مدة طويلة جدا من التلكؤ والانتظار، حتى أصبحت هذه المباراة بمثابة لغز وإشكال حقيقي، يخيم بظلاله على موسم رياضي بكامله، هذا الموسم الذي تراهن الجامعة على نجاحه ووصوله إلى بر الأمان، بعد ضمان صدور قرار الاستئناف.
كان من الممكن أن تنطلق المنافسات المتوقفة منذ ثلاثة أشهر ونصف، بعيدا عن أي لغط أو إشكال، لو تم في الوقت المناسب الحسم في النتيجة، وفق ما يقتضيه القانون، إلا أن هذا التأخر غير المبرر، حول النازلة إلى قنبلة الموسم.
والملاحظ أنه كلما تم التطرق لهذا الموضوع، ولو حتى بالإشارة، تقوم القيامة، وتعم ردود الفعل المنتقدة، مع ما يرافق ذلك من صراعات واتهامات مضادة إلى درجة تشكل حول هذا الملف بالذات، ثلاثة أقطاب، قطب رجاوي يضغط بقوة مطالبا بإعادة برمجة المباراة، وقطب ثاني مكون من الجديديين مدعم بصفة مطلقة من طرف الوداديين، قطب رافض نهائيا لأي قرار آخر، غير الإعلان عن منح نقط المباراة للفريق الدكالي، مع ضرورة إنزال عقوبات تأديبية في حق الفريق المتخلف عن الحضور يوم المباراة.
أما الطرف الثالث، فهو ما يمكن أن نسميه بـ”المحايد”، وهو الأغلبية الساحقة، ينظر بكثير من الاستغراب والذهول، لكل ما يحدث من عبث وغياب الوضوح، بخصوص هذا الموضوع بالذات، بعد أن زيغ به عن الطريق الصحيح، ولم يسلك به الطرق المعروفة المعمول بها في مثل هذه الحالات، وبالتالي فإن الملف لم يعد عاديا، بعد أن أخلفت العصبة الاحترافية الموعد، ولم تمارس صلاحياتها كاملة، ولم تتجرأ على إصدار قرار يرجع لها بالدرجة الأولى.
مع بداية هذا الأسبوع، اضطرت الجامعة مرة أخرى إلى نفي ما تردد من أخبار راجت بقوة، وتتحدث عن إصدار اللجنة التأديبية قرارا يقضي بإعادة برمجة مباراة الدفاع الجديدي والرجاء البيضاوي، هذا النفي لم يأت بطريقة رسمية، إلا أن مسؤولا داخل الجهاز الجامعي، هو الذي نفى ذلك بصفة قطعية.
أكد هذا المسؤول أن تاريخ صدور القرار في الموضوع، حدده رئيس الجامعة بصفة رسمية خلال الكلمة التقديمية التي افتتح بها الاجتماع الافتراضي المنعقد، بحضور ممثلي أندية وفرق البطولة الوطنية بكل الأقسام، والموعد المحدد هو، قبل إجراء المباريات المؤجلة والمقرر انطلاقتها يوم 25 يوليوز الجاري.
المؤكد أنه كيفما جاء قرار اللجنة التأديبية، فإن المتوقع أن تكون هناك ردود فعل قوية، لأن هناك مجموعة من الأطراف تراهن على هذه المقابلة بالذات، إذ أن نتيجتها تحدد بنسبة كبيرة مكانها بسلم الترتيب، وهناك من يعتبر هذا الملف بالذات مسألة كرامة، كما هو الحال بالنسبة لإدارة الفريق الجديدي، والتي ترفض أن يكون فريقها مطية، أو كيان من السهل التضحية به، من أجل إرضاء جهة من الجهات.
حسب المسؤولين الدكاليين، فناديهم احترم جميع المساطر القانونية والترتيبات التنظيمية، فيما يخص المباراة المذكورة، كما قدم كل دفوعاته التي تضمن له حقه، ولا زال ينتظر الإنصاف، من موقع حق، وليس افتراء أو هروب للإمام.
ألم نقل لكم أن كرة الثلج كبرت، وصار من الصعب تفادي الخسائر التي قد تحدث لحظة سقوطها المدوي…

محمد الروحلي

Related posts

Top