أكد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن معركة إقرار المناصفة هي جزء من معركة الديمقراطية، معتبرا أن الأمر يتطلب انخراط جميع القوى الحية في البلاد من أحزاب سياسية ومكونات حركة نسائية ومدنية لتجاوز حالة التأخر الذي يطبع هذا الحقل.
وقال الأمين العام في ندوة تفاعلية نظمها ائتلاف المناصفة دبا بمقر حزب الكتاب، والتي أدار أشغالها الصحفي عبد الغني جبار، وشهدت مشاركة عضوة الائتلاف أمينة ماء العينين عن “حزب العدالة والتنمية”، وخديجة الكور عضوة الائتلاف “عن حزب الأصالة والمعاصرة”، والنقابي محمد النيحيلي،”إن تحقيق أي تقدم في مسألة المناصفة أو المسألة النسائية مرهون بوضعها في صلب معركة بناء الديمقراطية الشاملة.
ودعا نبيل بنعبد الله إلى تحمل الأحزاب السياسية لمسؤوليتها لتدارك التأخير الذي يشهده تنزيل المناصفة المنصوص عليها في دستور 2011 الذي مر عقد على إقراره، مبرزا على أن ” الدستور يشكل مثنا متقدما من خلال تنصيصه على مبدأ المناصفة والمساواة.
وجدد بنعبد الله دعم حزبه لمبادرة ائتلاف المناصفة دبا، وانخراطه بشكل عملي وحثيث في الترافع من أجل المطلب الذي تقدمه عبر التعبئة في صفوف مناضليه وعبر مختلف فروعه وهيئاته لتوقيع عريضة المطالبة بتحقيق المناصفة، مثمنا الائتلاف لكون شكل مناسبة لامتلاك واتخاذ المبادرات الضرورية في اتجاه الدفع بإقرار المناصفة كإحدى القضايا الأساسية.
واعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن مسألة المناصفة ليست قضية حصرا على النساء ،بل هي قضية مختلف الأحزاب و الفضاءات، النسائية الجمعوية، ومسألة ترتبط بنوع المجتمع الذي نسعى إلى إقامته بناء على مقتضيات الدستو، “المجتمع المتشبث بالأصول والهوية المغربية، المنفتح على القيم الكونية و على كل ما هو إيجابي عبر العالم من تلاقحات وإسهامات مختلفة سواء ذاتية لبلادنا أو مرتبطة بأصولنا الأمازيغية العربية الإسلامية واليهودية الأندلسية كما هو منصوص على ذلك في الدستور”.
واعتبر الأمين العام في خضم إثارة موضوع إشكالية التشويه الذي يطال النساء اللواتي يمارسن السياسة، “أن عمليات التشويه لا تطال النساء اللواتي يمارسن السياسة بل تطال العمل السياسي والمؤسساتي بمختلف فضاءاته، حيث يتعرض العمل السياسي لحملات تبخيس على مدى عشر سنوات، فالأمر يتصل بممارسات وسياسة معينة كانت محصلتها إسكات أصوات في مختلف الفضاءات ، بما فيها نخبة المثقفين التي أصبحت لا تتحدث عن القضايا الأساسية من مثل قضايا توزيع الثروة والسلطة وبلورة الدستور. وحتى إن قامت بذلك فهي تتناول الموضوع بشكل نظري جدا أو بنوع من الخطاب المنمق الذي لا علاقة له بالواقع.
من جانبها، اعتبرت أمينة ماء العينين، عضوة ائتلاف المناصفة دبا، أن مسألة إقرار المناصفة ترتبط بمعركة تحرير الوعي الجمعي وأن القانون غير كاف لإقرارها، وأن النقاش حول الموضوع لا ينبغي أن يبقى حبيس الفضاءات النخبوية.
واقترحت أمينة ماء العينين أن يتم ربط الموضوع بأوراش إصلاح قانونية كبيرة من مثل قانون الأسرة، وقانون الجنسية، وقوانين أخرى والتي غذت في مرحلة معينة نقاشا مجتمعيا كانت المرأة توجد في عمقه، كما ينبغي استحضار في ذات الوقت التقاطعات الثقافية والاجتماعية والدينية والتاريخية التي كانت تعوق السعي نحو تحقيق المساواة قبل المناصفة، ولكن أساسا مكافحة التمييز الذي مورس ضد النساء ، معتبرة أنه إذا تم الاكتفاء بتدبير المسألة على مستوى القانون والنخبة السياسية لن يتم الإصلاح المجتمعي المأمول لأن مشكل المرأة اليوم يرتبط بتفكيك بنية الخضوع في المجتمع .
وأكدت ماء العينين ما تحدث عنه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية من كون الدستور نص مكتوب متقدم ولكنه مفصول بشكل كبير عن واقع لا يحتضنه من حيث النقاش، معتبرة أن هذا القصور مرتبط بالأداء الحكومي والتشريعي ومجموعة من الهيئات التي تمتلك القرار، وكذا التردد المسجل على مستوى الدولة التي يمكن أن تحتضن الإصلاحات الكبرى وعلى رأسها الإصلاح الذي له بعد ثقافي ديمقراطي تحديثي لمجموعة من البنيات داخل المجتمع .
ومن جانبه، أكد النقابي محمد النحيلي عضو ائتلاف المناصفة، أن تحقيق المناصفة وشغل المرأة لمكانها المستحق في المجتمع و في مختلف مستوياته يمر عبر بوابة التنشئة الاجتماعية، مؤكدا على أن على السياسات العمومية يجب أن تعطي الاهتمام الواجب لهذا الأمر.
وأوضح محمد النحيلي أن ” هناك أمور مرتبطة بالمعيار الاجتماعي وشيوع بعض التمثلات الاجتماعية وبعض الأفكار، وقد يتوفر القانون ولكن لا يؤدي المبتغى لكون الأمر يرتبط بثقافة سائدةّ”، معتبرا أن تنزيل المناصفة مرهون بتوفر الإرادة لدى الأحزاب السياسة، للدفع بالسياسات العمومية التي تعد مدخل للتغيير والقطع مع الخلل الذي يعرفه إقرار المناصفة.
من جهتها، اختارت خديجة الكور، عضوة الائتلاف، الحديث عن مبادرة -المناصفة دبا- ، مشيرة إلى أنها تضم فعاليات مدنية وسياسية وثقافية من مختلف المشارب، وهي تعبر عن إرادة النضال عبر الانتقال من الخطاب السياسي إلى مبادرة ترمي إلى تغيير السلوكات.
وأوضحت خديجة الكور أن المناصفة ليس إجراءا بل أفقا له مدخل قيمي لأنه يتأسس في العمق على قيمة المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص بين النساء والرجال، وله مدخل سياسي أيضا لأن معنى المناصفة هو ضمان تعددية ديمقراطية ولا يمكن أن تتحقق التعددية الديمقراطية دون مشاركة متكافئة للنساء والرجال في صنع القرار و في صنع السياسات وتقييمها”.
من جانبها، دعت شرفات أفيلال عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، عضوة الائتلاف من أجل المناصفة دبا، إلى عدم ربط عدم تفعيل المناصفة بفتور الحركة النسائية، قائلة ” في الواقع لا يجب تحميل الحركة النسائية والحقوقية التي تشتغل على قضايا النساء أكثر من طاقتها ، لأنه حينما تندثر شروط الحفاظ على حركة مجتمعية لها امتداد مجتمعي وتصف بنوع من النضج والدينامية يطرأ نوع من الفتور”.
وأضافت موضحة على أنه في فترة معينة فوجئت هذا الحركة حينما رفعت مطالب برفع تمثيلية النساء، بجواب الفاعلين السياسيين والقائمين على الشأن العام بتعيين امرأة واحدة في الحكومة، قائلة” نستحضر اللحظة كصدمة اتجاه عدم التعامل الجدي مع مطالب المناصفة والمساواة ،وهذا أدى إلى نوع من الإحباط “.
ونبهت إلى أن قضية المناصفة حاليا حينما تثار في النقاش المجتمعي تكون مقرونة بجزء الريع، حيث يروج لذلك رأي عام أصبح يسيطر ويهمين على فضاءات التواصل الاجتماعي، وكلما أثير مطلب المناصفة إلا وكان مقرونا بالريع والتمييز اتجاه وجود المرأة في مراكز القرار السياسي أو الانتدابي والانتخابي والإداري، هذا دون الأخذ بعين الاعتبار الكلفة الاقتصادية والاجتماعية في غياب تواجد تمثيلية نسائية أو ضعفها.
فنن العفاني